قوة الاحتجاج تتعاظم فقط من مظاهرة الى مظاهرة

حجم الخط

هآرتس – بقلم نير حسون

لقد مر 11 يوم على المظاهرة الكبرى الاولى امام بلفور ومنذ المعتقلين الأوائل واطلاق خراطيم المياه الاولى. في هذه الـ 11 يوم يمكن أن نحصي على الاقل ثماني مظاهرات كبرى أمام بلفور وفي محيط منزل رئيس الحكومة، كل واحدة منها أكبر من سابقتها. أمس في الساعة التاسعة والنصف مساء كان ميدان باريس مليء تماما مع تواجد ليس أقل من عشرة آلاف متظاهر. ايضا عدد المعتقلين ارتفع بسرعة في هذه الايام، حيث اعتقل في يوم الخميس 55 شخصا. وفي مظاهرة أمس اعتقل 11 متظاهرا.

​حركة الاحتجاج هذه تدين بالفضل للشرطة وبلدية القدس، وبشكل خاص نائب رئيس البلدية آريه كينغ. المظاهرات في بلفور جاءت من داخل خيمة “احتجاج الكراسي” التي اقامها امير هيسكل قبل نحو شهرين. وقد كان هذا الاحتجاج خفيف الى أن تم اعتقال هيسكل في احدى المظاهرات في يوم الجمعة. القائد الميداني اعتقله بادعاء مشوش بشأن اغلاق الشوارع، في الوقت الذي كان فيه هيسكل يقف على الرصيف.

​إن رفض هيسكل التوقيع على اطلاق سراحه شريطة أن يبتعد عن منزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وحقيقة أنه بقي قيد الاعتقال في نهاية الاسبوع، كانا المحرك الذي جذب الآلاف الى الميدان في يوم السبت التالي. الدفعة القادمة اعطتها بلدية القدس عندما قررت، بتشجيع من كينغ، أن تقتحم مرتين الخيمة من اجل مصادرة أدوات. وبالنسبة لكثير من المتظاهرين الشباب كان هذا اهانة زائدة.

​في اللحظة الصحيحة بالضبط، حركتها ايضا الموجة الثانية للكورونا التي تبعث على اليأس والضائقة الاقتصادية المتزايدة وخيبة الأمل من خيانة السياسيين من الوسط. وقد عزز المتظاهرون ادارة نتنياهو للازمة في الوقت الذي هو متهم فيه بمخالفات جنائية، والمقولة الصادمة للوزير تساحي هنغبي الذي وصف الضائقة بـ “كلام فارغ”.

​المتظاهرون المقدسيون سيذكرون ايضا قتل اياد الحلاق كعامل محرك. وسكان تل ابيب سيتحدثون أكثر عن انهيار المجال الثقافي. وعلى أي حال، جمهور متزايد في اسرائيل يشعر فجأة بأن هذا الاحتجاج يعنيهم. وخلافا لاحتجاج 2011 فان لهذه المظاهرات هدف واحد واضح جدا وهو اسقاط نتنياهو. في هذه الاثناء، كما قلنا، المظاهرات تستمر في الازدياد وقوات جديدة تظهر في الميدان: فنانون ومستقلون ومثليون وشيوعيون وحركة هشومير هتسعير ونشطاء التمرد وغيرهم.

​مع مرور الوقت أخذ المتظاهرون ايقاعهم الخاص بهم. فقد بدأت المظاهرات بتجمعات مكتظة قرب الحواجز الكثيرة ووصولا الى منزل رئيس الحكومة. الحواجز التي نشرت في بداية المظاهرة الثانية هي حواجز من الصفيح الذي لا يستطيع الجمهور تحريكه. وعيبها، حسب رأي الشرطة وسكان المنزل، هو أن أي ركلة لها أو ضرب عليها يحدثان ضجة كبيرة. هكذا الجزء الاول من المظاهرة هو كونسيرتو من الضربات والصدامات هي قريبة جدا من المنزل.

​في المرحلة الثانية حيث الشارع الذي يؤدي الى الحواجز اصبح مليئا، يتسرب المتظاهرون الى ميدان باريس. في البداية حاولت الشرطة الحفاظ على الميدان فارغ وحاربت من اجل منع المتظاهرين من النزول عن الارصفة، لكن كان يكفي لمظاهرة أو مظاهرتين من اجل تنازل الشرطة عن ذلك. والآن هي تقوم بنشر الحواجز حول جميع الميدان مسبقا. المحاور الرئيسية الى مركز القدس تم اغلاقها 3 – 4 مرات في الاسبوع، والميدان يمتليء بسرعة بواسطة عمليات نقل تأتي من تل ابيب. هذه ايضا هي المرحلة التي فيها تراكم المظاهرة الطاقة. احيانا يجتمعون لالقاء الخطابات واحيانا للقيام بنشاطات اخرى – دوائر للغناء أو التأمل، عروض ورقص. أحدهم يشعل البخور وآخر يخرج النار من فمه. في المظاهرات الاخيرة كان هناك ايضا نساء عبرن عن السرور بواسطة التعري.

​الكثيرون يميلون الى الاستخفاف بهذه العروض، وكأن الامر يتعلق بنوع من احتفالات البومبيلي، غير السياسية وغير الضارة. ولكن بعد 11 ليلة – حيث في حينه دخل الى حيز التنفيذ قانون الضجة – تبين الطابع الحقيقي للمظاهرة. عندها أيضا بدأت المواجهة الاولى مع رجال الشرطة.

​في المظاهرات الاخيرة صادر رجال الشرطة أدوات تصدر الاصوات، احيانا بالقوة، من اجل اسكات المظاهرة. ورغم ذلك، اظهروا على الاغلب التسامح وسمحوا للمتظاهرين بمواصلة احتلال الميدان. بعد ذلك، في منتصف الليل تقريبا، تبدأ مرحلة التفريق. في البداية تعلن الشرطة أن المظاهرة هي مظاهرة غير قانونية وتهدد باستخدام القوة. وعندما لا يساعد ذلك – وهو لم يساعد في أي وقت – تبدأ الشرطة في استخدام خراطيم المياه والخيول لاخلاء الميدان وتقسيم المحتجين الى مجموعات صغيرة بقدر الامكان.

​رجال الشرطة يحاولون ايضا العثور على رؤساء المظاهرة واعتقالهم، لكن يبدو أن معظم المعتقلين تم القاء القبض عليهم بشكل عشوائي. مرحلة التفريق تستمر لفترة طويلة وتمتد الى جميع الشوارع المحيطة. قوة المظاهرة في حجمها، وعندما تتفرق الى مجموعات صغيرة فان الطاقة تضعف والكثيرون يغادرون حتى الجولة القادمة. في هذه الاثناء، من جولة الى اخرى، قوة المظاهرات تزداد. وهذه أنباء سيئة لسكان بلفور.