لبنان وحزب الله… بين فخ الطائفية الجديدة وصورة نصر الله على مشنقة في بيروت

حجم الخط

بقلم: ايال زيسر – إسرائيل اليوم 

 

شهدت مدينة بيروت مظاهرات عديدة، بدءاً بمؤيدي حزب الله الذين يهتفون لزعيمهم حسن نصر الله الداعي إلى إبادة إسرائيل، عبر جموع اللبنانيين الذين يبكون مقتل رئيس وزرائهم رفيق الحريري في ربيع 2005، وانتهاء بالشتاء الأخير، قبل انفجار أزمة كورونا، بالشبان اللبنانيين الذين يحتجون على الضائقة الاقتصادية التي علقت فيها الدولة ويطالبون بالإصلاح والتغيير.

ولكن ثمة شك في أن تكون بيروت رأت مظاهرة جديرة ومبررة مثل تلك التي جرت أمس واشتعل فيها هتاف “أيها الفاسدون مللناكم”، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار في ميناء بيروت الذي أوقع كارثة بالمدينة وبسكانها.

علم من بيروت أن الحكومة سارعت إلى اعتقال مدير المرفأ وبعض مساعديه، ولكن المتظاهرين لن يكتفوا بذلك، ويطالبون بمحاسبة  كل زعماء الدولة، تلك النخبة الفاسدة العفنة كلها، التي تتحكم بلبنان منذ الأزل.

وينضم مع أولئك أيضاً تنظيم حزب الله، وأولاً وقبل كل شيء زعيمه حسن نصر الله. يجلس ممثلوه في الحكومة منذ عقدين، يتحكمون بحقائب ذات أهمية ووزن، والآن يتجرأ نصر الله على الادعاء بأنه لم يعرف ولم يرَ شيئاً. في خطابه يوم الجمعة، حاول نصر الله حرف النقاش عن مرفأ بيروت نحو ميناء حيفا. ولكن اللبنانيين، حتى الذين هم من أبناء طائفته، لا تهمهم إسرائيل على الإطلاق، وما يهمهم هو حياتهم ومستقبلهم اللذان أصبحا، بفضل نصر الله وصحبته، لا يطاقان وموضع خطر.

لا غرو أن قناة “المنار” التابعة لحزب الله، لم تبلغ عن المظاهرات، وهذا دليل آخر على “مصداقية” التنظيم ورئيسه، اللذين يطيب لإسرائيل جداً تمجيدهما وامتداحهما. أما قناة “الميادين”، وهي قناة أخرى يسيطر عليها حزب الله، فبلغ بأن اللوبي الصهيوني في واشنطن هو الذي يقف خلف المظاهرات في بيروت. ولا غرو أن رجال حزب الله حاولوا تفريق المتظاهرين بالقوة، بل كان هناك من فتح عليهم النار. ومع ذلك، ليس لهذا الاحتجاج العفوي قادة أو قوة منظمة بائدة، وليس له أيضاً هدف محدد باستثناء شعار إسقاط الفاسدين وتغيير النظام. من الصعب إذن الافتراض بأن ما فشل متظاهرو لبنان في تحقيقه في المرات السابقة سينجحون فيه الآن.

يلقي السياسيون اللبنانيون بجوكرهم الدائم أمام المتظاهرين: استقالة الحكومة والدعوة إلى انتخابات. يعرفون بأنهم سيعودون بعد الانتخابات أقوى إلى مواقع القوة التي لديهم. فلبنان بعد كل شيء، مجتمع طائفي وقبلي منقسم ومنشق. ومع أن الاحتجاج ذو وجه قطاعي، فالنخبتان المسيحية والسُنية في بيروت لا يشاركانها الدروز في جبل لبنان أو الشيعة في بقاع لبنان والجنوب، فلهؤلاء بطن مليئة على نصر الله، ولكنهم سيواصلون تأييده في يوم الأمر بشكل لا مفر منه ولانعدام البديل.

ومع ذلك، لا ينبغي الاستخفاف بصورة نصر الله على عمود مشنقة في شوارع بيروت. فهل هذه بداية النهاية؟ من الصعب معرفة ذلك، ولكنها بالتأكيد ستكون نهاية أسطورة درع لبنان، وأسطورة السياسي الذكي الذي لا يهزم. وفي كل الأحوال، ثمة ما يجعل نصر الله كياناً مصاباً وجريحاً، وضعفه قد يمس بتفكيره.