تفاؤل حذر: الضائقة الاقتصادية ستخضع حماس

حجم الخط

إسرائيل اليوم– بقلم يوآف ليمور

بعد سلسلة من الايام الصعبة، سمع أمس لاول مرة تفاؤل حذر في الجانب الاسرائيلي بانه سيكون ممكنا الوصول الى تهدئة في الساحة الجنوبية المشتعلة.

​هذا التفاؤل (الحذر، قلنا) يعتمد على سببين اساسيين: وصول وفد امني مصري للمحادثات، والهبوط النسبي في عدد البالونات الحارقة التي اطلقت امس. للسبب الثاني يجب التعاطي بشك حتى الان وفحصه وفقا لسلسلة الايام قبل أن يكون ممكنا القول انه ميل، ولكن الوقفة المصرية عظيمة المعنى على خلفية تجربتهم طويلة السنين في تهدئة الخواطر بين الطرفين. ومكث الوفد المصري في رام الله أمس لاجراء محادثات مع السلطة الفلسطينية، ومن المتوقع له أن يواصل طريقه الى غزة في محاولة لتخفيض مستوى اللهيب بين اسرائيل وحماس.  

​في المداولات الداخلية التي اجريت في الايام الاخيرة، في جهاز الامن كانت محافل التقدير متفقة في الرأي بان حماس ليس لها مصلحة في تصعيد واسع في الجبهة. والاحداث الاخيرة هي في الاساس نتيجة للضائقة الاقتصادية في غزة، وبعض من جهود حماس للتغلب عليها، جزئيا على الاقل.  فالتنظيم معني – الى جانب ضمان استمرار التمويل القطري لاطول فترة ممكنة، باستئناف سلسلة من المشاريع المدنية، في محاولة لجلب بشرى لسكان القطاع، كما أنه معني بان يجتذب اليه من جديد اهتمام الاسرة الدولية، الذي انتقل الى لبنان في اعقاب المصيبة في بيروت.

​في اسرائيل مستعدون لان يتجاوبوا مع حماس في هذا الموضوع، ولكن فقط بعد ان يتوقف تماما اطلاق البالونات الحارقة من غزة. كجزء من المحاولة للبث لحماس اثمان الربح والخسارة، شددت اسرائيل جدا في الاونة الاخيرة الضغط العسكري والاقتصادي الذي تمارسه على القطاع. في هذا الاطار اغار سلاح الجو في الليالي الاخيرة على عدة اهداف في غزة (ضمن امور اخرى ردا على اطلاق الصواريخ نحو سديروت اول أمس). وأسوأ من ناحية الفلسطينيين – اغلقت اسرائيل معبر البضائع في كرم سالم، منعت تماما الصيد وقلصت كمية الوقود التي تنقل الى غزة.

​تؤثر هذه الخطوات بشكل مباشر على سكان القطاع، ومن خلالهم على حماس. فمعنى وقود أقل هو ساعات كهرباء اقل، ومعنى بضائع اقل هو نشاط اقتصادي اقل، ومعنى صيد اقل هو ضائقة حقيقية في الشارع الغزي. مشكوك أن يكون بوسع حماس ان تصمد امام هذا الضغط الداخلي على مدى الزمن؛ على هذا بالضبط يعولون في اسرائيل بأمل أن تأمر حماس بوقف اطلاق البالونات، الامر الذي يسمح بعودة الهدوء والحياة الطبيعية في الغلاف.

​غير أنه حتى لو نجح المصريون مرة اخرى بالجسر بين الطرفين، فهذه ستكون توافقات هشة ومؤقتة. اسرائيل تشترط كل تقدم الى تفاهمات بعيدة المدى بحل مسألة الاسرى والمفقودين. وتشكك المحافل ذات الصلة بالموضوع في أن يكون الامر ممكنا الان، على خلفية المطالب العالية التي طرحتها حماس، والتي لا تنوي اسرائيل الاستجابة لها. والتقدم لن يكون ممكنا الا اذا ابدت حماس “مرونة كبيرة” على حد قولهم.

​في هذه الاثناء  يتركز الجهد الاسرائيلي على تحقيق الهدوء في الغلاف. فالضرر الذي تلحقه الحرائق وان كان قليلا بالنسبة لذاك الذي وقع في صيف 2018، الا انه محظور الاستخفاف بوقعه المعنوي على السكان الذين يسكنون في المنطقة. وكما هو الحال دوما، فانهم يبدون حصانة وقدرة صمود عظيمة، ولكن كان يجدر بالدولة ان تتوافق معهم في جملة مواضيع مدنية تشغل بالهم – من توسيع طريق 232 وحتى الغاء المطلب المغيظ في ان يمول المزارعون في المنطقة تمديد انبوب المياه الجديد هناك – فتعزز صمودهم استعدادا للجولات التالية التي لا بد ستأتي في الجبهة.