"الوحدة المهرجانية"..."القسمة الميدانية"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

كان مثيرا جدا أن "تتوافق" فصائل العمل الوطني الفلسطيني على تحديد يوم مهرجاني مشترك في الضفة وقطاع رفضا لـ "الحدث الإماراتي"، تعبيرا عن الغضب الفصائلي، وكان ملفتا أن كلا الفعاليتين خالية من الحضور الشعبي، رغم ان الأصل أن يكون خلافا لذلك.

وبعيدا عن غياب الجماهير، بصفتها محرك كل فعل، فما كان لافتا الاندفاعة اللغوية جدا للتعبير عن "وحدة الموقف الفصائلي" ضد خطوة التطبيع، وتكاد الكلمات ذاتها تترد، وذهب بعضهم الى اعتبار أنه لا فرق بين مواقف حماس وفتح، وما يجمعهم أكثر كثيرا مما يفرقهم.

من حيث المنطق، نعم قاعدة بيانات الوحدة الوطنية تفوق كثيرا قاعدة بيانات "القسمة الوطنية"، ورغم ذلك ما هو منتصر منذ 14 عاما القليل القليل، وأصبح قاعدة مركزية للمشهد الفلسطيني، مع كل ما يقال في مناسبات من "حرص" فصائلي، على القيمة الكبرى لطرد الانقسام.

التفاعلية الكلامية بعد خطوة التطبيع الإماراتية خلقت "آلية" فصائلية لعقد مهرجانات وفعاليات متسارعة متعددة الأشكال، رغم انها غابت تلك "الحركة النشطة" عن مواجهة مشروع التهويد، بذرائع مختلفة، ولم تشهد مدن الضفة منذ أشهر حراكا يمكنه أن يمنح الفعل الفلسطيني قوة ردع للمشروع المعادي، مع أنه أصل الرواية.

لو أن الجدية هي التي ستبقى وفقا لما تم الحديث اليه، خلال "الوحدة المهرجانية"، يجب أن ينتقل الأمر سريعا الى تحديد فعاليات مشتركة ميدانية لتجسيد وحدة عمل نحو "أهداف محددة" قاعدتها مواجهة التهويد بكل مظاهره، ورفضا لأي خطوات تضعف تلك المواجهة، وأن تكون أداة القياس واحدة.

والسؤال المركزي، لماذا لا تذهب فتح وتحالفها وحماس وتحالفها الى الانتقال من "الوحدة المهرجانية" التي بدأت في قمتها السياسية، الى حد "التطابق"، الى "الوحدة الميدانية" الفاقدة لكل أسسها، فالأصل وحدة العمل وليس وحدة الكلام، كي تبدأ حركة الردع الوطني تسير في طريقها الذي ضل مساره منذ ما بعد اغتيال الخالد المؤسس الشهيد أبو عمار.

رسائل "المهرجانات" جيدة في رفض أي خطوة لا تستقيم ومشروعنا الوطني، ولكنها ستصبح أكثر سلبية بل وضارة جدا لو انها انحسرت في فعالية ما ضد خطوة ما، ثم تنتهي وكأن الأمر لغاية سياسية ما، وليس منتجا وطنيا لبلورة قاعدة بيانات شاملة نحو مستقبل عمل مشترك، رغم ما يمكن أن يكون صعوبة هنا وعسرا هناك.

أن يتم الإشارة الى عناصر "الوحدة" أكثر كثيرا من الفرقة، ثم ينتهي الأمر بانتصار الفرقة وهزيمة الوحدة، رسالة غاية في السلبية للشعب الفلسطيني، بل قد تكون رسالة "انكسار وطني"، بأن الأمر لا يعدو سوى كلام في كلام لغاية مهرجانية نكاية في حدث، وليس لبناء قوة تكون أداة لهزيمة المشروع المعادي، الذي يهدد كل أركان مشروعنا الوطني، والأهداف التي انطلقت من أجلها الثورة الفلسطينية المعاصرة، وما حققته من إنجازات تاريخية على مدار انطلاقتها ومسارها، حتى باتت دولة فلسطين عضوا رسميا مراقبا في الأمم المتحدة، لكنها لا زالت في "غرفة الانتظار الرسمي الفلسطيني" لتنتقل من إمكانية الى واقع

المؤشرات التي خرجت من "مهرجاني رفض التطبيع"، بعيدا عما تريد قواه، وحقيقة أنها من قوى التطبيع أو ترتبط بقواه، تؤكد أن بالإمكان أن يكون الأمر أفضل مما كان، وما تم الإشارة اليه عن رغبة لقاء قيادة الفصائل كافة، فلما لا يحدد زمنا ومكانا له، وهل يحتاج مثل ذلك "اللقاء" حوارات جديدة لوضع " ترتيباته"، أم يبقى "وعدا" مضافا كما وعود سبقت، لم تر النور مع فتح باب نقاش تفاصيل ما، أجهضت "مهرجانا خاصا" في قطاع غزة، برعاية الرئيس عباس ومشاركة القوى كافة، فأصبح الإجراء هو الحاكم للسياسة، ما أدى لطي صفحته.

لماذا لا يعلن رسميا تحديد موعد ومكان "اللقاء الوطني العام"، ماذا ننتظر ما دام الكل متفق أنه بوابة الضرورة نحو الخروج من نفق ظلامي طال أمده كثيرا، لو حقا هناك رغبة بذلك، ويمكن له أن يتم خلال 24 ساعة، ولا زالت غزة هي المكان الأنسب له وطنيا وقيمة سياسية، ويمكن لحماس أن تتعهد لفتح في رسالة "خاصة" رسمية بأنها ستتخلى كليا عن المهام التنفيذية في قطاع غزة بعد صياغة خطة العمل المشترك في اللقاء الوطني.

لذا بدلا من التفكير في مهرجان كلامي جديد، لنذهب الى فعل ميداني حقيقي، وليكن البدء من لقاء قيادي أو ما يعرف إعلاميا بـ "الإطار القيادي المشترك"، ومع كل وقت يمر دون ذلك يصبح الأمر ليس سوى "كلام فض مجالس"...وعندها الخسارة السياسية مضاعفة بفقدان قوة الردع وقبلها فقدان ثقة الشعب...

لا وقت للمناكفة الوطنية بل هو وقت المبادرة الوطنية فعلا وقولا لو حقا ان فلسطين هي الهدف!

ملاحظة: أعلن العمادي، قناة الاتصال القطرية بين حماس والأمن الإسرائيلي، انه اتصل بكافة الأطراف من أجل تقديم "المساعدة لغزة"... ليش ممثلي السلطة ما زعلوا أنه اتصل من وراهم مع ممثلي نتنياهو...شو القصة شباب!

تنويه خاص: يقول أحدهم لن نسمح باستمرار الحصار على قطاع غزة...طيب حسب كلامكم الحصار مفروض من سنوات مين منعكم تكسروه...هو الحصار محصور فقط بالحقيبة المالية أم بغيرها...فهمونا أو سمعونا سكوتكم!