في ذروة أزمة الكورونا في شرقي القدس، البلدية تسرع فقط هدم المنازل

حجم الخط

هآرتس – بقلم نير حسون

بلدية القدس زادت جدا مؤخرا هدم المنازل التي بنيت بدون ترخيص في شرقي القدس. ورغم معدل الاصابة المرتفع بالكورونا والازمة الاقتصادية إلا أن سنة 2020 تتميز بأنها سنة ذروة في هدم المنازل في شرقي القدس. هذا رغم أنه في الموجة الاولى من الوباء لم تنفذ عملية هدم للمنازل طوال شهرين بسبب وضع الطواريء.

​منذ بداية العام هدمت بلدية القدس 89 وحدة سكنية بنيت بدون ترخيص. هذا مقارنة مع 104 وحدات في العام 2019 و72 وحدة في 2018 و86 وحدة في 2017. ايضا في الثلاثة اسابيع الاولى من شهر آب فقط هدم 24 بيت. وحسب البيانات التي جمعتها جمعية مدينة الشعوب فان شهر آب يتوقع أن يكون شهر الذروة في هدم المنازل في شرقي القدس منذ سنوات كثيرة. هذا على الرغم أنه في الموجة الثانية من وباء الكورونا سجل معدل الاصابة الاعلى في الاحياء الفلسطينية.​معظم عمليات الهدم نفذت من قبل السكان انفسهم من اجل الامتناع عن دفع التكاليف المالية الكبيرة المقرونة بعملية الهدم من قبل البلدية. عائلات كثيرة ارادت التأجيل بسبب الوضع الاقتصادي والخوف من الاصابة بسبب تفشي الوباء في احياء المدينة، تم رفض طلبها من قبل المكتب القانوني في بلدية القدس وعن طريق المحكمة.

​عائلة عبدو، والدان واربعة اولاد اعمارهم من 10 حتى 20 سنة، تعيش في بيت يتكون من طابق واحد صغير في طرف حي جبل المكبر. البيت بناه الأب فواز عبدو قبل خمس سنوات بدون رخصة بناء، بعد أن عرف أن تقديم طلب رخصة كهذه هو تقريبا مهمة مستحيلة. في حي شرقي القدس هناك نقص شديد في الخطط الهيكلية الحديثة وفي البنى التحتية، الى جانب مشاكل كثيرة في تسجيل الاراضي – وضع تقريبا لا يسمح بالبناء القانوني.

​قبل نحو سنة ونصف تلقى عبدو أمر هدم لمنزله. كل طلباته من محكمة الشؤون المحلية والمحكمة المركزية رفضت، رغم أن البيت موجود في طرف الحي على بعد امتار من منطقة مخصصة للسكن ضمن المخططات المستقبلية. في هذه الاثناء عبدو اقيل من عمله في فندق بسبب انهيار فرع السياحة في القدس، والعائلة وجدت نفسها في ازمة اقتصادية شديدة. مؤخرا توجه ابناء العائلة ومحاميهم، مهند جبارة، الى المستشار القانوني في بلدية القدس، حاييم نركسي، ورئيس البلدية موشيه ليون، ورئيس الدولة رؤوبين ريفلين والى شخصيات كثيرة اخرى. كل طلباتهم لتأجيل الهدم، ولو حتى يجد رب العائلة عمل جديد، تم رفضها. في يوم الخميس وصل الى المكان رجال شرطة لفحص المنطقة قبل الهدم المتوقع القيام به في الايام القريبة القادمة. ابناء العائلة جمعوا ملابسهم واغراضهم. “قالوا لي إنهم سيعطونني عشرين دقيقة لاخلاء الممتلكات، عندها على الاقل سيبقى لنا القليل من الملابس”، قال عبدو.

​“لم يعد هناك اطمئنان”، قالت فريال عبدو، الوالدة. “أنا استيقظ اربع – خمس مرات في الليل، ليس لدينا مكان آخر. سنقيم هنا خيمة وسنبقى هنا بدون كهرباء وبدون انترنت”. الامر الذي يقلقها اكثر من أي شيء آخر هو حقيقة أنه بدون بيت اولادها لن يتمكنوا من التعلم، حيث أن معظم التعليم . الآن يتم عبر “زوم”. “كل ضجة تحدثها جرافة مارة تجعلني أفكر واقول ها هم قادمون”، اضاف زوجها. في حين المحامي جبارة كتب للمستشار القانوني نركسي: “البيت يشكل المأوى الوحيد، وهكذا فان هدمه سيقود الى وضع فيه الوالدان واولادهم الصغار سيتحولون الى سكان شوارع في هذه الفترة القاسية، التي ينتشر فيها وباء الكورونا”.

​تأثير قانون كمنتس

​في فترة الموجة الاولى للكورونا امتنعت بلدية القدس عن هدم المنازل بسبب اعتبار الوضع وضع طواريء. هذا رغم أن مستوى الاصابة في شرقي المدينة في الموجة الاولى كان منخفضا جدا. ولكن وضع الطواريء الغي في شهر أيار وعمليات الهدم تجددت بصورة أشد الى درجة أنه تقريبا كل يوم يتم فيه هدم منازل في شرقي القدس. اليوم يوجد نحو 2000 مريض في شرقي القدس ويضاف اليهم العشرات كل يوم. اضافة الى ذلك، الازمة الاقتصادية اصابت بصورة شديدة بشكل خاص شرقي القدس لأن الكثير من السكان يعملون في مجال السياحة والتمريض.

​أحد التفسيرات للارتفاع الحاد في هدم المنازل هو دخول قانون كمنتس الى حيز التنفيذ. القانون هو تعديل لقانون التخطيط والبناء الذي يشدد جدا على مخالفي البناء ويقيد المحاكم في اعطاء التمديدات على هدم المنازل. القانون دخل الى حيز التنفيذ في تشرين الاول 2017، حينها تم البدء بتقديم لوائح الاتهام التي ينطبق عليها القانون. وحسب القانون، المحكمة غير مخولة بتأجيل تطبيق أمر الهدم اكثر من سنة.

​في الاشهر الاخيرة رفضت المحاكم عشرات طلبات تأجيل الهدم على هذه الخلفية. وحسب تقديرات المحامي جبارة فانه في الاشهر القريبة القادمة ستكون هناك موجة من مئات عمليات الهدم بسبب تغيير القانون. معظم عمليات الهدم تتم على أيدي السكان انفسهم من اجل الامتناع عن دفع تكاليف مقابل هدم المنزل من قبل البلدية، التي تبلغ 120 ألف شيكل تقريبا. هذا اضافة الى الغرامات العادية التي يجب دفعها بسبب البناء غير القانوني.

​اياد أبو صبيح، من حي سلوان، هدم بنفسه البيت الذي سكن فيه في السنوات الثلاثة الاخيرة. في البيت سكن 10 اشخاص: 6 اولاد ابناء 4 – 10 سنوات، والزوجين والجدين. منذ الهدم قبل ثلاثة اسابيع انتقل ابناء العائلة للسكن في خيمة مرتجلة بنيت في حديقة عامة قرب المنزل المهدوم. في الاسبوع الماضي نشر أبو صبيح منشور في الفيس بوك اثار صدى كبير وفيه عرض أن يبيع اولاده من اجل أن يجد لهم مأوى. “نحن في الشارع ولا أحد يساعدنا. نشرت هذا من اجل أن يقوم أحد بمساعدتنا”، شرح أبو صبيح.

​خطوة غير انسانية

​عضوة مجلس البلدية، لورا فارتون (ميرتس) هاجمت ليون في موضوع هدم المنازل، رغم أنها جزء من ائتلاف رئيس البلدية. وحسب قولها، في عهد رئيس البلدية السابق نير بركات حاولت البلدية عدم هدم منازل مأهولة بعائلات ليس لديها حل سكني آخر. ولكن الآن التوجه تغير. “الخطوة الآن هي غير انسانية”، كتبت فارتون لوزير العدل آفي نسكورن وطلبت تدخله الفوري لوقف الهدم. “توجه لي والدان لاطفال، اللذين تمت اقالتهما أو ارسلا الى اجازة، واللذان تلقيا أمر هدم سيتم تنفيذه في الايام القريبة. ليس لديهما راتب من خلاله يمكنهم استئجار شقق في مكان بديل، وسيتم رميهم في الشارع”.

​فارتون تقترح التمييز بين الحالات المختلفة من مخالفات البناء. “هناك فرق بين عائلة تبني بيت من اجل توفير مأوى لاطفالها وبين من يبني بيوت للاستثمار التجاري من اجل الربح أو الطمع. “يوجد فرق كبير بين من يبني بدون ترخيص ويزعج الجيران وبين من يبني بيت لا يزعج سوى نظر المراقبين”.

​“طالما أن الازمة مستمرة يجب على الدولة تجميد هدم المنازل”، قال آفي تترسكي، الباحث في جمعية “عير عاميم”. “هذا قرار مطلوب سواء من ناحية انسانية أو من اجل السبب الواضح المتمثل في أن انتشار الكورونا في شرقي القدس يؤثر على كل المدينة. سكان شرقي القدس يضطرون الى البناء بدون ترخيص لأن البلدية ووزارة الداخلية ترفضان الموافقة على مخططات هيكلية في احيائهم. في هذا الوضع فان قانون كمنتس والتشديد في انفاذ القانون الذي نتج عن ذلك هو انعدام متوحش للعدالة. لا يمكن حرمان آلاف الاشخاص من المأوى بدون ذنب وبدون اعطائهم حل”.

​وجاء من بلدية القدس ردا على ذلك: “اوامر الهدم تنفذ طبقا لقرارات المحكمة. منذ بداية السنة نفذ في شرقي القدس وغربها عدد من اوامر الهدم، عدد منها على أيدي البلدية، وفي عدد من الحالات هدم السكان بصورة ذاتية الاجزاء التي لم تحصل على ترخيص، طبقا لاوامر المحكمة”.

******

معاريف – بقلم  بن كسبيت – التدفق مع الاكاذيب

معاريف – بقلم  بن كسبيت – 24/8/2020

“ نعتاد، نتكيف، نتدفق مع الزعيم الذي لا يخجل، المرة تلو الاخرى، من ان يقف أمام كاميرات التلفزيون، التي تواصل الاستسلام له في ظل تبطل ليس مفهوما – ويكذب “.

​أجرى بنيامين نتنياهو أمس كمينا لازرق أبيض. فهو لا يوافق على اقرار نظام  الحكومة. لا يوافق على سد الثغرة  التي تتيح له الخروج الى انتخابات في اذار 2021 (اذا لم تقر الميزانية القادمة).  وهو في واقع الامر لا يوافق على أي شيء باستثناء تأجيل الازمة، التي ستسمح له بعد ثلاثة اشهر  للفرار من الاتفاقات التي وقع عليها.  وهو في واقع الامر مزق الاتفاق الائتلافي إربا والقى به في سلة القمامة.

مشكلة أزرق أبيض بسيطة: فقد وصلوا الى هذه الحرب بلا ذخيرة. معظم الاحتمالات هي الا يتمكنوا من منع إقرار تسوية “هاوزر – هيندل” اليوم.  وحتى لو تمكنوا، مشكوك أن ينجحوا في اقناع الجمهور ليفهم لماذا عارضوا التسوية. وهم سيعتبرون كمن جرونا الى الانتخابات الرابعة، وهذا لن  يضيف لهم مقاعد.  وهم سيضطرون الى قبول الحسم اليوم، والبقاء في الحكومة وتنغيص حياة نتنياهو من الداخل.

في هذه الاثناء  نتنياهو  نفسه وقف امس  وكذب بلا  خجل.  احد لم يتأثر. مذيعو ومحللو التلفزيون لم يقطعوا البث. احد لم يقل “ستوب، لماذا يُسمح لهذا الرجل بان يكذب بالبث الحي والمباشر في التلفزيون؟”. بالعكس. اعتدنا.  حين عدنا الى الاستديوهات، سجل الابتسامات.  هكذا يبدو الضفدع المتجمد بردا بعد أن اعتاد على درجة الحرارة. نعتاد، نتكيف، نتدفق مع الزعيم  الذي لا يخجل، المرة تلو الاخرى، من ان يقف أمام كاميرات التلفزيون، التي تواصل الاستسلام له في  ظل  تبطل ليس  مفهوما – ويكذب.

غني عن اللزوم  تحليل اكاذيبه امس.  فلنركز على اللغز الذي يسهل حله: فقد اشتكى من أنه لا يمكن  العمل هكذا، مع “حكومة في داخل حكومة” ومع حقيقة أن وزراء أزرق أبيض يتحدثون ضد رئيس  الوزراء!! أحقا، يا لهم من وقحين. ولم ينته من الشكوى من ذلك حتى شرع بهجوم كاذب، شرير، مقيت،  على وزير العدل لديه: “الان اكتشفنا امرا مذهلا”، كشف نتنياهو، “في أنه عشية تعيينه في منصب وزير العدل، اغلق له المستشار القانوني ملفا كان له في الشرطة. يفتحون من تحت الطاولة، يغلقون من تحت الطاولة. لماذا لم يرووا للجمهور انهم اغلقوا لنيسنكورن الملف؟ لماذا؟”.

فها هو الجواب يا سيد نتنياهو: لم يغلقوا لنيسنكورن  ابدا اي ملف. لم يفتحوا لنيسنكورن ابدا أي ملف. لم يفعلوا هذا ابدا “من تحت الطاولة”. هذه  اسطورة، هذه شكوى رفعت ضد  هيئة انتخابات نيسنكورن في  الهستدروت قبل ثلاث سنوات، في اثناء حملة الانتخابات للهستدروت. الشكوى نشرت، الشرطة فحصت وبعد وقت قصير  من ذلك اعلنت بانه لا يوجد ما يبرر  فتح التحقيق.  لا ضد نيسنكورن ولا  ضد هيئته. بمعنىان  كل الاسطورة التي تعصف بها في وجه وزير العدل لديك وفي وجوه مواطنيك هي كذبة.  انت تعرف أن هذه كذبة. يوجد احتمال لا بأس به بان تكون أنت نفسك، او مبعوثوك،  تقفون خلف الكذبة. ولكن هذا لا يمنعك من ان تدوي بـكذبة وتشكو لماذا نحن (لا نجري تحقيقات ولا نقدم تحليلات) حول هذه الـكذبة.

لا افهمك يا سيد نتنياهو. ألا تحصي أبواقك في وسائل الاعلام؟  ألا تشاهد القناة 20؟ ألا تستمع  لابواقك التي سيطرت على قناة الجيش؟ ألا تستمع لارال سيغال، الذي وافق على ان يرفع هذه الكذبة من المجاري بعد أن تخلى امير ايبكي من صوت الجيش عنها؟ كل الاشخاص المتفانين اولئك الذين يكررون الكذبة صبح مساء، غير موجودين في نظرك؟ اين الاعتراف بالجميل؟

في السطر الاخير، لم يخرج نتنياهو الى هذه المغامرة لانه كان مقتنعا بان سيطوي أزرق أبيض كمروحة يابانية. في نهاية اليوم، نجح. وقف أزرق أبيض امامه، ولكن بمخازن ذخيرة فارغة. ما كان يمكن لازرق أبيض ألا ان يلوم نفسه، سذاجته والصياغات الملتوية للاتفاق الائتلافي. ليس لبيني غانتس ما يخسره، ولكن في هذه الجولة عليه أن يمسح البصقة عن وجهه ويواصل الى الامام.  وحتى عندما ينظر الى شريكه، الذين وعد امس فقط بانه سينفذ كل تفاصيل الاتفاقا “دون احابيل ودون آلاعيب”  يكذب للجمهور بدم بارد في التلفزيون.  ذات التلفزيون الذي يواصل،  المرة تلو الاخرى منحه زمن  البث  الاكثر شعبية وغلاء، كي  يسميه بعد ذلك “الجزيرة” ويبعث بـ “العقيلة” لمقابلة اخرى بكاءة في ذات المكان، وهلمجرا.