اتفاق مع الامارات ؟ هكذا من المؤكد أن تبقى اسرائيل نبتة غريبة في الشرق الاوسط

حجم الخط

هآرتس – بقلم عودة بشارات

بدلا من أن تفكر قيادة الدولة بمكانة اسرائيل في الشرق الاوسط ومساهمتها في استقراره وازدهاره؛ بدلا من أن تكون عامل تصالحي، الذي يدعو ويعمل من اجل وحدة الشعوب والتأكيد على المصالح المشتركة لخلق شرق اوسط موحد، يجلب الازدهار للجميع؛ وبدلا من أن تشرح بأن التقسيم الطائفي والقومي هو كارثة على مستقبل المنطقة؛ وبدلا من التعلم من تاريخ اوروبا بأنه فقط علاقات جيدة بين الشعوب جلبت لها الازدهار في حين أن النزاعات الداخلية جلبت فقط لها المعاناة، ولكل العالم، في حربين عالميتين خطيرتين؛ وبدلا من القول للعالم العربي بأن مخزونات النفط تنفد ومن المهم تبني اقتصاد لا يعتمد على النفط، بل على المعرفة وتقوية الفرد؛ وبدلا من أن تكون عامل يجسر الفجوة بين القوات المتخاصمة؛ وبدلا من أن تكون نور للاغيار بالمعنى اللفظي للكلمة – قررت اسرائيل أن تجعل الظلام مسيطر.

​في الماضي رفع الشيوعيون في اسرائيل شعار ليس مع الكولونيالية ضد الشعوب العربية، بل مع الشعوب العربية ضد الكولونيالية. اسرائيل الرسمية ادارت الظهر لهذا الشعار، الذي كان سيدخلها الى مكان محترم في المنطقة كدولة تصنع السلام، وليس كدولة تسعى الى الحرب. اضافة الى ذلك، الشعار الآن هو: مع السنة ضد الشيعة، في حين أنه قبل بضع سنوات الوضع كان عكس ذلك، اسرائيل الرسمية كانت هي سند الشاه الايراني الشيعي الذي قمع شعبه بقبضة حديدية.

​من المثير للاهتمام أنه حتى الآن لم يتم اجراء نقد ذاتي في اسرائيل على دعم الشاه، الذي ساهم، ضمن امور اخرى، في نمو بديل متعصب ضد الشعب الايراني وباقي المنطقة. بالمناسبة، ايضا في ايام حرب 1956 لم تقف اسرائيل الى جانب مصر ضد دولتين كولونياليتين محتضرتين، اللتان ارادتا معاقبة مصر على تأميم قناة السويس، بل انضمت اليهما بسرور.

​هكذا، ما يسمى تطبيع بين اسرائيل واتحاد الامارات هو قبل أي شيء آخر، تحالف عسكري برعاية امريكا. وكأن هذا ما ينقص الشرق الاوسط الآن، الذي يغرق في نزاعات داخلية داخل كل دولة على اساس طائفي ونزاعات بين الدول، قومي وطبقي. اسرائيل هبت بسعادة لتنجرف في هذه الدوامة.

​اسرائيل متحمسة كما يبدو لتعليم السعودية والامارات كيف يخضعون اليمن بضربة قاضية. هل هناك حرب قذرة اخرى تنتظر “شبابنا”؟. في هذه الاثناء حتى لو لم يشارك طيارون اسرائيليون في القصف، فان كل العالم سيقول إن اسرائيل دخلت الى اللعبة. وكأن لطخة اخرى في قمع الشعوب العربية تنقص اسرائيل الآن.

​هذا التحالف يمكن أن يؤدي الى تصعيد خطير في التسلح. السلاح الفتاك، اف 35، هو جزء من اللعبة. والرد لن يتأخر في المجيء من جانب ايران ومن جانب جهات اخرى في دول الخليج. بالاضافة الى الولايات المتحدة ستأتي الى الامارات دول كبرى اخرى تبحث عن الاموال والنفوذ (ترامب قال إنهم في الامارات مستعدون للدفع أكثر). والصناعات العسكرية في اسرائيل سيبقى لها بعض الفتات.

​كم هو بعيد اليوم عن أمس. في اعقاب السلام مع مصر تحدثوا عن اجهزة تنقيط ستساعد الفلاح المصري في ري ارضه وزيادة محصوله، وأنه على مراكز الثقافة تعميق التفاهم بين الشعوب. ومع ذلك، المصريون أداروا ظهرهم لهذا السلام بعد احتلال لبنان والهجوم على الشعب الفلسطيني.

​ليس هناك مناص من قول الحقيقة: بعد سبعين سنة ما زالت اسرائيل تعتبر نبتة غريبة. ليس فقط أنها لا تساهم في رأب الصدع بين الشعوب العربية، بل بالعكس، هي تستغل النزاعات بين سكان المنطقة لتعزيز مكانتها، مثل الكولونيالية الكلاسيكية، أو بشكل أكثر دقة، هي فرع للكولونيالية وراء المحيط.

​يجب التذكير بأنه تحت حكم ترامب وحتى قبله، تتعزز في الولايات المتحدة مقاربة الانغلاق. بدلا من أن تكف اسرائيل عن كونها دعامة لدول عربية شمولية، سارعت الى تنفيذ وصية السادة في واشنطن. محظوظ ترامب هذا.