نتنياهو "يهمس": أريد تهدئة الأوضاع ..

ب بن كسبيت
حجم الخط

09 تشرين الأول 2015


بقلم: بن كسبيت

التاريخ 24 أيار 1992، الساعة السابعة والنصف صباحا، ذهبت هيلانا راف (15.5 سنة) إلى محطة الحافلات القريبة من بيتها في بات يم. ركضت للذهاب إلى المدرسة. فؤاد عبد الهادي العمرين من «الجهاد الإسلامي» في غزة طعنها حتى الموت في مفترق الطرق بن غوريون وجابوتنسكي. 
بعد ذلك بشهر تمت انتخابات الكنيست، وفاز اسحق رابين على شامير وانتخب لرئاسة الحكومة. 
موجة السكاكين ملأت شوارع اسرائيل وكانت ذروتها قتل هيلانا راف، وكان ذلك أحد أسباب الانقلاب. 
يبدو لي أن هذه كانت احدى المرات النادرة التي أسقط فيها التدهور الامني اليمين وتسبب في صعود اليسار الى الحكم في اسرائيل.
في كل ما يتعلق بالسكاكين، ايلول – تشرين الاول 2015 تُذكر بتلك الاوقات من العام 1992. ومن جهة اخرى فان الامر بعيد عن زعزعة كرسي بنيامين نتنياهو. كان اسحق رابين في حينه بديلا لشامير – رئيس اركان ووزير دفاع. وسُمي الرئيس الاميركي في حينه جورج بوش الأب. وسرّعت ادارة ظهره لشامير (عدم الموافقة على الضمانات) سقوطه. اليوم يُسمى الرئيس براك حسين اوباما، وتحفظه على نتنياهو يقوي بيبي ولا يُضعفه.
العرب ايضا ليسوا كما كانوا. في حينه كنا قبل «اوسلو»، وكان هناك من يطمحون في السلام. اليوم لم يعد الامر كذلك. لا يوجد الكثير من الفيكتوريين الذين يعملون على تغيير الحكم في اسرائيل، إلا اذا تذكرنا مسألة صغيرة: فؤاد عبد الهادي العمرين. هل تذكرون؟ «المخرب» الذي طعن هيلانا ابنة 15.5 من بات يم حتى الموت، أين هو اليوم؟ حسب معرفتي هو في البيت، وقد أطلق سراحه بنيامين نتنياهو في صفقة شاليت قبل اربع سنوات بالضبط.
كانت لنتنياهو، أول من أمس، بعض الامور المحرجة . أولها كان من الاميركيين الذين يكرههم. حسب تقرير القناة 2 في ليلة خروج العيد، أحضر نتنياهو الى الكابنت محاميه اسحق مولخو كي يوضح للوزراء أنه لا يمكن الاعلان عن البناء الآن. لماذا؟ لأن الأميركيين وضعوا شرطا يقول إن اسرائيل اذا قامت بالبناء الآن فانهم لن يستخدموا الفيتو ضد اقتراح فرنسا في مجلس الامن. الامر مخيف. المشكلة هي أن متحدث وزارة الخارجية اجتمع مع الصحافيين في واشنطن وقال إن الأميركيين لم يضعوا هذا الشرط. لم يكن أبدا. الموقف المألوف للولايات المتحدة يرفض البناء في المستوطنات. هذا صحيح. لكن السيناريو المخيف لمولخو غير موجود. والأميركيون حسب المتحدث الرسمي لم يضعوا هذا الشرط أمام اسرائيل.
كانت تسيبي لفني أول من لاحظ هذه المهزلة. «هذا يعلمنا شيئا عن السيد أمن نتنياهو»، قالت لي. «اذا كان يعتقد أنه من الخطأ البناء الآن فليقل. لذلك هو رئيس حكومة. لكنه يختبئ دائما وراء شيء أو شخص. التذرع بذريعة، اختراع شيء. هذه ليست قيادة. كفى. فكر، قرر، اعلن ونفذ».
لفني على حق. هذا لا يُذكر بالتسريب الذي قام به نتنياهو حول ثمن احتلال غزة في اللحظات الاكثر حساسية في عملية «الجرف الصامد». في هذه الحالة أراد ببساطة الاختباء وراء الجيش الاسرائيلي. هذا ليس أنا بل هم. من يخاف من احتلال غزة هو بني غانتس وليس بيبي. بالمناسبة، الرقابة العسكرية ما زالت تنتظر رد المستشار القانوني حول التحقيق في ذلك التسريب. أتمنى لها الانتظار براحة.
أمر نتنياهو بعدم ذهاب الوزراء الى الحرم. وهو لا يريد ايضا رؤية اعضاء كنيست يذهبون الى الحرم، لكن يديه مكبلتان هنا. لا توجد له سلطة على اعضاء الكنيست. يستطيع إقالة الوزراء، أما اعضاء الكنيست فلا يستطيع إقالتهم. يعرف نتنياهو أننا ملزمون بتهدئة الاحداث في الحرم. ويعرف أن الطرف الثاني فقد الصلة بالواقع، لذلك فان على اسرائيل برئاسته أن تكون البالغة والمسؤولة. 
لهذا هو يحاول اغلاق الحظيرة. سيضطر أوري اريئيل الى ضبط النفس بضعة اسابيع. لكن لماذا لا يقول نتنياهو هذا بصوت عال؟ قد يكون لهذا تأثير كبير على الميدان، وهذا ما نحتاجه الآن. إلا أنه لا يقول ذلك بصوت عال لأنه ليس هناك من يختبئ وراءه هذه المرة. لهذا فهو يهمس، وهكذا يبدو الامر.
كلمة أخيرة عن أبو مازن. انتبهوا: جميع الاجهزة الامنية دون استثناء موحدة في رأيها. الزعيم الفلسطيني يستمر في مكافحة «الارهاب»، وهو ملتزم بمكافحة «الارهاب». هذا ليس شعارا أو خدعة. فأبو مازن يكافح «الارهاب»، وأقواله في هذا الاسبوع ايضا حينما أعلن أن الفلسطينيين لا يريدون التصعيد، تعتبرها الاجهزة الامنية محاولة للتهدئة. في أعقاب هذه الاقوال أرسل أبو مازن رسالة واضحة وحاسمة الى الميدان. أجهزته تعمل من اجل احتواء الاحداث، وهذا الامر ليس سهلا بالنسبة لهم؛ لأن المجتمع الفلسطيني يعطي الشرعية لمحاربة ومهاجمة اليهود بجميع الوسائل. 
أبو مازن ورجاله يعملون من اجل وقف العنف. هذا لا يعيق نتنياهو ووزراءه، ولا يمنعهم من الاستمرار في جعل أبو مازن عدو الشعب و»الارهابي» رقم واحد. وللمرة المئة: سنشتاق لأبو مازن بعد وقت ليس ببعيد.

عن «معاريف»a