مسؤول كبير في الامارات : الولايات المتحدة ، وإسرائيل اعطتا ضمانات لتعليق الضم

حجم الخط

هآرتس – بقلم نوعا لنداو

مثلما في الافلام القصيرة التي تبث بدون صوت من لقاءات الزعماء والتي فقط اصوات الكاميرات تسمع من حين لآخر في الخلفية أو يتم اسماع موسيقى دراماتيكية بدلا من الكلمات، ايضا في الرحلة الجوية للبعثة الاسرائيلية الى اتحاد الامارات، المشهد المرئي نفسه كان هو الرسالة.

​الصورة الاقوى من كل شيء كانت بالطبع هبوط طائرة “ال عال” الرسمية في مطار أبو ظبي في يوم الاثنين والذي استهدف تقديم تعبير رمزي وملموس أولي على تجسيد اتفاقات التطبيع مع اسرائيل. طبقا لذلك فان اقلاع الطائرة وهبوطها رافقهما الكثير من المراسيم وبادرات حسن النية: تذاكر سفر تاريخية، اغطية مقاعد تاريخية، وجبة تاريخية وكمامات وأعلام تاريخية. بصورة عامة كلمة “تاريخية” عملت ساعات اضافية في هذه الرحلة الى أن تآكل معناها. منذ لحظة الاقلاع وحتى العودة ظهر انفعال اصيل في اوساط المشاركين، ومحاولة صادقة من قبل الجميع، الامريكيين والاسرائيليين والاماراتيين، لخلق اجواء احتفالية ومتفائلة بقدر الامكان.

​ولكن من وراء هذه الاحتفالات، التسجيل الصوتي المخفي اكثر للمحادثات والاحداث دلل ايضا على التوتر الذي رافق مع ذلك الحدث المركب. الاخراج لم يكن سهلا، اجراءات حماية الضيوف الهامين من اسرائيل كانت متشددة. المشاركون طلب منهم عدم الابتعاد عن الفندق (ايضا بسبب اجراءات الكورونا)، والمراسلون تمت مرافقتهم من قبل ممثلين امريكيين واماراتيين.

​ايضا من ناحية دبلوماسية لم يكن هذا أمر بسيط بالنسبة للاماراتيين في هذا الوقت امام باقي العالم العربي. في ظل كل ذلك فان الرغبة في التأكد من أن الاستضافة الكريمة والآمنة مجبولة بالرغبة في السيطرة قدر الامكان على الرسالة ومنع حدوث مشاكل محرجة تعتم عليها.بعد الهبوط في يوم الاثنين جرى احتفال خطب فيه من بين اشخاص آخرين، رئيس هيئة الامن القومي مئير بن شبات بالعربية، وبعده ذهبت البعثة الكبيرة الى الفندق الذي جرت فيه النقاشات من خلال طواقم عمل صغيرة حول اتفاقات التعاون المستقبلية. في دهليز طويل وضعت لافتة قرب كل غرفة نقاشات كتب عليها الموضوع الذي سيتم بحثه: الشؤون الدبلوماسية، المالية، الطيران، الصحة، الثقافة والسياحة، الفضاء والعلوم والاستثمارات، الابتكار والتجارة. وقد تم تقديم طعام حلال على طاولات مليئة وضعت خارج الغرف.

​مشاركون في النقاشات، ممثلو الهيئات الحكومية ذات العلاقة، قالوا للصحيفة بأن المباحثات كانت مثمرة وجرت بروح جيدة، لكن لم يتم بعد صياغة تفاهمات، وكان الحديث يدور عن لقاء أولي فقط. ولكن يوجد ايضا امور واضحة من الآن: في مجال السياحة يبدو أن الزيارات المتبادلة ستحتاج الى الحصول على تأشيرات وليس وصول تلقائي للاعياد. اضافة الى ذلك اجرى بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية، الون اوشفيز، لقاء مع مستشار الامن القومي في اتحاد الامارات، الشيخ طحنون بن زايد، ووزير الخارجية عبد الله بن زايد، والمستشار الخاص لرئيس الولايات المتحدة جارد كوشنر، ومستشار الامن القومي في الولايات المتحدة روبرت اوبريان وشخصيات امريكية رفيعة المستوى اخرى، في قصر طحنون.

​قبل المساء تم عزل المراسلين عن باقي البعثة. وتمت دعوتهم لجولة في فرع متحف اللوفر في أبو ظبي. هناك تحدثت معهم شخصيات رفيعة في حكومة اتحاد الامارات. في الجولة تم التركيز بشكل خاص على نموذج لمجمع صلاة متعدد الاديان، الذي ينوي ولي العهد، الشيخ محمد زايد، اقامته. المجمع يتوقع أن يشمل كنيس وكنيسة ومسجد، وكذلك مركز تعليم لتطوير التعددية الدينية. رسالة المشهد هذه رافقتها طوال الزيارة ايضا رسالة كلامية: في الامارات أكدوا على نشاطهم في مجال التسامح الديني، ومحاربة التطرف والأمل في أن يساعدوا بذلك في استقرار المنطقة.

​ورغم أن الامر لم يظهر بشكل خاص في الصور الرسمية للبعثات، إلا أنه بين كبار شخصيات الامارات كان هناك عدد غير قليل من النساء، منهن وزيرات في الحكومة. في الطرف الاسرائيلي والامريكي في المقابل، الوضع كان أقل توازن بكثير.

​صباح أمس، مرة اخرى، تم فصل اوراق الرسائل. المراسلون الامريكيون تم ارسالهم من اجل تغطية زيارة اوبريان وكوشنر في قاعدة لسلاح الجو، حيث تتواجد هناك عدة طائرات امريكية من طراز اف35 من النوع الذي يأملون في الامارات شراءه قريبا رغم تحفظات اسرائيل من فقدان التفوق. الى جانب جنرال محلي، فان كبار الشخصيات الامريكية ارادوا أن يبثوا بأن العلاقات العسكرية بين الدولتين كانت وثيقة دائما “بدون صلة بالاتفاق مع اسرائيل”.

​المراسلون الاسرائيليون تم ارسالهم للتجول في المسجد الكبير وفي متحف تاريخي. هناك تم أخيرا انتزاع اقتباس قصير امام العدسات من المرشدة المحلية، التي واجهت اسئلة حول الاتفاقات. وقد أجابت بأنها “تثق تماما بقرارات الزعيم” قبل أن توقفها مديرتها بصورة لطيفة، لكن قاطعة. المقابلة الوحيدة مع شخصية محلية كبيرة، التي سمح باقتباسها في الزيارة، كانت في المطار قبل لحظة من الاقلاع. وقد شملت بمعظمها الرسائل التي تكررت اكثر من مرة في المحادثات الشخصية والاكثر حرية: هذه الخطوة هي خطوة هامة للامارات لأن هذا هو الوقت المناسب في نظرهم لتغيير اقليمي – هم معنيون بقيادته.

​للحظة كان يبدو أنه سيحدث تغيير معين في الحبكة عندما اجابت هذه الشخصية الكبيرة على سؤال هل عملية التطبيع سيتم وقفها في حالة ضم اسرائيلي بـ “لا”. ولكن هذه الشخصية واصلت القول بأنه أصلا تم الحصول على تعهدات من الولايات المتحدة ومن اسرائيل ايضا بأن الضم لن يحدث. وفورا بعد ذلك جاء التوضيح بأن الاجابة الاولى في الواقع لا تعبر عن الموقف الرسمي. وباستثناء الاسئلة بخصوص الضم ودعوة كوشنر لعودتهم الى المفاوضات، فان الحاضرين – الغائبين عن الحدث كانوا كالعادة الفلسطينيين. في خطاب للجالية الفلسطينية المحلية التي تضم بضع عشرات الآلاف، أكد لهم وزير الخارجية ابن زايد بأن بلاده ستواصل دعم الفلسطينيين.

​الاماراتيون يتابعون بقلق الردود على خطوتهم في العالم العربي، ويراقبون النشاط حول ذلك في الشبكات الاجتماعية، ويعتقدون بأن المعارضة الشعبية تأتي بالاساس من ايران وقطر والكويت. وهم ينشغلون جدا في استقبال الزيارة في الرأي العام العربي ومقتنعون بأن الشباب والمثقفين معهم. إن أحدا لا يتوهم بأن صورة نجاح هذه الحملة لا يشوش عليها اكثر من عدة صور للطائرة والاعلام. ولكن في الامارات يبثون بأنهم مصممون على التقدم. الفلسطينيون ايضا، هكذا يدعون، يمكنهم أن يكسبوا من منطقة اكثر استقرارا وازدهارا. مشهد التطبيع هذا ذكر بأحداث مؤتمر البحرين في السنة الماضية. ففي حينه استقبل المحليون الاسرائيليين بصورة حميمية بضغط ووساطة امريكية، لكنهم لم يتحمسوا بشكل خاص لمواصلة العلاقة في المجال المدني. القصة الاماراتية تختلف في هذه اللحظة تماما، لكن الاختبار الحقيقي مشابه: ماذا سيحدث للعلاقات العلنية عندما ستخرج المربية الامريكية من الغرفة – وهل هذا الاستقبال الدافيء سيصبح روتين؟ شخصيات امريكية رفيعة مقتنعة بأن هذا ما سيحدث. هم ايضا يكررون القول بأنه حتى لو أن الامر يتعلق بعملية “تدريجية” فانهم كانوا يريدون لهذه العملية أن تتقدم بأسرع وقت.

جمال المشرخ، المسؤول عن تخطيط السياسات في وزارة الخارجية في اتحاد الامارات قال في يوم الثلاثاء في احاطة للمراسلين في أبو ظبي: “لقد تلقينا ضمانات من الولايات المتحدة واسرائيل لتعليق الضم”. واضاف “لقد أوقفنا الضم، والحل النهائي سيتحدد بين الاسرائيليين والفلسطينيين. نحن نواصل تأييد الاجماع العربي”.

​المشرخ اوضح بأنه “اذا حدث الضم فان هذه العملية (التطبيع) لن تنهار. ولكن احد الشروط هي أنه سيعلق. نحن لا يمكننا توقع ماذا ستفعل اسرائيل في المستقبل. ولكن توجد لدينا ضمانات من الولايات المتحدة ومن الحوار الثلاثي وايضا من اسرائيل. والعمليات المتعلقة بهذه الاتفاقات ما زالت جارية”. واشار “لقد كنا واضحين جدا بخصوص أن العلاقات مع اسرائيل جيدة ايضا للفلسطينيين والمنطقة”. وزارة الخارجية طلب منها توضيح اقوال الممثل بخصوص ماذا سيحدث للاتفاق اذا حدث الضم رغم ذلك. واشار الى أن موقفهم هو أن الضم تم تعليقه.

​وقد تطرق ايضا الى التقارير بشأن صفقة سلاح في اطارها تبيع الولايات المتحدة لاتحاد الامارات طائرات اف35 وقال: “طلب اف35 موجود منذ فترة طويلة من ناحيتنا. هذا لم يكن شرط أو محرك لهذا الاتفاق. الايام الاخيرة اثبتت أن الشراكة هي في الكثير من المجالات وليس أي واحد منها على حساب الآخر”. أمس قال كبير مستشاري الرئيس الامريكي، جارد كوشنر، الذي يترأس الوفد الامريكي لاتحاد الامارات بأن رئيس الحكومة نتنياهو وترامب سيناقشان قريبا صفقة طائرات اف35. نتنياهو عبر عن معارضته للصفقة، وجاء من مكتبه بأن الاتفاق بين اسرائيل واتحاد الامارات لا يشمل بند بهذا الخصوص.

​رحلة الطيران الرسمية الاولى من اسرائيل الى اتحاد الامارات هبطت أمس في أبو ظبي. وبعثة اسرائيلية – امريكية ستناقش في الزيارة التي ستستغرق يومين مع ممثلي الاتحاد اتفاق اقامة العلاقات قبل التوقيع على اتفاقات التعاون في مختلف المجالات. المشرخ قال إن الايام الاخيرة تعبر عن “التاريخ والأمل”.

​“جميع النقاشات كانت واعدة جدا”، قال واضاف “لقد ثبت أن الطريق الى السلام والازدهار تمر عبر التعاون والمنطقة يجب أن تتقدم. الاستقرار في المنطقة حيوي. هذا ليس فقط جيد لدولتنا”. وقد شكر الولايات المتحدة على الوساطة في الاتفاق بين اسرائيل والامارات وقال إن التطبيع بين الدولتين هو “رسالة للتعايش والتسامح في المنطقة”.

​وبخصوص الزيارات المتبادلة لبعثات من الدولتين قال المشرخ: “من ناحيتنا، كلما كان هذا أبكر فسيكون افضل. نحن نتطلع الى وصول بعثتنا الى اسرائيل”. المشرخ كرر ايضا نية اتحاد الامارات في فتح سفارتها في اسرائيل في تل ابيب.