المستعربون وقمع الفلسطينيات

مس
حجم الخط

ظهر ملفٌ خطيرٌآخر في الصحافة الإسرائيلية ثم اختفى، وهو لا يشير إلى موضوع الكتاب حول قمع وامتهان المرأة اليهودية، ولكنه يشير إلى قمع المرأة الفلسطينية والتغرير بها، لأن كل النساءغير اليهوديات، وفق تعبير التلمود هن [ في منزلة البهائم].

إنها قضية الجواسيس اليهود المستعربين، ممن زرعتهم إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي في المناطق الفلسطينية، لكي يقوموا بعملية تسهيل دخول الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، بعد تدريبهم سنوات طويلة، فغيروا أسماءهم وبطاقات هوياتهم ، وأسكنوهم وسط الفلسطينيين، ليقوموا بدور الجواسيس، ووُظفوهم لإرسال المعلومات والتقارير.

هذه الوحدة التي كشف النقاب عنها الصحفي عمير ربابورت في صحيفة الجيش،ستظل لغزا محيرا في عدد المستعربين وآليات عملهم، ظاهرة المستعربين تستحق التكثيف، لأنها تضاف إلى ملف الانتهاكات، التي قامت بها إسرائيل في حق النظام الأسري الفلسطيني، وفي هذا الملف الخطير انتهاك صريح لحقوق الإنسان، حيث ينتحل الجواسيس الإسرائيليون شخصيات فلسطينية مسلمة ومسيحية، ليتزوجوا من فتياتٍِ فلسطينيات يجهلن حقيقتهم، إن هذا التغرير ليس تغريرا فرديا ،قام به أشخاصٌ أو حتى جماعاتٌ، بل كان ضمن سياسة الدولة، وهو ملفٌ استخباري خطير.

 هذا الملف أيضا، يُكذَب ادعاءات إسرائيل بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ومما جاء في التحقيق الذي أعده الصحفي في يديعوت عكيفا نوفك:

نشر الصحفي عمير ربابورت في صحيفةٍ للجيش قصة عملاء الشين بيت من وحدة ( المستعربين)الذين زُرعوا في القرى والمدن الفلسطينية، منذ الخمسينيات في القرن الماضي، ثم تزوجوا نساء عربيات وأنجبوا أطفالا!

 شُكلت وحدة المستعربين عام 1952 لهدف مساعدة الجيش الإسرائيلي في وقت الحرب داخل القرى والمدن الفلسطينية، وكان رئيس المجموعة (شموئيل موريه) وهو يهودي عراقي، يملك خبرة في تهريب اليهود إلى إسرائيل.

جَنَّد موريه عشرة من يهود العراق، وبعد أن تفككتْ الوحدة بعد سنوات، تزوجوا بعربيات من المدن العربية التي يعيشون فيها.

وكان هؤلاء المستعربون يقضون عاما كاملا في التدُّرب على حياة الفلسطينيين، وتعلُّم القرآن والأساليب التكنولوجية للجوسسة في قاعدة سرية بالقرب من الرملة، بأسماء وهويات جديدة، وبعد انتهاء التدريب أُرسلوا إلى المدن والقرى الفلسطينية كلاجئين فلسطينيين بعد حرب 1948 ، مع إبقاء أسمائهم الأصلية وعائلاتهم الحقيقية طي الكتمان، وحرموا من متابعة أخبار أسرهم الحقيقية .

 وعندما تزوجوا من فلسطينيات، ظنَّ مسؤول الشين بيت بأن هدفهم من الزواج كان إنجاح مهمتهم.

 قال موريه: " كان من الصعب إبقاؤهم بلا زواج"قال أخو أحدهم مائير كوهن وهو اسم مستعار:

" كان يحضر مندوبٌ من الشين بيت في آخر الشهر ليسلمهم أجورهم، بدون أن يعطيهم معلومات عن أسرهم الحقيقية، صدمتُ عندما كشف لي أخي مائير هذا الأمر"!

قصة المستعرب مائير

أُُرسِل مائير لمدينة يافا وعمل فيها مدرسا، وهناك التقى بشابة فلسطينية مسيحية جميلة ، فوقع في حبها ، وكانت تدرس في مدرسة دينية لتصبح راهبة ، وقدَّم نفسه لها كمسلم، وتزوجها وأنجب منها أطفالا.

 وبمرور الوقت بعد تفكيك وحدة المستعربين في الشين بيت، كان لا بد من إرجاعهم لبيوتهم الحقيقية، عندئذٍ واجه مائير الصدمة المأساوية . فلم يكن أمام المستعرب(مائير) سوى أن يبلغ زوجته بالحقيقة في سفارة إسرائيل في  باريس، ويطلب منها اعتناق اليهودية، ويُربِّي الأولاد كيهود، وأن تعيش في الوسط اليهودي.

وأدركت ليلى( اسم مستعار) بأنها خُدعت ، وخضعت لعلاج نفسي بضعة شهور، وبعد شفائها، خيَّرها زوجها بين قبوله كزوج ، أو تركه لتعيش في أية دولة عربية ترغب فيها، وجرى إحضار ثلاثة حاخامين ، منهم كبير الحاخامين شلومو غورين لتهويد المرأة باعتبار ما مرَّت به من ظروف، وأفتى الحاخامون بأن أطفالهم يهودٌ، بدون أن يخضعوا لإجراءات التهويد المعتادة.وبدأت المشكلات في البروز بعد عودتهما.قال بألم:

" حاولنا ترميم ما جرى، ولكننا لم ننجح نجاحا كاملا، فقد عانى الأطفال من صدمة في طفولتهم، وحاولوا الشفاء من الماضي الأليم ، ولكنهم لم يُفلحوا، فقلة منهم نجحوا في حياتهم، أما الباقون فظلوا أسرى الصدمة ، وهم يعانون منها إلى اليوم ، يديعوت 21/2/2011  تحقيق عكيفا نوفك

فائدة:

" سامي المعلم، أو سامي موريه، أو سامي إبراهيم، أو باسمه العبري الحقيقي شموئيل موريه ، مسؤول وحدة المستعربين السابقة، هواليوم رئيس قسم اللغة العربية في الجامعة العبرية، ولد عام 1932 في العراق، وهو حاصل على الدكتوراه من لندن في الأدب العربي، وهو شاعر وباحث في المسرح أيضا، وكل ملفاته بأسمائه الأربعة السابقة  تخلو بالطبع من القصة الخطيرة السابقة، وهي قصة تأسيسه لوحدة المستعربين، في خمسينيات القرن الماضي في مدينة الرملة، مع العلم أن دارسي اللغة العربية أيضا ممن لم يطلعوا على ملفه الخاص بالمستعربين يعتبرونه من أعظم شعراء العراق اليهود في العالم، ويقدرون جهوده الأدبية والإبداعية."