ترامب جعل اسرائيل تعترف بكوسوفو، لكن هذا لن يغيب الفلسطينيين في البلقان

حجم الخط

هآرتس – بقلم نوعا لنداو

لقد بقي شهرين على الانتخابات الامريكية للرئاسة، والمرشح دونالد ترامب موجود في حمى تقديم الانتجازات. وحسب كلام صهره، كبير المستشارين جارد كوشنر، حصاد الانجازات. في مجال السياسة الخارجية الامريكية فان هذا الذعر تتم ترجمته الى استراتيجية يمكن وصفها للحظة وباختصار بـ “ترامب يصنع سلام من برجه العاجي”.

​هدف الرئيس الامريكي هو التوسط بقدر الامكان من اجل الوصول الى اتفاقات دولية تعرضه كوسيط الصفقات الافضل، الامر الذي يحبه. وهو يفضل أن تكون النزاعات الدولية التي يقوم بحلها بقدر الامكان تاريخية ومغطاة اعلاميا، من النوع الذي يتفاخر بالسخرية من جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها سلفه براك اوباما. اسرائيل حصلت على الدور الرئيسي لهذا العرض الذي يقوم به ترامب، سواء كانت معنية بذلك أم لا. الاساس هو أن القاعدة الافنغلستية معنية بذلك.

​هكذا تم ضم اسرائيل في نهاية الاسبوع الماضي الى اتفاقات تطبيع العلاقات الاقتصادية بين صربيا وكوسوفو. ولسنوات كثيرة رفضت اسرائيل مرة تلو الاخرى الاعتراف باستقلال كوسوفو ذات الاغلبية المسلمة. الذريعة الرسمية كانت معارضة صربيا لذلك. ولكن عمليا السبب الاكثر عمقا كان منع سابقة تمكن من الاعتراف باعلان أحادي الجانب عن استقلال فلسطين. صحيح أنه خلال السنوات الاخيرة كان هناك جس نبض لفتح مكتب تجاري لكوسوفو في تل ابيب، لكن اسرائيل واصلت رفض الاعتراف الكامل بها كدولة.

​المشكلة لم تكن في كوسوفو. فهناك بالضبط رغبوا جدا بأن تعترف اسرائيل بهم. المشكلة كانت دائما لدينا. والآن بضغط من ترامب، غير رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو موقف اسرائيل بعيد المدى في هذا الموضوع وقرر الاعتراف بكوسوفو بشكل رسمي. في المقابل، قيل إن كوسوفو ستفتح سفارة في القدس. وهذه الخطوة تساعد رواية ترامب ونتنياهو بشأن سيل السلام والتطبيع الجارف بين اسرائيل والعالم الاسلامي برعاية امريكا وبدون الفلسطينيين.

​حسب هذه الرواية، اعلن نتنياهو بأن “كوسوفو ستكون الدولة الاولى ذات الاغلبية المسلمة التي ستفتح سفارة في القدس. دائرة السلام والاعتراف باسرائيل تتوسع ويتوقع أن تنضم اليها دول اخرى”، هذا في حين أن ترامب بالغ ووصف هذه الخطوة بـ “يوم آخر رائع للسلام في الشرق الاوسط”، حيث يخلط في تغريدة واحدة نزاع البلقان والصراع الاسرائيلي – الفلسطيني في عصيدة عالمية كبيرة واحدة.

​صربيا تعتبر هذه الاتفاقات بالاساس فرصة اقتصادية على خلفية رغبتها في قبولها كعضوة في الاتحاد الاوروبي. وقد وقعت على هذه الاتفاقات مع الولايات المتحدة وليس مع جارتها. هي لم تعارض اعتراف اسرائيل بكوسوفو. وفي محيط نتنياهو أكدوا على ذلك، من اجل تعزيز ادعاءهم بأن هذه كانت هي المشكلة حتى الآن.

​صربيا تعهدت ايضا بنقل سفارتها الى القدس بعد سنة تقريبا. لماذا بعد سنة فقط؟ يمكن الافتراض أنهم في صربيا يفضلون أولا فحص هل ترامب سيبقى في البيت الابيض قبل البدء بخطوات دراماتيكية جدا. وهم ايضا كأعضاء مستقبليين في الاتحاد الاوروبي سيكون لديهم تبرير لعدم فعل ذلك، حيث أن الاتحاد يعارض نقل السفارات الى القدس.

​وقد وعد ترامب ونتنياهو مرات كثيرة بأن هذه هي البداية فقط، وأن هناك دول اخرى ستقوم بتطبيع علاقاتها قريبا مع اسرائيل، الى حين الاحتفال الرسمي مع دولة الامارات في البيت الابيض المخطط لاجرائه حاليا في الاسبوع الذي يسبق رأس السنة، فانهم في واشنطن يأملون أن يجندوا عدد من الدول الاخرى لهذه الخطوة. البحرين والسودان وسلطنة عمان تم ذكرها عدة مرات – لكن لا أحد تخيل أن كوسوفو سيتم جرها على طول الطريق من اوروبا الى عملية السلام في الشرق الاوسط. على ضوء ذلك، ربما سيكون لدينا قريبا المزيد من المفاجآت، كما يقولون، حيث أننا لا نعرف الآن أي نزاعات تاريخية اخرى سيتم جرها الى منطقتنا.

​في نهاية المطاف، اعتراف اسرائيل بكوسوفو هو خطوة ايجابية كان يجب أن تحدث قبل سنوات كثيرة دون صلة بالطريقة التي ولدت فيها الآن. ولكن لا يوجد أي اتفاق، مباشر أو غير مباشر، مع أي دولة اسلامية يمكنه أن يغيب من هنا الى البلقان الفلسطينيين. هذا هو النزاع الحقيقي الذي يجب حله.