بعد الانتقاد الذي تعرض له، سارع نتنياهو لتحديد اهداف ضبابية ونشر وعود قديمة

حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

بعد الانتقاد الكبير الذي تعرض له، تقريبا من قبل الجميع، ازاء الانسحاب السريع أمام الاصوليين في يوم الاحد، سارع مكتب رئيس الحكومة الى تنظيم جلسة تصوير طارئة له في مقر قيادة الجبهة الداخلية. بنيامين نتنياهو وصل الى هناك أمس بعد الظهر، ومرة اخرى وجه نظره مباشرة الى الشعب.

​في الاسابيع الاخيرة امتنع رئيس الحكومة تقريبا تماما عن الحديث مع مواطنيه عن تفشي الكورونا وركز على انجازاته السياسية في الخليج. ولكن المؤتمر الصحفي هذه المرة انشغل جميعه بالفيروس. وكالعادة، في الظروف التي يتلقى فيها الجمهور العصا بدلا من الجزرة، فان نتنياهو اكثر من استخدام كلمة “نحن”. كلمة “أنا” محفوظة لايام البشرى الافضل. حتى وزير الدفاع بني غانتس استدعي ليتقاسم القليل من ضوء الكشافات، رغم أنه سبق وزار القيادة قبل اسبوع بالضبط.

​كان ذلك عرض احتله نتنياهو تماما. ودعوة افيغدور ليبرلمان للجمهور بأن لا يتصرف طبقا للتعليمات المتعرجة للحكومة، تمت ترجمتها لدى رئيس الحكومة باتهام كاسح للمعارضة بالتسبب بالفوضى والمسؤولية عن عدم انضباط المواطنين. والخضوع المجيد أمام الاصوليين، عندما الغى في اللحظة الاخيرة برنامج المدير روني غمزو في فرض اغلاق على عشر مدن حمراء، تم نفيه تماما (جهات مهنية تصمم على موقفها بأن ما نشر في وسائل الاعلام كان صحيحا تماما). وتم التعبير ايضا عن ادعاء ولي العهد في تويتر بأن المظاهرات في بلفور هي دفيئة معدية، وأن هناك مؤامرة عالمية تعمل على اخفاء تأثيرها.

​في المقابل، تم نثر الوعود. نظام قطع سلسلة العدوى سيكون “الافضل من نوعه في العالم”، والحكومة ستوزع قريبا 11 مليار شيكل اضافية من اجل تحريك الاقتصاد. عمليا، تم تأجيل اطلاق النظام الوبائي الذي يشغله الجيش لمدة شهرين مقارنة بالموعد الاصلي، الاول من ايلول الحالي، بعد أن تم تأخيره بشكل غير ضروري في فترة التوقف بين الموجة الاولى والموجة الثانية. في حين أن التعهد الاقتصادي يعيد تكرار وعود اكثر قدما لم يتم تطبيقها بعد.

​ما الذي بالضبط يحتوي عليه الاقتراح البديل الذي ربما سيدخل الى حيز التنفيذ في هذا المساء. حتى الآن لم يتم توضيحه تماما. نتنياهو تحدث عن “خطوة صد على شكل اغلاق 40 مدينة حمراء. القصد كما يبدو هو تقييد حرية الحركة، تجميد التعليم وفرض حظر تجول ليلي. في طاقم الخبراء الاستشاري لغمزو متشككون جدا. باستثناء شعور المساواة الوهمي للاصوليين، من المشكوك فيه اذا كان المخطط المخصي سيحقق أي شيء. حظر تجول ليلي اعتبر خطوة هامشية، غير ناجعة. التفكير هو أنه بهذا لن يتم التوصل الى انخفاض في عدد الاصابات، وبالتدريج ربما سيتم فتح الطريق لفرض اغلاق كامل في الدولة في فترة الاعياد.

​العرب فقدوا الثقة

​معركة الصد التي ادارها الاصوليون ضد نتنياهو ادخلت الى قائمة البلدات التي ستتضرر من الخطوات الجديدة حوالي 30 بلدة اخرى – معظمها عربية، بدوية ودرزية. الدكتورة نهاية داود، الخبيرة في الصحة العامة في جامعة بن غوريون قالت أمس للصحيفة بأن ارتفاع عدد الاصابات في المجتمع العربي في الموجة الثانية مقابل المعطيات المنخفضة التي سجلت هناك في الموجة الاولى تعكس الفشل في النظام. د. نهاية داود، العضوة في منتدى “طواقم خبراء الازمة” تعتقد أن الفشل يغطي جميع جوانب مكافحة الفيروس: فحوصات، ابحاث وبائية، حجر، الدعاية والاعلام وتطبيق التعليمات. وقالت إن جزء منها ينبع مباشرة من مشاكل في سلوك الدولة.

​فشل التحقيقات يتعلق جزئيا بعدد المحققين القليل الذين يتحدثون اللغة العربية. “هناك مشكلة العناوين في القرى”، قالت داود. “عندما يشرح شخص من أم الفحم أين كان موجود، فان المحققة التي تجلس في العفولة أو في الخضيرة لا تعرف بالضبط عن ماذا يدور الحديث. كان هناك ايضا اشخاص خجلوا من مرضهم أو أنهم اخفوا معلومات”. الظاهرة اتسعت حسب رأيها في الاشهر الاخيرة. “الكثير من المرضى يعانون من صعوبات مالية وهم لا يسمحون لأنفسهم بالغياب عن العمل لبضعة اسابيع. عدد منهم يفضلون المخاطرة والخروج الى العمل مع اعراض بسيطة دون الابلاغ عن ذلك وبدون أن يتم فحصهم”.

​داود تتحدث عن ازمة ثقة مع الدولة التي تفاقمت في شهر رمضان. “حسب الارشادات تم اغلاق المحلات التجارية في القرى اثناء الليل، والسكان ذهبوا للشراء في المدن اليهودية. كان هناك كثير من الغضب بسبب ذلك”، قالت واضافت “بعد ذلك عندما بدأ موسم الاعراس الناس استخفوا بالتعليمات، بعضهم اقنعوا انفسهم بأن الكورونا هي مؤامرة حكومية أو عالمية”. وقالت ايضا بأنه في الطواقم الرسمية التي تقدم الاستشارة لكابنت الكورونا لا يوجد أي خبراء من المجتمع العربي.

​انجازات المتشككين

​بعد رسالة المتشككين تم نشر عريضة مضادة: اكثر من 140 طبيب وعالم نشروا في نهاية الاسبوع نداء للحكومة لعدم العودة الى الاغلاق التام وتبني بدلا من ذلك، مع تغييرات بسيطة، النموذج السويدي لمكافحة الكورونا. كما هو متوقع الرسالة اثارت عاصفة كبيرة في اوساط المهنيين. مجموعة منافسة من 150 طبيب وعالم، الكثيرون منهم اطباء في المستشفيات، هاجموا المجموعة الاولى لتأييدها دعوة لـ “العدوى الواسعة بالكورونا لمجموعات سكانية ليست في حالة خطر كبير”.

​حسب اقوالهم هذه محاولة لانتاج “مناعة القطيع”. هم يكتبون بأن “هذه الاستراتيجية لم تتم تجربتها بصورة مقصودة في أي مكان في العالم، وتعتمد على ادعاءات غير راسخة وحتى مضللة من ناحية علمية وتجريبية ومن شأنها في احتمالية عالية جدا أن تؤدي الى كارثة”. وقد وقع على هذه الرسالة من بين آخرين الدكتور يارون بار لافي، رئيس نقابة اطباء العلاج المكثف في اسرائيل، البروفيسور عميت سيغل، مدير قسم القلب في المركز الطبي شيبا، والبروفيسور كوبي روبنشتاين، نائب رئيس التخنيون.

​عدد من الموقعين على رسالة المشككين سبق ونشروا مقالات بهذه الروح وأجريت معهم مقابلات في قنوات التلفاز. ولكن حتى الآن لم تسمع اصواتهم بصورة مركزة، وعندما تعرض وسائل الاعلام تحفظات من مقاربة النظام فقد فضلت هذه المجموعة التركيز على ألاعيب التهريج الطبي للبروفيسور يورام ليس. أمس تم استدعاء عدد من الموقعين على الرسالة الاولى الى لجنة الكورونا في الكنيست، الذين فرح اعضاؤها من اجل تجنيدهم لمواجهة بين الرئيسة يفعات شاشا بيتون (الليكود) وبين الحكومة.

​عدد من الادعاءات التي طرحها المتشككون بالكورونا هي ادعاءات مختلف عليها. والقول إن نسبة الوفيات بالفيروس تبلغ نحو 0.1 في المئة فقط من بين اجمالي المصابين فيه، هي اقل بكثير من معظم التقديرات الاخرى التي عرضها العلماء. ايضا حول الادعاء بأنه يوجد سقف أعلى يبلغ 20 في المئة من المصابين المحتملين من اجمالي السكان، جرى نقاش صاخب.

​مع ذلك، الموقعون على الرسالة حققوا هدفين مهمين بالنسبة لهم. الاول، حول انتظام المؤسسة الطبية فيما يتعلق بالفيروس يجري الآن نقاش عام ونشط. الثاني هو أن فرض الاغلاق الشامل لم يعد يعتبر قضاء وقدرا يجب على المواطنين الموافقة عليه باستسلام دون المطالبة بتفسيرات وتبريرات من الحكومة.