قطـــار التطبـيــع: الأنظـــار تتجــه نحــو السعوديّــة

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


عرض التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج بدأ يظهر كأنه مفهوم ضمناً.
البحرين، العضو الجديد في النادي، لن تحصل على احتفال منفصل مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بل ستكون جزءا من الاحتفال الذي ستكون فيه الامارات هي النجم الرئيس.
السؤال الذي طرح فور الاعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات مع البحرين هو من ستكون الدولة القادمة، وكأن الأمر يتعلق بمحطة مهملة في رحلة التطبيع، حيث الانظار موجهة إلى جوهرة التاج، السعودية. وجميع الدول المرشحة الاخرى، سواء سلطنة عمان أو المغرب أو تونس أو السودان، تعتبر من الآن فقط كجوقة تسخين.
البحرين، التي يعيش فيها نحو مليون و700 ألف شخص، نصفهم تقريبا من العمال الاجانب، غير غريبة على إسرائيل.
زارت شخصيات رفيعة من البحرين إسرائيل على الاقل مرتين. وفي السنة الماضية عقد في البحرين المؤتمر الذي طرح فيه القسم الاقتصادي لخطة سلام ترامب.
ولكن حتى قبل شهر فإن موقف البحرين الرسمي هو أنها تؤيد حل الدولتين للنزاع، وأنها لن توافق على التطبيع مع إسرائيل قبل تحقيق ذلك.
في الشهر الماضي مورست على ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، ضغوط ثقيلة من قبل ترامب، الذي بدأ اسمه يطرح كمرشح للحصول على جائزة نوبل للسلام، فاذا كان الرئيس اوباما حصل على هذه الجائزة حتى قبل أن يفعل أي خطوة مهمة في هذه الساحة، فإن ترامب قد تجاوزه.
حتى الانتخابات الرئاسية بعد شهرين تقريبا، يأمل المرشح الجمهوري كما يبدو أن يعرض ملف عمل سميكا بما فيه الكفاية في مجال السياسة الخارجية الفاشلة، شريطة أن ينجح في اقناع محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في أن يتشرف بنفسه بحضور الاحتفال في البيت الأبيض.
حتى الآن اكتفى محمد بن سلمان بإرسال مبعوثين: محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للامارات، الذي قام بالاختراقة بتنسيق ومباركة السعودية. وملك البحرين، المرتبط بالحبل السري للمملكة المربوطة هي نفسها مع دولته بجسر بري بطول 25 كم، حصل على «تصريح سعودي» للقيام بهذه الخطوة.
السعودية نفسها في المقابل، ما زالت تنتظر رسوم الوساطة التي تتضمن تطهير اسم محمد بن سلمان من المسؤولية عن قتل الصحافي المعارض لحكمه، جمال الخاشقجي، وتحسين مكانة السعودية في الكونغرس الأميركي.
يستعرض محمد بن سلمان في هذه الأثناء قوته أمام ترامب في بناء الغلاف العربي لخطة السلام للرئيس.
وقد فتح سماء السعودية أمام حركة الطائرات من إسرائيل واليها، وبدأ في اغلاق اطراف قضية قتل خاشقجي عندما حصل على «العفو» من أبناء عائلة خاشقجي، وبالتالي أعفى الجناة المباشرين من عقوبة الإعدام.
هذا الغلاف غير مخصص لترامب أو إسرائيل فقط، بل هو يوفر للمملكة السعودية الدعم البيئي العربي الضروري لدفع تطبيعها مع إسرائيل قدما.
البحرين دولة مهمة في نظام الدفاع الاستراتيجي للخليج الفارسي ضد نفوذ ايران. فهي تستضيف قاعدة بحرية عسكرية أميركية يخدم فيها حوالى ستة آلاف جندي. ومن شأنها أن تستخدم قاعدة لإطلاق هجمات ضد تهديدات بحرية وبرية من إيران.
في إسرائيل يتركز الحوار العام على الإمكانية الكامنة في الاستثمارات الضخمة في دولة الامارات، والآن في البحرين.
ولكن بشكل حذر، لا يدور الحديث عن التعاون العسكري الذي يمكن أن يتطور بين الدول، باستثناء تقارير عن نشاط شركات إسرائيلية خاصة في جمع معلومات مدنية. دول الخليج، ومنها السعودية، اوضحت أنها لا تنوي المشاركة في نشاطات عسكرية ضد ايران. وقد ردت السعودية على الضربة التي تلقتها ناقلات النفط ومنشآت النفط السعودية والاماراتية، بضبط النفس، في حين أن أبو ظبي وقعت مع ايران على اتفاق تعاون لحماية الملاحة في الخليج. ولكن لن يكون مستبعداً التخمين بأنه في إسرائيل يوجد الآن من يفحص امكانية وضع غواصات إسرائيلية في مياه الخليج، التي تحصل على خدمات لوجستية في البحرين أو في الامارات.
هذا استمرارا للتعاون الناجح الذي تم التعبير عنه في المناورات التي اجراها سلاح الجو الإسرائيلي وسلاح الجو الاماراتي.
في كل ما يتعلق بايران فان البحرين – اكثر من الامارات – تعتبرها ليس فقط تهديدا استراتيجيا اقليميا، بل خطرا يهدد استقرار النظام وبقاءه.
اكثر من 60 في المئة من مواطنيها هم من المسلمين الشيعة، يعتبرون في افضل الحالات سكانا متآمرين، وفي اسوأ الحالات يعتبرون طابورا خامسا لايران. هذه مجموعة سكانية تشغل جدا اجهزة المخابرات في البحرين، التي انشأ بنيتها التحتية الضابط البريطاني، يان هندرسون، الذي كان مسؤولا عن محاربة «الماو ماو» في الستينيات في كينيا.
الشيعة يعانون من القمع والتمييز ضدهم. ودورهم في الحكم منخفض جدا نسبيا مقارنة بنسبة السنة. وهم مبعدون عن الوظائف الحكومية الرفيعة وعن القيادة العليا في الجيش، ويعملون معارضة سياسية فعالة بهدف تحقيق المساواة.
عندما جرت تظاهرات «الربيع العربي»، العام 2011، احتل الشيعة ميدان الجوهرة والشوارع الرئيسة في العاصمة المنامة، وكانوا هم ايضا من تلقوا معظم النيران التي اطلقت على المتظاهرين. في البداية من قبل قوات الامن في البحرين، وبعد ذلك من قبل السعوديين الذين جاؤوا لمساعدة البحرين في السيطرة على الاحتجاج. وحسب التقديرات، قُتل مئات الاشخاص في هذه التظاهرات واصيب واعتقل الآلاف.
البحرين مقتنعة بأن ايران هي التي حركت المتظاهرين، وأنها تواصل تجنيد الشيعة بهدف اسقاط حكم عائلة آل خليفة التي تحكم الدولة منذ منتصف القرن الثامن عشر.
البحرين في الحقيقة تعتبر دولة ليبرالية. وهي لا تجبر النساء الاجنبيات على ارتداء الملابس التقليدية، ويمكن الحصول فيها على مشروبات كحولية بسهولة نسبية، وهذا ايضا هو السبب في أن سعوديين كثيرين يملؤون شوارع المنامة في نهاية الاسبوع.
ولكن في كل ما يتعلق بحقوق الانسان فيها، فهي توجد في المكان 149 في مؤشر الديمقراطية العالمي من أصل 167.
الملك هو الذي يعين الاعضاء الاربعين في المجلس الاعلى للبرلمان، ويمكنه حل الاعضاء الاربعين في المجلس الأدنى، الذين ينتخبون بانتخابات عامة تشارك فيها ايضا النساء.
وسائل الاعلام تحت سيطرة العائلة المالكة، سواء بشكل مباشر أو بشكل جزئي، وكذلك ايضا الرقابة على الشبكات الاجتماعية.
اضافة إلى ذلك، تُعتبر البحرين من الدول الرائدة في تشجيع المبادرات والاستثمارات الاجنبية. المواطنون لا يدفعون ضريبة دخل، حيث تُفرض فقط على شركات النفط الاجنبية، والخدمات الصحية في معظمهما تقدم بالمجان، والتعليم ايضا. و85 في المئة من مداخيل الدولة هي من النفط، والباقي من السياحة التي تعتمد في معظمها على الزائرين من دول عربية مجاورة.
هذه سياحة تجارية أو سياحة استجمام، وليست زيارة اماكن تاريخية أو مشاهدة مناظر مدهشة. سيكون اكثر دقة القول إن البحرين هي دولة مملة لا تستطيع أن تنافس التنوع الموجود في الامارات، التي هي ايضا ليست بالضبط روما أو باريس.

عن «هآرتس»