إيفون سرسق، المعروفة بالسيدة سرسق كوكرن وهو لقب ملكي موروث، هي محسنة، وشخصية عامة لبنانية بارزة، ومدافعة عن الفنون والتراث والمواطنية.
ولدت الابنة الوحيدة لألفريد بك سرسق، الأرستقراطي اللبناني ودونا ماريا تيريزا سيرا دي كاسانو، ابنة فرانشيسكو سيرا، دوق كاسانو السابع، تزوجت السير ديز موند كوكرن عام 1946، وتوفيت في 31 أغسطس عام 2020، إثر انفجار بيروت.
وكانت إيفون سرسق المديرة العامة ورئيسة لجنة متحف نقولا سرسق في بيروت من عام 1960 حتى 1966، أسست جمعية حماية المواقع الطبيعية والمباني القديمة في لبنان وتولت رئاستها من عام 1960 وحتى 2002.
وتركزت أواخر أعمالها على المشاريع التي تمنح الهجرة اللبنانية وتأصيل اللبنانيين في قراهم عن طريق خلق وظائف لهم في مجالات الزراعة والمنسوجات والصناعات اليدوية، وكانت من دعاة حماية البيئة في لبنان فضلًا عن التراث الثقافي المعماري اللبناني الفريد.
امتلكت قصر سرسق بالإضافة إلى رقعة واسعة من الأبنية على طول شارع سرسق، وصولًا إلى شارع غورو الفخم.
تعرَّف على عائلة سرسق اللبنانية التي ساهمت بدعم المشروع الصهيوني:
كانت "سرسق" إحدى أشهر نساء بيروت، حصلت على ثلاث جنسيات - بريطانية وإيطالية ولبنانية - وقسمت سنوات عمرها 98 بين نابولي وبيروت ولندن وأيرلندا وأماكن أخرى، لكن في وقت لاحق من حياتها، أصبحت بيروت مركز شغفها، في الأسبوع الماضي، أشادت بها الصحف العالمية، شاركوا معلومات كثيرة حول حياتها وعملها وعن القصر الخاص الذي تضرر.
لكن تم حذف تفاصيل مهمة في تاريخ حياتها من التقارير، التي كتبت عنها. كان لـ "سرسق" وعائلتها دور مركزي في تاريخ "المجتمع الصهيوني" في فلسطين وحافظوا على علاقات وثيقة مع جوشوا هانكين ولورنس أوليفانت وآرثر روبين وأيضًا مع الرئيس السابق حاييم هيرتزوغ.
السيدة "سرسق" هي سليل عائلة أرستقراطية غنية، ولدت في نابولي عام 1922. والدها ألفريد موسى سرسق كان أحد أفراد عائلة اشترت أراض واسعة في الشرق الأوسط، وكانت والدتها دونا ماريا دي كاسانو عضوًا في عائلة أرستقراطية إيطالية، من سلالة عائلة البابا.
ضم ميراث عائلتها مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي في الجليل الغربي و"وادي حيفر" وحيفا ويافا، كانت مساحة الأرض التي يقع عليها المعبد البهائي ملكًا للعائلة، وكذلك الشوارع الرئيسية في يافا ومئات الدونمات في منطقة شارع إيلات، تم شراء كل هذه الأراضي عام 1870، عندما باعت الخلافة التركية أراض فلسطينية لرعاياها، اشترت عائلة سرسك الثرية ما لا يقل عن 800 ألف دونم في جميع أنحاء فلسطين، بما في ذلك حوالي 200 ألف دونم في "وادي يزرعيل".
في عام 1891 بدأ النشطاء الصهاينة بالتفاوض على الأرض مع عائلة سرسق، في عام 1925، قامت العائلة بقائمة طويلة من الصفقات مع الصهيونية: مناطق في مدينة حيفا السفلى، 10000 دونم في وادي بيت شيعان، 30 ألف دونم في "وادي حيفر"، مرحفية، مزرا، تل عدشيم، نهلال، كفر يحزقيل، تل يوسف، يوكنعام، رمات يوحنان وعين حرود، كلها تم شراؤها من العائلة.
تزوجت "سرسق" عام 1946 من السير ديزموند كوكران، وهو نبيل إيرلندي عمل في بيروت قنصلًا عامًا نيابة عن بلده، وسافر بين بيروت ولندن، التحق أطفالهم الأربعة بمدرسة في لندن. في عام 1948، عند احتلال "إسرائيل" لفلسطين، كان لا يزال لـ"سرسق" أراض في فلسطين، خاصة في منطقة شارع إيلات في يافا ومدينة حيفا. ولكن بموجب قانون أملاك الغائبين لعام 1950، أُعلن غيابها وسيطرت هيئة التطوير على أصولها.
وفي العام نفسه، تقدمت سرسق بطلب إلى سلطات الاحتلال للحصول عن الأرض، لكن تم رفض الطلب، في عام 1966 تقدمت بطلب مرة أخرى، وتم رفض هذا الطلب أيضًا، استمرت لسنوات في تكليف محامين في الدفاع عن موقفها من الأراضي، حتى أنها حاولت تجنيد الجالية اليهودية في بريطانيا، وكانت دائما ما تؤكد لهم أن عائلتها ساعدت اليهود في احتلال الأراضي، وتأسيس المشروع الصهيوني، على أمل أن يكون هذا ما قد ينقذ أراضيها، لكن حتى هذا لم يساعد.
في بدايات الاحتلال، لم يكن القادة المؤسسون لـ"إسرائيل" مستعدين لوضع سابقة لقضية يحصل فيها مواطن لبناني لديه سجل عثماني (طابو) على اعتراف بملكيته للأرض بل وحتى تعويضه، وهكذا في أواخر الستينيات، لجأت سرسق، بوساطة محامين بريطانيين، إلى المحامي حاييم هرتزوغ، الرئيس السادس لـ"إسرائيل" فيما بعد.
عندما أسس هرتسوغ شركته الشهيرة Herzog Fox Loyal في عام 1972، أحضر معه قضية سرسق، وكان يتمتع بمكانة دبلوماسية دفعته لأن لا ينكر حقيقة أن عائلة سرسق من العائلات التي ساهمت في المشروع الصهيوني في فلسطين في السنوات التي سبقت الاحتلال.
قادنا البحث عن القضية المذكورة إلى أرشيف مكتب هرتزوغ في شارع وايزمان في تل أبيب، بناءً على طلب Globes، سُمح لنا بالبحث في الوثائق القديمة، كيس سرسك، في صندوق بني قديم، مليء بصفحات صفراء، تكشف الوثائق أن سرسق كادت أن تحصل على أرضها بعد مراسلات بين هرتزوغ ووزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، لكن بعد ذلك تتغير الحكومة في "إسرائيل"، وزير الخارجية ينتقل من منصبه ووزير الخارجية الجديد موشيه ديان يقرر عدم اتخاذ موقف وبالتالي سقط الأمر.
بعد إجابات سلبية من لجنة استثناءات أملاك الغائبين، قرر المحامي هرتسوغ الاستئناف أمام المحكمة العليا. طلب المساعدة من ابنه مايك، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 26 عامًا وضابط مخابرات. يتضح أن ابنه ساعده في تزويده بحوالي عشرة كتب، لكي يُظهر لقضاة المحكمة العليا أن هذه ليست قضية عادية تتعلق بممتلكات الغائبين، وأن عائلة سرسق داعمة للمشروع الصهيوني.
وتظهر الوثائق رسالة بتوقيع أصلي من الرئيس اللبناني الأسبق كميل نمر شمعون في 8 مايو 1980: "لمن يهمه الأمر: السيدة سرسق وعائلتها معرفون بالنسبة لي، والدها ألفريد كان مؤثراً سياسياً، وهي اتبعت دوماً خطاً وطنياً عرّضها للخطر، لقد حاربت دائما ضد احتلال لبنان سواء من قبل منظمة التحرير الفلسطينية أو من قبل القوات السورية، لقد فعلت ذلك من خلال الصحافة ووسائل الإعلام، رغم أن الوسائل المتاحة لها لم تكن كافية".
ولكن من بين كل التفاصيل المدهشة في القصة، يبدو أن حقيقة قبول دعوى سرسق في النهاية ربما كانت الأكثر إثارة، "قدم هرتزوغ إلى المحكمة العليا حجة قوية، هي أن سرسق لديها أكثر من جنسية، كان زوجها دبلوماسيًا إيرلنديًا، كان على لجنة الاستثناءات إعادة النظر، بعد صدور الحكم، توصل هرتزوغ إلى اتفاق مع اللجنة لتوقيع اتفاقية تعويض نقدي". لكن المبلغ المدفوع لها كان ضئيلا جدا، بالحديث عن مناطق شاسعة في يافا وحيفا.
إذا كان الأمر كذلك، فقد تمكنت ابنة أرستقراطية من لبنان - من خلال المال الذي سمح لها بتعيين أفضل المحامين - من الحصول على خطاب من رئيس لبنان وموافقة وزير خارجية إسرائيلي والحصول على تعويض عن الأراضي الثمينة. لذلك نفترض أن الفقراء والبسطاء لن يتمكنوا أبدًا من تحقيق ذلك. لكن "القاعدة الأساس في 99.99٪ من حالات ملكية الغائبين هي أن الناس لن يحصلوا على الممتلكات ما لم يكن هناك اتفاق سلام. لن يكون هناك إعادة للممتلكات".