نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا أعدته وكالة أنباء "أسوشيتد برس"، قالت فيه إن الأمير تركي الفيصل رد على انتقادات إيران بشان حادث التدافع في وادي منى الشهر الماضي، واتهمها باستغلاله سياسيا. مؤكدا حق وتميز بلاده في رعاية شؤون الحجاج، رغم التدافع الذي أدى إلى مقتل ما يقرب من الألف حاج، بحسب بعض التقديرات.
ويقول الصحيفة إن الأمير تركي رفض فكرة التشارك في إدارة موسم الحج السنوي مع بقية الدول الإسلامية، حيث قال إن إدارة الحج تعد بالنسبة للرياض "موضوع سيادة" و"تشريف".
وينقل التقرير عن الأمير البارز في العائلة قوله إن رعاية الأماكن المقدسة هي "أمر يتعلق بالسيادة والرفعة والخدمة". وأضاف أن "المملكة تجاوزت عبر السنين الأوقات الصعبة، عندما كان الحجيج لا يضمنون أمنهم للسفر في الأيام القديمة والعوامل الأخرى، مثل المرض والازدحام والسكن وغير ذلك، ولن نتخلى عن تلك الميزة أو الرفعة بكوننا خدما للحرمين الشريفين".
وتابع الأمير قائلا إن "سكان مكة هم الذين يعرفون مناطقها، ولا يمكنك أخذ هذا منهم"، في إشارة للمثل "أهل مكة أدرى بشعابها".
ويشير التقرير إلى أن الأمير تركي هو أبرز أمير في العائلة السعودية المالكة يعلق علنا على النقد الإيراني. لافتا إلى أن تصريحات الأمير تركي جاءت وسط النقد المتزايد للسعودية؛ بسبب التدافع الذي قتل أكثر من 1400 حاج، بحسب إحصائية أعدتها "أسوشيتد برس". وتشير أرقام أخرى إلى أن عدد القتلى يقدر بحوالي 1500 حاج، ما يجعله من أكثر الحوادث دموية في تاريخ الحج المعاصر، مع أن وزارة الحج السعودية تقدر عدد القتلى بـ769 حاجا.
وتبين الصحيفة أن الحادث وقع في موسم الحج في أيلول/ سبتمبر، عندما تدافع الحجاج نحو شارع ضيق في منطقة منى، وتداخلوا مع حشد آخر، وهو ما أدى إلى سقوط العديد ووفاتهم خنقا في التدافع الذي استمر ساعة، بحسب شهادات الناجين.
ويلفت التقرير إلى أن الحادث وقع بعيدا عن منشأة كلفت السعوديين الملايين لكي يخففوا من حدة الازدحام، حيث يرمي الحجاج الجمرات. ويعد موقع الجمرات واحدا من المشاريع التي أقامها السعوديون من أجل تأمين سلامة الحجاج. وقد أنفقت المملكة مليارات الدولارات من أجل توسيع الحرم المكي.
وتذكر الصحيفة أنه قد شارك في موسم هذا العام مليونا حاج من أكثر من 180 دولة. مشيرة إلى أن إيران، وهي المنافس الإقليمي للسعودية، التي فقدت أكبر عدد من الحجاج في الحادث، اتهمت السعودية بسوء الإدارة، ودعت إلى إنشاء هيئة مستقلة تشرف على الحج.
ويفيد التقرير، بأن إيران قد أعلنت أن عدد قتلى الحادث من حجاجها هو 465، أما وزارة الخارجية المصرية فتقول إن الرقم هو ما بين 165 إلى 177 حاجا، فيما لا يزال 64 حاجا في عداد المفقودين.
وتورد الصحيفة أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي قد انتقد بعد ساعات من الحادث "سوء إدارة" و"عقم" السلطات السعودية. مبينة أن أعدادا من المتظاهرين شاركوا في الاحتجاج أمام السفارة السعودية في طهران، وتعهد النائب العام الإيراني بملاحقة ومحاكمة "العائلة السعودية الحاكمة".
ويعلق الأمير تركي قائلا: "أعتقد أنهم يحاولون تحقيق إنجاز سياسي من خلال هذا الحادث، وهذا أمر يؤسف له"، وأضاف "يجب ألا تكون المعاناة الإنسانية أداة لسياسة لا أخلاقية". وقال إن "هذا هو شريط يعاد ويكرر مرة تلو مرة من القادة الإيرانيين"، بحسب الصحيفة.
ويوضح التقرير أن العائلة السعودية تعتمد في شرعيتها على خدمة الأماكن المقدسة في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. ويحمل الملك سلمان لقب "خادم الحرمين الشريفين"، كما حمله الملوك السعوديون من قبل.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الأمير تركي، الذي يترأس حاليا مركز فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، ويحمل اسم والده الملك فيصل، عمل لأكثر من عقدين مديرا للاستخبارات السعودية وسفيرا في بريطانيا وإيرلندا والولايات المتحدة. وشقيقه الأمير خالد هو أمير مكة الحالي.