لم يتعود الشعب الفلسطيني على الانتخابات والعملية الديمقراطية بجميع مؤسساته ان كانت انتخابات مجلس وطني أو مجلس مركزي أو لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو مجلس تشريعي أو رئاسي، وهذا لسببين السبب الأول الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الاحتلالية التي تعمل على الاستيطان والاغلاق وعرقلة كل ما هو يعمل على بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وقيامها، أما السبب الثاني فهو الفلسطينيين انفسهم فالانقسام والايديولوجيات الخاصة بكل تنظيم هي السبب الرئيسي لعدم إجراء الانتخابات فهناك فريقين فلسطينيين كل فريق له ايدولوجية تختلف عن الأخر والجميع يجمع على الثوابت والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وهذا يشكل قاسم مشترك ونقصد بالفريقين حركتي فتح وحماس
لقد خاض الشعب الفلسطيني تجربتين من الانتخابات الرئاسية والتشريعية فقد كانت التجربة الأولى عام 1996 التي لم يشارك بها جل التنظيمات وقد شارك فيها فقط حركة فتح ويرجع عدم المشاركة من التنظيمات لموقفها من اتفاق أوسلو، أما عن الثانية فقد جاءت بسبب استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات وأيضا لمرور ما يقارب عشرة سنوات على الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأولى حيث تم عقد الانتخابات الرئاسية الثانية عام 2005، والتشريعية عام 2006، والتي شارك بها بجانب حركة فتح اغلب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقد شاركت حركة حماس بالانتخابات التشريعية الثانية دون المشاركة بالانتخابات الرئاسية، كان هذا تحول في النظام السياسي الفلسطيني ليعطي صبغة الشرعية والمشاركة في العملية الديمقراطية الفلسطينية واصبح هناك مجلس تشريعي متعدد الالوان إلا أن الناخب الفلسطينية افرز كتلة برلمانية (حماس) تستطيع أن تنفرد بالقرار لحصولها على 76 مقعد من اصل 132 مقعد بالمجلس التشريعي.
لقد مر عام 2007 على الفلسطينيين خصوصا في قطاع غزة بنكبة تضاهي نكبة عام 1948، حيث شهد منتصف عام 2007 عام الانقسام الفلسطيني وانقسم الوطن إلى قطاع غزة والضفة الغربية وهو منقسم حتى الان رغم المحاولات والجولات التي لم نعد نذكر عددها وكانت تحاول انهاء الانقسام إلا أنها كانت جميعها فاشلة بسبب عدم اتفاق الفصيلين المنقسمين فتح وحماس.
ان ما جاء في الكثير من جولات المصالحة أن الطرفين متفقين على الكثير من القواسم المشتركة منها اجتماع الاطار القيادي لمنظمة التحرير الممثل بالأمناء العامين واصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية إلا أنها كانت لا تطبق فلم تكن مصلحة فلسطين أولوية.
لقد جاء اجتماع الأمناء العامون لفصائل منظمة التحرير وحركتا حماس والجهاد الاسلامي بعد انقسام دام أكثر من 13 سنة رغم الدعوات الكثيرة التي طالب بها جميع الفصائل بما فيهم فتح وحماس ولكن الجميع قال : أن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي، وتم عقد الاجتماع في اجواء ايجابية واتفق الجميع على ضرورة انهاء الانقسام ووضع خطط لمواجهة التطبيع وصفقة القرن وسياسة الضم وأيضا الإجماع على ضرورة عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية .
رحب الجميع بهذا اليوم التاريخي بحياة الشعب الفلسطيني وكان الترحيب محاط بالحذر لتجربة الشعب المريرة بجولات المصالحة الفاشلة التي عملت على الاحباط لدى الجميع حتى أصبح الشعب على قناعة بانهم لم ولن يتفقوا.
أن تجديد الشرعية الفلسطينية وضخ دماء جديدة وتغيير الوجوه التي أصبح غير قادر العقل البشري وخاصة على استيعابها أو تقبلها لهو أمر جيد، ولكن في ظل تعنت الاحتلال وممارساته لعرقلة حركة المواطنين والعملية الديمقراطية وخصوصا في القدس يجعل من إجراء الانتخابات أمر صعب اضف إلى ذلك ان هناك عقبات داخل الضفة الغربية والتغول الاستيطاني والدعم الأمريكي للاحتلال وصفقته المنحازة للاحتلال، وهرولة الدول العربية للتطبيع كل ذلك يجعل من أمر الانتخابات في الوقت الحالي صعب وغير ممكن .
أن الأحزاب والحركات الفلسطينية الوطنية منها والاسلامية الجميع يناضل من اجل التحرر الوطني وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 باستثناء حركة الجهاد الاسلامي التي لا تمانع مادام هذا رأي الجميع وجميعهم ثابت على الثوابت وهي الدولة والقدس واللاجئين و.... وهناك اجماع على رؤية المقاومة بجوانبها الشعبية والغير شعبية وقد اتفق على اساليب المقاومة فان كان الكل الفلسطيني يجمع على ذلك فالتوافق بديل عن الانتخابات هو العلاج الناجع في هذا الوقت.
يتفق الجميع على ترتيب البيت الفلسطيني الممثل بمنظمة التحرير عمود خيمة الشعب الفلسطيني ومن ثم تتشكل حكومة تحرير وطني وبالتوازي مع بناء المؤسسات الفلسطينية وبناء الإنسان الفلسطيني والاهتمام بالشباب لتشكيلهم القاعدة العريضة الواسعة للشعب الفلسطيني, والتوافق الوطني باشراك الجميع كل هذا يمثل شرعية أمام العالم اجمع.
العدو يبني ويتطور ويتوغل داخل المنطقة ونحن لا ندرك ذلك بسبب إصرارنا على الانقسام والبقاء على الانجازات التاريخية والتغني بها وعدم المراكمة عليها إذا لم نفيق ونرى ما يدور حولنا سوف لا نجد احد بجانبنا حتى انفسنا لم نستطيع أن نجدها.