إنضاج "طبخة الأقصى" !

اسرائيلية
حجم الخط

13 تشرين الأول 2015


بقلم: اللواء احتياط اليعيزر (تشايني) مروم

أعمال الاخلال بالنظام وموجة العنف التي بدأت في الضفة الغربية وانتقلت الى داخل اسرائيل تنبع في اساسها من تحريض منفلت العقال وكاذب لمحافل الاسلام المتطرف، التي نجحت في أن تضع ما تسميه «الصراع من اجل الاقصى» في مركز الخطاب. هذا هو القاسم المشترك الادنى والاوسع، وهو يجمع حوله معظم الجمهور المسلم لأنه تتقاطع فيه الحدود والمعسكرات.
دولة اسرائيل ذات تجربة جمة في مكافحة «الارهاب»، وفي صالحها تسجل ايضا نجاحات غير قليلة. ثمة قاعدة معروفة هي أنه في «مكافحة الارهاب» مطلوب معركة متداخلة تتضمن عناصر قضائية، اقتصادية، عسكرية ودبلوماسية تستخدم بشكل متداخل وعلى مدى الزمن بتصميم كبير.
«مكافحة الارهاب» اثناء وما بعد «السور الواقي» هي مثال بارز على مكافحة ناجحة لـ «الارهاب». فقد خلقت قوات الجيش الاسرائيلي واقعا جديدا اثناء الحملة، واقعا يسمح بحرية عمل لـ «قوات الامن» في كل «المناطق» (بما فيها مناطق أ و ب). ومنذئذ وحتى اليوم تنفذ قوات الجيش الاسرائيلي – من خلال الاستخبارات النوعية التي يجمعها في معظمها جهاز الامن العام «الشاباك» – اعتقالات ومعالجة لشبكات «الارهاب» في حملات موضعية في كل المناطق.
اضافة الى المساعي الدبلوماسية – العسكرية ازاء قوات الامن الفلسطينية نشأ تنسيق أمني بين الجيش والمخابرات الاسرائيلية وبين القوات الفلسطينية، وادت هذه على مدى الزمن الى اجتثاث شبكات «الإرهاب». اعمال اخرى مثل التسهيلات الاقتصادية، ازالة الحواجز، معالجة مصادر المال وبالطبع الجدار، أدت الى تشويش شبكات «الارهاب» في الضفة تماما. هذا مثال على عمل متداخل، مصمم ومتواصل أدى الى النجاح.
على مدى كل تلك الفترة واصلت المحافل الاسلامية «المتطرفة»، الحركة الاسلامية، «الجهاد»، و»حماس» الترويج لمعركة كاذبة «في سبيل الاقصى» دون أن تحظى بمعالجة ذات مغزى. بعد سنوات من التحريض تغلغل الكذب واصبح امرا مسلما به يشعل الشارع العربي. والشبكات الاجتماعية هي اليوم الاداة الاسس التي ينشر عبرها التحريض. وبمساعدة جهات محيطة اخرى بما فيها صعود «داعش»، الجمود السياسي، وكذا حجيج النواب والوزراء الى الحرم، نجح «المتطرفون» في إنضاج «طبخة الاقصى»، وتحت رعاية الاجواء في الشارع، التي على أي حال كانت مشحونة وقابلة للانفجار، جاءت موجة العنف الاخيرة. هذا مثال على المعالجة غير الصحيحة، ولا سيما في البعد العسكري – الشرطي، ولعدم معالجة الابعاد الاخرى التي أدت في نهاية المطاف الى اندلاع العنف الحالي.
واضح الان، حين اندلعت موجة «الارهاب»، وهي تتميز بـ «ارهاب» السكاكين من الافراد، كل ما يمكن عمله أمنيا وعسكريا هو اغراق المنطقة بالشرطة والجنود للرد بسرعة على كل حدث الى ان تنطفئ موجة «الارهاب» هذه. والمعالجة الصحيحة على مدى السنين لشبكات «الارهاب» في الضفة تقلص جدا احتمال أن تنفذ اضافة الى السكاكين عمليات «ارهاب» قاسية داخل اسرائيل (صعب جدا منع هذا تماما) وتمنعنا الان من الخروج الى حملة واسعة النطاق ضد شبكات «الارهاب»، كونها تعالج على نحو صحيح، بتواصل وبتصميم، على مدى كل السنة.
على اسرائيل أن تعلن حربا طويلة المدى ضد محافل التحريض وعلى رأسها الجناح الشمالي للحركة الاسلامية. كما ينبغي قبول التحدي ومعالجة التحريض في الشبكات الاجتماعية – وهي مسألة معقدة من ناحية قانونية. وهذا يمكن عمله حتى في دولة ديمقراطية، ولكن لهذا مطلوب معالجة متداخلة قانونية – استخبارية وتصميم سياسي. اضافة الى ذلك، مطلوب اتخاذ خطوات استكمالية في الساحة الدبلوماسية لمنح افق سياسي – اقتصادي للخطوة كلها.
ولا يمكن دون الثناء على محافل الامن – الجيش، الشرطة والمخابرات – التي تعمل دون كلل وبتعاون جدير بالتقدير مع الجمهور الاسرائيلي، كل السنة، لمنح الأمن. لهم يقل ببساطة: شكرا.

عن «معاريف»