موجة العنف قد تستمر فترة طويلة

عاموس
حجم الخط

13 تشرين الأول 2015


بقلم: عاموس هرئيل

موجة العنف، التي تندلع في اسرائيل و»المناطق» منذ مقتل الزوجين هنكن في الاول من تشرين الاول، قد تستمر فترة طويلة. هذه هي القناعة لدى الاجهزة الامنية التي ما زالت تجد صعوبة في التغلب على مشكلة «ارهاب» السكاكين. وضعت العمليات «قوات الأمن» في حالة تأهب عالية، وأصابت الجهاز السياسي بالهستيريا، وكذلك الجمهور الذي يبحث عن أمنه الشخصي. أول من أمس ايضا حدثت عملية طعن واحدة مقارنة بثلاث أو اربع عمليات في كل يوم من الايام الماضية. يبدو أن التوتر لم يقل.
الطعن في الخضيرة وتفجير اسطوانة غاز في سيارة بالقرب من معاليه ادوميم وعدد من المظاهرات والاحداث في الضفة الغربية وفي الوسط العربي الاسرائيلي وتجنيد سرايا حرس الحدود في الاحتياط وجلسة حكومة خصصت للوضع الامني وبث مفتوح في التلفاز والمذياع – كل ذلك أبعد المواضيع الساخنة الاخرى. هذه هي الصورة التي تتضح الآن في الساحات المختلفة للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين:
القدس الشرقية بقيت جوهر الصراع، وعمليات الطعن الثلاث في نهاية الاسبوع أكدت الصعوبة التي تواجهها الشرطة في مواجهة الخطر الذي يشكله «المخرب» الوحيد، حيث يكون على الاغلب شابا دون ماض أمني. 
المظاهرات في الاحياء الفلسطينية صاخبة وعنيفة أكثر مما هي في الضفة، النساء ايضا يشاركن في المواجهات، ولم يعد الأمر يقتصر على الأولاد والشباب. ليس فقط أن أجهزة السلطة لا توجد هناك، بل إن «حماس»، الحركة الاسلامية في اسرائيل (وحتى الاونة الاخيرة «فتح» ايضا) يقومون بالتحريض. يستمر الحرم في كونه مصدرا للتوتر. شعارات تنتقد محاولات السيطرة الاسرائيلية على المسجد الاقصى تُسمع في كل المظاهرات في القدس والضفة الغربية.
في الضفة الغربية توجد في الايام الاخيرة جهود من السلطة الفلسطينية لتهدئة الاجواء. تستطيع السلطة كبح المظاهرات العنيفة التي تخرج من المدن الفلسطينية باتجاه حواجز الجيش الاسرائيلي، وهنا نجاحها ايضا محدود. فليس لها تأثير أو قدرة تجاه «المخرب الوحيد» الذي هو في بعض الحالات من سكان شرقي القدس في الأصل.
في قلقيلية بعد نهاية اسبوع صاخب كان أول من أمس هدوء في المظاهرات، وقد أبعدت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الشباب عن موقع الجيش وحرس الحدود في المدخل الغربي للمدينة. على طول جدار الفصل سجلت أحداث قليلة، وقامت السلطة بمنع اضرابات الاحتجاج في المدارس، وقلصت التحريض ضد اسرائيل في وسائل الإعلام الرسمية. النقاشات في الشبكات الاجتماعية ما زالت ترغب بالعنف – اللافت في الامر هو أن رئيس الحكومة نتنياهو تراجع تماما عن اتهاماته الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في موضوع التحريض. يبدو أن نتنياهو قد استمع للخبراء الذين قالوا إن عباس لا يشجع «الارهاب»، وهو يعمل على منعه. 
وهذا لا يشمل الجناح اليميني في الحكومة والكنيست الذي ما زال يقوم بالتحريض، لكن نتنياهو خفف من لهجته بتأثير الأجهزة الامنية.
قد يكون لقطاع غزة تأثير في استمرار المواجهات الحالية. فمنذ يوم الجمعة قتل في القطاع 11 فلسطينيا منهم أم وابنتها قتلتا بغارة اسرائيلية لسلاح الجو على اهداف لـ «حماس»، صباح أول من أمس. يقتصر الاحتكاك مع الفلسطينيين على المظاهرات التي يتم فيها القاء الزجاجات الحارقة قرب الجدار الفاصل واطلاق صواريخ معدودة الى داخل اسرائيل.
السؤال الاساسي في الايام القريبة سيكون ماذا يريد محمد ضيف، رئيس الذراع العسكرية لـ «حماس». في الصيف قبل قبل الماضي حيث كان يحضر لعملية من خلال نفق في كرم أبو سالم، كان سببا من اسباب اندلاع الحرب. في الاجهزة الامنية يعتقدون أن «حماس» في هذه المرة تفضل إشعال مدن الضفة لضعضعة سيطرة السلطة الفلسطينية دون توريط غزة مرة اخرى في حرب الصواريخ. هذا الافتراض سيخضع قريبا لامتحان الواقع. في «حماس» يوجد فرقان أساسيان بخصوص الحرب في السنة الماضية: الانقسام واضح بين الذراع السياسية (التي تتبع السعودية) وبين الذراع العسكرية (التي عادت الى احضان ايران) – يبدو أن ضيف يفضل عدم إشراك السياسيين في أسراره وخططه.·العرب في اسرائيل. هناك توتر حول الحرم، وتحريض من الحركة الاسلامية، ويضاف الى ذلك مصدر غضب آخر هو الفيلم الذي وثق اطلاق النار على الفتاة العربية الاسرائيلية التي كانت تحمل سكينا في المحطة المركزية في العفولة. في ليل السبت كانت هناك مظاهرات في مناطق كثيرة، ومن قام بالطعن، أول من أمس، بالقرب من الخضيرة كان عربيا من اسرائيل. وما زالت هذه المظاهرات غير واسعة وغير عنيفة مقارنة بأحداث تشرين الاول 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الثانية. الاختلاف حول تعريف هذه الاحداث لا يقتصر على الاسرائيليين فقط. ففي السلطة الفلسطينية يفضلون تسميتها «هبّة»، أي أن لها وقتا محدودا. أما «حماس» فتعتبرها انتفاضة ثالثة، أي صراعا بعيد المدى. لكن الطرفين يفهمان أننا أمام واقع جديد.
العقيد المتقاعد، آساف أوريون، رئيس سابق لقسم الاستراتيجية في قسم التخطيط في هيئة الاركان حتى السنة الماضية، ونظرا لدوره فانه ضيف دائم في جلسات الكابينت. وقد نشر اوريون في الاسبوع الماضي وثيقة كتبها مع أحد أسلافه في الوظيفة، اودي ديكل والدكتور كوبي ميخائيل في اطار معهد الابحاث الامني القومي في تل ابيب. 
واحدى التوصيات في الوثيقة هي أنه يجب على الحكومة أن تكف عن خداع الجمهور الاسرائيلي على أنها قادرة على انهاء «الإرهاب» بشكل تام، حيث كتبوا «على الجمهور أن يعرف مغزى ادارة الصراع في الظروف الحالية»، حيث هناك تأثير للدين وللاحداث في الشرق الاوسط.
يعترف قادة الاجهزة الامنية جزئيا أن هناك طريقة لكبح «ارهاب» السكاكين، وأن الهجمات ستتراجع من تلقاء ذاتها، وليس هناك أمل في أن يعود التنسيق بين الطرفين الى عهده السابق. إن الاحداث الحالية تحدث بسبب ضعف الردع، وهي تفسد ما بقي من التنسيق.
التطورات في الايام القادمة سترتبط بأحداث موضعية: نجاح «مخرب» فلسطيني وحيد في عملية دموية، رد اسرائيلي زائد أو عملية دموية لمتطرفين اسرائيليين. وهذا يعني أن الاهتزازات من العالم العربي قد وصلت، ولكن متأخرا الى «المناطق». 
بعض القوة تم أخذها من القادة وأعطيت للمواطن الوحيد في الشارع، ولأن المواطن يائس وخائب الأمل أو تم غسل دماغه بالدعاية الدينية العنيفة، فان احتمال استمرار التصعيد يزداد.

عن «هآرتس»