التفِتوا إلى الضفة وغزة.. لتفهموا

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي



تسجل كراهية بنيامين نتنياهو أرقاماً قياسية جديدة. جزء منها يستحقه بسبب سلوكه، اتهاماته، وإخفاقاته وفشله. والجزء الآخر، المبالغ فيه والهستيري والطفولي، يعكس أكثر المعسكر الذي يقف أمامه. «كم أخطأنا، وكم أجرمنا، من اجل أن نستحق هذا العقاب؟»، يندب نحاميا شترسلر، بروح توراتية، عقيدة الثواب والعقاب الديني عشية يوم الغفران. أعلن أوري مسغاف التمرد، وهو يحذّر من حرب أهلية تقترب، ويهدد بأنه هو وأصدقاؤه لن يكونوا لطيفين من الآن فصاعداً. ويشبّه المعسكر المدلل لمعارضي نتنياهو بالفهود السود المضطهدين في السبعينيات.
أيضا كلمات ديكتاتور، وحشي، مجرم، ونهاية الديمقراطية، تتردد على الألسنة بسهولة لا تحتمل. نتنياهو هو الكسندر لوكشنكو، روسيا البيضاء هنا.
«ديكتاتورية نتنياهو» ليست ديكتاتورية. هذه هي نتيجة نظام سياسي جبان وصامت ومستخذٍ وذليل ومستسلم حوله – في حزبه، في حكومته، وأيضا في المعارضة التي أمامه.
أن نتنياهو أصبح هو المقرر الوحيد، تقريبا هو الحاكم الوحيد، لكن الذنب هو ذنب النظام الذي يسمح له بذلك.
في روسيا البيضاء لا يوجد خيار، وفي إسرائيل لا توجد شجاعة. عندما يكون هناك أحد قادر على الوقوف أمام نتنياهو فانه سيسقط، وستعود إسرائيل لتصبح الديمقراطية الجميلة في نظر نفسها.
ولكن الرد على الخطوات الاستبدادية الصغيرة لنتنياهو كان يجب أن تعلم الإسرائيليين درساً في مجال آخر تماما.
عندما تم اتخاذ الخطوات الأولى ضد «كورونا»، ذاق الإسرائيليون للمرة الأولى في حياتهم طعم الحواجز، الإغلاق، قيود الحركة، اقتحام منازلهم، البطالة الجماعية والخوف من المجهول.
كان هذا أشبه بتذوق عينة خفيفة من الحياة في ظل الاحتلال، التي هي الحياة الروتينية للفلسطينيين منذ ثلاثة أجيال على الأقل.
الآن جاءت المرحلة الثانية، مرحلة الكراهية لمن يفعل ذلك. من يكرهون نتنياهو الآن يذوقون طعم الكراهية للشخص الذي يبدو في نظرهم مثل ديكتاتور، يسيطر على حياتهم خلافا لإرادتهم. تقود هذه الكراهية إلى المرحلة التالية – التهديد بمقاومة عنيفة.
صحيح أن هذا التهديد في الوقت الحالي مضحك وفارغ وليس له أي احتمال للتحقق. فاليسار الإسرائيلي مدلل أكثر من أن يشن حربا أهلية، وضائقته الشخصية ليست شديدة بما فيه الكفاية لحثه على تغيير ذلك. ولكن مجرد الحديث عن عصيان يجب أن يذكره بشيء ما؛ عيونه المسطحة.
كل ديكتاتورية تثير الكراهية. وعندما تطول تثير مقاومة عنيفة. وأمام كل ديكتاتورية عنيفة ووحشية تقوم مقاومة عنيفة ووحشية، وهي مشروعة.
ما يسمى بديكتاتورية نتنياهو هي نظام مخملي مقارنة بالنظام السائد في الأرض المحتلة. الخطوات التي تتخذ ضد الإسرائيليين في فترة «كورونا» محدودة بزمن ومستوى.
هي ليست عنيفة، يوجد لها مبرر، ويتم فرضها عليهم كقانون من قبل الكنيست التي انتخبوها في انتخابات حرة. ولا شيء من ذلك يسري على «المناطق».
فالخطوات اكثر شمولية ووحشية بدرجة لا تقدر، وهي عنيفة ودائمة وأبدية ولا يوجد لها أي مبرر، وهي غير مشروعة بصورة واضحة. وفوق كل ذلك، هذه الخطوات تفرض من قبل حكومة أجنبية وجيش اجنبي سيطرا بالقوة على شعب آخر.
الآن يجب عليكم فهم دوافع الكراهية والمقاومة والتضحية والشجاعة والاستعداد لاتخاذ خطوات عنيفة ووحشية ضد إسرائيل.
إذا كان نتنياهو يثير هنا مثل هذه الكراهية فتخيلوا أي كراهية تثيرها دولة إسرائيل التي تفعل بالفلسطينيين ما تفعله.
اذا كان في المعسكر الذي يحارب نتنياهو يوجد الآن حديث مشروع تقريبا عن تمرد فتخيلوا كم هي مشروعة المقاومة الفلسطينية العنيفة – التي نسميها «ارهابا» – ضد نظام الديكتاتور، غير القانوني والمستمر منذ عشرات السنين.
عندما يطلق معارضو نتنياهو عليه ديكتاتورا، ويتحدثون عن خراب الديمقراطية فمن الأفضل أن يوجهوا نظرهم إلى الضفة الغربية وغزة.
ربما سيبدأ الآن إسرائيليون في فهم المقاومة العنيفة، المحتمة والمفهومة، ولشديد الذعر أيضا المشروعة والمبررة للفلسطينيين. هذه هي الحال في مواجهة الديكتاتورية.

عن «هآرتس»