جرت في العام 1996 الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية الأولى منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية. وذلك طبقا لقانون رقم (13) لعام 1995 وتعديلاته. وقد اعتمد القانون المذكور نظام الأغلبية (الدوائر) موزعاً على 16 دائرة، حيث كان الترشح فرديا والانتخاب للأفراد بحسب عدد مرشحي الدائرة. بعمر 35 كحد أدنى لمرشح الرئاسة وبعمر 30 كحد أدنى لمرشح المجلس التشريعي. تم إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية التي تم تشكيلها بمرسوم رئاسي بتاريخ : 21 كانون أول 1995 وترأسها محمود عباس.
فاز الراحل ياسر عرفات في الانتخابات الرئاسية بنسبة 88.2٪ من الأصوات. أما في الانتخابات البرلمانية، فتم انتخاب 88 عضواً للمجلس التشريعي الأول يمثلون قطاع غزة والضفة الغربية والقدس بنسبة تمثيل فصائلية كما يلي:
فتح: 55, مستقل مرتبط بفتح: 7, مستقل مرتبط بالحركات الإسلامية: 4 , مستقل: 15, مسيحي: 3 , سامري: 1 وأخريات: 3- شمل ذلك فدا (الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني)، وقائمة الحرية والاستقلال، والائتلاف الوطني الديمقراطي بزعامة حيدر عبد الشافي.
تم انتخاب خمس نساء (3 فتح و 2 مستقلين) للمجلس التشريعي الفلسطيني, ومن الجدير بالذكر ان السيدة سميحة خليل نافست ياسر عرفات في الانتخابات الرئاسية وحصدت 11.2٪ من الأصوات، مشاركة السيدة سميحة جاءت للإثبات للعالم ان نساء فلسطين يتفوقن على نساء المنطقة والعالم، وكانت فلسطين بهذه التجربة من أوائل الدول التي تنافس فيها سيدة على منصب الرئاسة. أما فوز 5 سيدات من أصل 88 في الانتخابات التشريعية، فهذه نسبة لا تتوافق مع ما أثبتته السيدة سميحة خليل، حيث ترشحت ٢٥ سيدة، وفازت ٥ سيدات فقط، هذه النسبة دعت صانعي القرار ان يعيدوا النظر في القانون وان يتبنوا نظام الكوتا، لضمان تمثيل المرأة بنسبة تلائم كفاءات المرأة الفلسطينية.
لانتخابات 2006، تم تعديل قانون الانتخابات، تم رفع عدد المقاعد من 88 الى 132، وتم رفع سن الترشح للرئاسة الى 40 كحد ادنى، بينما تم تخفيض سن الترشح للمجلس التشريعي الى 28 كحد ادنى. وبدلاً من نظام الأغلبية على مستوى الدوائر تم تبني نظام مختلط بالتساوي، يدمج بين نظام التمثيل النسبي حسب القوائم ونظام الاغلبية حسب الدوائر. ونرى ان هذا التعديل مهم، فبناءً على الأدلة، في البلدان التي لديها العديد من الأحزاب السياسية، يعتبر أن الدول التي تتبنى نظاما انتخابيا نسبيا أكثر ديمقراطية، فنظام الأغلبية يسهل تمثيل أيديولوجية واحدة مهيمنة أو مجموعة اجتماعية واحدة، والتي في حالة فلسطين هي فتح مما يؤدي لإقصاء الأحزاب والفصائل الأخرى في المؤسسات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن المجتمع الفلسطيني هو بالفعل قبلي إلى حد ما، فإن إنشاء 16 دائرة انتخابية شجع فقط هذا الاتجاه وعزز فكرة الانتخاب على أساس القبيلة أو العائلية بدلاً من الاستناد على الكفاءة عند التصويت. وللتحضير لهذه الانتخابات، ترأس لجنة الانتخابات المركزية الدكتور علي الجرباوي.
في انتخابات 2006، فازت 17 سيدة من أصل 132 في المجلس التشريعي حسب القوائم، اي بعد تبني الكوتا التمثيلية للمرأة في كل قائمة، فلقد نصت المادة (4) من قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005، انه يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات النسبية (القوائم) حداً أدني لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من: 1- الأسماء الثلاثة الأولى في القائمة. 2- الأربعة أسماء التي تلي ذلك. 3- كل خمسة أسماء تلي ذلك. والمثير انه ولا سيدة ممن ترشحن على نظام الأغلبية حسب الدوائر استطاعت ان تحصد عدد أصوات يمكنها من أي مقعد! وفاز الرئيس أبو مازن في الانتخابات الرئاسية.
فيما اذا جرت انتخابات 2021، باشراف لجنة الانتخابات المركزية برئاسة الدكتور حنا ناصر وبحكم مخرجات الانتخابات السابقة وطبيعة الوضع السياسي المتردي، يتفق الجميع ان النظام السياسي الفلسطيني بحاجة ماسة لضمان مشاركات أعلى للمرأة والشباب.
وبعد تأكيد الرئيس محمود عباس انه يسعى لعقد الانتخابات الفلسطينية بمجرد التوصل إلى اتفاق مع جميع الفصائل، بدءاً بالانتخابات البرلمانية ويليها انتخابات رئاسية ومجلس وطني. وفِي ظل إعلان رئيس الوزراء محمد اشتية أنّ عام 2020 سيكون عام الشباب، لا بد من مشاركة الشباب في العملية السياسية خاصة وان الشباب يشكلون خمس المجتمع الفلسطيني حسب الجهاز المركزي للإحصاء عشية اليوم العالمي للشباب، بنسبة 22%، من إجمالي السكان في فلسطين منتصف العام 2020، (23% في الضفة الغربية و22% في قطاع غزة) ممن هم بين (18-29 سنة) في فلسطين، في حين ان 68% من مجموع السكان أقل من 30 سنة!
بما أن اللجنة المركزية لحركة فتح أجمعت على تبني النظام النسبي بشكل كامل في الانتخابات القادمة، اذا توافقت كل الفصائل، هذا سيستدعي تعديلاً في قانون الانتخابات سيصدر على شكل مرسوم رئاسي، وهنا نشدد أن النظام النسبي يضمن تمثيلا اكثر ديمقراطية من نظام الأغلبية وان ضمان حصول السيدات في فلسطين على مقاعد أكثر جاء بعد تبني "الكوتا".
اذاً حلم مشاركة الشباب في النظام السياسي الفلسطيني لن يتحقق الا عند إدخال تعديل جديد على قانون الانتخابات يضمن كوتا خاصة للشباب على غرار المرأة من خلال تحديد الفئات العمرية في تشكيل القوائم يلزم المرشحين بدمج الشباب في قوائمهم للترشح، كما ورفع نسبة الكوتا الخاصة بمشاركة المرأة لضمان وصول الشباب والسيدات من أعمار عشرين وثلاثين الى مقاعد المجلس التشريعي حتى نضمن تمثيل 68% من المجتمع الفلسطيني المتمثل بالشباب.
- بقلم: د. دلال عريقات: استاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.