الاحتجاج ضد نتنياهو بدأ ينضج

حجم الخط

بقلم: عوزي برعام


هدف بنيامين نتنياهو وقف الاحتجاج في بلفور؛ لأن هذا الاحتجاج ساعد على انهيار المبررات الأخلاقية لحكمه. وقد فهم أنه اذا استمرت هذه الاحتجاجات فإن كثيرين آخرين سيطرقون أبوابها. لا يقلقه الإغلاق العام، فهو يخاف من إغلاق فردي.
رغم ذلك، أعتقد بأن الادعاء بأن خطواته الأخيرة تقرب نهاية الديمقراطية الإسرائيلية، مثلما حذر هنا كثيرون منهم أوري مسغاف في 1/ 10، ومردخاي كرمنتسار في 30/ 9، هو ادعاء خاطئ، ليس فقط لأن نتنياهو لم يحقق اهدافه، بل أبعدها كثيرا عن مجال تحققها؛ لأن الاحتجاج يتشكل في القلوب وفي البيوت وعلى الجسور وفي معظم البلدات في البلاد. وهذا الاحتجاج لم يخفت، بل ازداد. وحتى ولو فرض المزيد من القيود والمزيد من المحظورات فإن نتنياهو لن يستطيع إخراج الزبانة من الاحتجاج ومن الغضب الموجود في القلوب ومن الشعور بالاستياء.
يتشكك الجمهور في أن الاغلاق الشامل الذي تم فرضه عليه ليس سوى تعبير عن غضب عائلة نتنياهو، وهو لن يضعف عزيمة معارضي نتنياهو، بل سيزيد الاحباط ويسرع نشاطات المعارضة.
من المشكوك فيه أن نكون عرفنا في السابق ازمة بهذا الحجم. حجم الفشل في معالجة «كورونا» أصبح معروفا، الآن، حتى قبل تشكيل لجنة تحقيق. يعرف نتنياهو ذلك جيدا. هو يفهم أنه سيتبين بأنه هو المسؤول عن فشل «يوم الغفران» في فترة «كورونا». وحقيقة أن الامر يتعلق بفشل، يمكن أن يتبين أنه اخطر من فشل «يوم الغفران»، العام 1973، من شأنها أن تتغلغل في وعي الكثيرين. وحينها سيكون ايضا هناك كثيرون سيفرحون ضد عرض «إسرائيل الثانية» كمؤيدة لحاكم فاسد، كما يدعي مقربو نتنياهو.
الاحتجاج آخذ في التعاظم وينضج في القلوب، وهو سيعطي ثماره فيما بعد. هكذا تسير الامور. حتى لو لم يسمح نتنياهو بإجراء انتخابات في العام 2021، فإنه سيواجه احتجاجات متواصلة.
أذكر جيدا «يوم الغفران»، العام 1973، أتذكر المحادثات الكئيبة والفظيعة عند اندلاع الحرب، وأتذكر الألم العميق وغضب الجمهور الذي دفن افضل ابنائه. ولكن الجمهور في حينه لم يكن مملوءاً بالغضب مثلما هو الآن. والشبكات الاجتماعية التي تنشر بخار السموم لمسافات بعيدة لم تكن موجودة. كان هناك شعور من الرغبة في الوقوف معا. بعد بضعة أيام على الإخفاق والتردد تجند الجميع للمعركة، وحققوا انتصارا عسكريا لامعا. بعد ذلك اندلع الاحتجاج الذي أدى الى تغييرات في الحكومة، وبعد ذلك ايضا أدى الى الانقلاب التاريخي في العام 1977. مر وقت قصير، لكن الغضب نضج الى درجة أن يحدث تغييرات.
يوجد لـ»البيبية» سيطرة قوية في اوساط جمهور الناخبين، لكن يوجد مصوتون لـ»الليكود» بدؤوا يشعرون أنهم يقفون أمام قربة مثقوبة – بمن فيهم الشباب من بينهم، والذين يرون الافق آخذا في الانسداد أمام أنظارهم. هؤلاء سينضمون الى التظاهرات المحلية التي ستزداد وتتعاظم وتتحول الى تظاهرات كبيرة، يخاف منها نتنياهو الى درجة نفاد الصبر.
في هذه الأثناء، على المتظاهرين الامتناع عن استئناف التظاهرات الضخمة خلافا للتعليمات. هذه التظاهرات ستعطي نتنياهو سلاحا سيوجه ضد المحتجين. الطريق للتغيير تكمن في فهم أن الفساد والإدارة السيئة وعدم الثقة ليست قدرا محتما، ونتنياهو ليس قدرا محتما. يمكن للأمور أن تكون مختلفة.

عن «هآرتس»