آمن الشعب الفلسطيني بالله وبانطلاقة حركة فتح بأداتها الكفاح المسلح لرفع الظلم وإنهاء حالة اللجوء التي يعاني منها الشعب الفلسطيني ومن ثم تلاشي ما يمكن أن يكون دولة للشعب الفلسطيني ومن خلال الكفاح المسلح والثورة الشعبية لتحرير فلسطين وإقامة الدولة الديمقراطية على كل الأرض الفلسطينية.
هذه الشعائر الثورية والانسانية التي حملتها حركة فتح من خلال رصاصتها الأولى وشهدائها وقادتها الذين مضوا على طريق تلك الأهداف، فما كان يوماً أن يعتقد أن حركة فتح لا تعبر عن إرادة شعبها ولا تلبي طموحاته وخاصة في السنوات الأولى لانطلاقتها التي ما لبثت أن تعرضت لاختراقات وحصار ولإملاءات المال السياسي العربي ولأن رأس المال الفلسطيني لم يكن جاداً ومساهماً فعلياً في بناء الثورة الشعبية وثقافتها.
هكذا تغير واقع حركة فتح من حركة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والشعوب المحبة للحرية والسلام والتي كانت حركة فتح فيها هي طليعة حركات التحرر العالمية بعد الثورة الجزائرية وانتصاراتها والثورة الفيتنامية وانتصاراتها، والثورة في اليمن والتي أسست لجذورها حركات التحرر والثورات العربية على الأنظمة القمعية والموالية لنتائج القوى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية، فكان عبد الناصر هو المارد العربي الذي تمرد على الخريطة السياسية والجغرافية التي أفرزتها نتائج الحرب العالمية الثانية عندما دعا للوحدة العربية والقومية العربية ووجوب مشاركتها في تحرير فلسطين كقضية مركزية عربية.
لم نكن نعتقد يوماً أن تنجرف أكبر حركة تحرر في الوطن العربي وبأهدافها السامية إلى لغة البرنامج السياسي الغير ناضج الذي لا يعبر عن توازن مع الانجازات العسكرية والثورية فكان هناك تخطي المراحل واستباقها واستباق المنجزات العسكرية التي يمكن أن تحدث بعد الارباك الأمني للعدو الصهيوني إلى لحظة التوازن الأمني وتوازن الرعب إلى مرحلة التطهير المؤقت لبناء الدولة على جزء من الوطن المحتل، وإلى تكملة المشوار لتصفية العدو الصهيوني مؤسساتياً وثقافياً على الأرض الفلسطينية لتكون فلسطين هي دولة لشعبها من كافة الديانات السماوية.
لا نريد هنا أن نعود إلى الإنحراف الذي بدأ في أواخر السبعينات والتجرد المتدرج من كل معاني المخطوطات الثورية تنظيراً وممارسة فلهذا الموضوع مقام آخر، ولكن لقد جيرت البندقية الفلسطينية لتوازنات داخلية بما أدى إلى تفشي الفساد وظاهرة الأسياد أسياد التجارة في البندقية وإن حولت إلى أهداف سياسية لتحافظ على أهداف تلك الطبقة التي تكرشت بعد عدم من وراء الأهداف السامية التي كانت مفترض أن تستمر في الثورة الفلسطينية وبعد خسارة حركة فتح جل رجالاتها الأوفياء، حيث فرض العدو الصهيوني والقوى المضادة نوعية القيادات التي يمكن أن تقود في مرحلة ما بعد التصفية للقادة الأجلاء.
إن لم تكن تعبر عن إرادة شعبها فهي ليست دستور دائم وليست كلام من كلم الله المنزل، فلا كلم يساوي الثبوت سوى كلام الله في قرآنه الكريم الذي حض على الأخذ بالأسباب لاسترداد الحقوق وما يكلف ذلك من تضحيات بالنفس والمال من أجل استرداد الوطن واسترداد الكرامة الضائعة.
هكذا نستطيع القول أن حركة فتح وبقيادة قادة الإنحراف والقوى المضادة في داخلها قد استولت على القرار الحركي وعاثت فساداً ومفسدة في التكوين الفكري لعناصرها وكادرها بما يتمشى مع ما هو أسوأ من اتفاق أوسلو حيث الدخول في مستنقع الاملاءات الدولية والإقليمية وبدلاً من أن تصنع الحدث أصبح تتلقى الحدث في تنازل تدريجي يلتقي مع مصالحها، مصالح العدو لتحافظ على الاعتراف بها فقط وان تنازلت عن كل شعائر حركة فتح وأدبياتها ومنطلقاتها لتأخذ فقط من اسم فتح اسمها اللامع ومن اسم شهدائها وقادتها الأبرار لكي تتسلق على جبل الانجازات الشعبي والوطني الذي أنجزه الأوائل وما تحمله أبناء الأوائل من كتائب شهداء الأقصى والشرفاء في الساحة الفلسطينية ليبقى الاسم لامعاً مستغلاً مستنزفاً لقضايا غير وطنية تحدث تشابكاً في المصالح مع العدو الصهيوني ومؤسساته فكل ما يحدث الآن من اتصالات مع العدو الصهيوني واتفاقيات ومعاهدات يخل بالنظام الأساسي لحركة فتح وبالأهداف والمنطلقات وما مضى عليه الأوائل، تلك الاتصالات التي قال عنها أبو اياد أن الخيانة تصبح من خلالها وجهة نظر، فقد كان مستقرءً جيداً لما سيحدث بعد رحيل الشرفاء من القادة في حركة فتح، وعندما قال "من يقول مفاوضات مع العدو الصهيوني فهو حمار" .
هكذا أصبح هو واقع حركة فتح أم النضال وأم الجماهير التي مازالت الجماهير الفلسطينية تلتف على تراثها وتاريخها وليس على قادتها الحاليين مثل قائد القوة المضادة في حركة فتح تاريخياً السيد محمود عباس، وما أحاط به من بطانة من قطط سمان أصبحت تجارة الوطن وتجارة الدم والشهداء الذين مضوا هي تجارة لبقائهم وتلميعهم لكي تزداد كروشهم سمنة بكل قطعة أرض يتنازلوا عنها من فلسطين.
إن لم تحقق حركة فتح إرادة شعبها وغاياته وطموحاته فلا مكان لها في العناوين الفلسطينية الآن بعد فشلها وفشل الفصائل الملحقة بها أيضا في ساحة العمل الوطني التي أصبحت لا تمثل إلا ما يساوي صفر أمام دكتاتورية رئيس فتح ورئيس منظمة التحرير السيد محمود عباس ودكتاتوريته الصارخة التي لا تبرز قواها إلا على شعبه في حين حالات التملق الدائمة التي دفعت به لتقديم تنازلات مميتة للعدو الصهيوني وهو رئيساً لحركة فتح ورئيساً لأكبر إطار وطني إسمه منظمة التحرير، فهو يمارس الآن التصفية والفرز المميت لكل الشرفاء من داخل الأطر الحركية من إقصاءات وتعذيب وإعتقالات متبادلة بينه وبين العدو الصهيوني للشرفاء على قائمة الحفاظ على مصالحه وكما اعترف بذلك العدو الصهيوني واعترفت بذلك كثير من التقارير الدولية حول الفساد في السلطة ورئاستها، إذا يا سادة ماذا تبقى في حركة فتح؟؟
سميح خلف