هل سيكون لبنان ساحة التفجير للمنطقة..؟؟

حجم الخط

بقلم: راسم عبيدات

 

من بعد اعتذار مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة اللبنانية بسبب الضغوط التي مورست عليه بشكل كبير من قبل أدوات داخلية، وبالذات ما يسمى بنادي روؤساء الحكومة، والذي يضم حيتان ومافيات الفساد من فؤاد السنيورة الى تمام سلام فنجيب ميقاتي، قال الرئيس اللبناني ميشيل عون بأن لبنان ذاهب نحو الكارثة، وهذا ما يقوله صحيح مئة بالمئة، فنحن ندرك بأن الدول عندما تمر في أزمات سياسية واقتصادية، تسعى الطبقة السياسية الى تشكيل حكومة قادرة على انتشال البلد من تلك الأزمة، وتشكيل حكومة تحظى بحاضنة شعبية وسياسية، ولكن في الحالة اللبنانية، حيث الطائفية فوق أي انتماء للوطن وكذلك الفساد المستشري وحيتانه والتدخلات الخارجية في الشأن اللبناني بأدوات محلية، تشكل كوابح أساسية أمام تشكيل الحكومة اللبنانية، وخاصة من قبل أمريكا ومحورها وأدواتها الداخلية.

كل له هدفه ومصالحه من التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، ففرنسا تدخلت عبر مبادرة ماكرون، وهي تنظر الى لبنان من الباب الاستعماري، وبأن لبنان مستعمرة فرنسية، وبالتالي هي تريد حكومة لبنانية بعيون فرنسية، دون قراءة للواقع اللبناني والتعقيدات فيه وحجم التدخلات الخارجيه، هي تريد ان تستعيد نفوذها في لبنان، ومعنية بنوع من الاستقرار يضمن لها مصالحها، ولكن هناك من هو معني بعدم استقرار لبنان ونجاح المبادرة الفرنسية، حيث شهدنا من بعد مغادرة ماكرون لبيروت حجيجا امريكيا الى بيروت، ديفيد هيل وديفيد شنكر، ولقاءات مكثفه مع حلفائهم وأدواتهم في بيروت، وطبعاً اللقاءات تستهدف إفشال المبادرة الفرنسية، أمريكا لها أجندتها واهدافها في المنطقة ولبنان، ومشروعها الأساس قائم في المنطقة على أساس "المال مقابل التخلي عن السلاح أو المقاومة"، وهذا المشروع جرى ويجري تطبيقه في العراق وسوريا وليبيا وفلسطين واليمن... وكل من لا يقبل بذلك فالمخطط جاهز، تسعير النعرات الطائفية والمذهبية، الاغتيالات، التفجيرات، التخريب وإشاعة الفوضى الجوع والحصار الاقتصادي والمالي...الخ، وليس هذا فحسب، فهذا ركن من أركان المشروع الأمريكي، فهناك ركن ثانٍ وثالث في هذا المشروع والمخطط وتحديداً في لبنان، فأمريكا ما يهمها بشكل أساس، ليس فقط منع أي تمرد او خروج على إرادتها وتهديد امنها ومصالحها في المنطقة من قبل دول وحركات مرتبطة بالمحور الإيراني، بل هي تسعى الى تتويج نتنياهو إمبراطوراً على المنطقة، ولعل مسلسل التطبيع العلني ما بين دول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن مع دولة الإحتلال، وتشكيل تحالف استراتيجي بينها عسكري وأمني يخدم مشروعها هذا، ويفيد بتموضع اسرائيل على شواطىء الخليج، وإقامة قواعد عسكرية واستخبارية لها هناك، بما يشكل تهديدا مباشرا لأمن ايران واستقرارها في ساحتها الخلفية. ولكون حزب الله اللبناني، أحد أذرع ايران القوية في لبنان، والذي يمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة، وبما يشكل الخطر الأول على دولة الإحتلال، فهذا يعني انه لا بد من إضعاف حزب الله وتجريده من السلاح، أو شن حرب عدوانية عليه تمكن إلحاق الهزيمة به. ولذلك أمريكا ألقت بكل ثقلها من أجل تحقيق هذا الهدف والغرض، حيث شهدنا حملة مسعورة ضد الحزب بعد كارثة ميناء بيروت، تحمل الحزب المسؤولية عن التفجير أو التسبب بالكارثة، مع العلم بأنه ليس له أي سيطرة على الميناء، ومن بعد ذلك زادت الضغوط الإقتصادية والمالية على لبنان، وتحركت ادوات لبنان المأجورة والعميلة، لكي تحمل الحزب المسؤولية عن ما يتعرض له لبنان من حصار وتجويع، وبدأت أصوات ناعقة تطالب بتجريد الحزب من السلاح، وبأن هذا السلاح السبب فيما يعيشه لبنان من حصار وتجويع، بل وذهب بعض المأجورين أبعد من ذلك بالمطالبة بعودة الاستعمار الفرنسي الى لبنان... وكان واضحاً بان الهدف جر لبنان نحو الفتنة الداخلية، ومن ثم إشاعة الفوضى والدخول في حرب أهلية، تمكن من تدخل أمريكي- اسرائيلي، عبر شن حرب عدوانية على حزب الله وتدمير سلاحه.

إيران أيضاً والتي ترتبط بعلاقات وثيقة مع العديد من القوى اللبنانية، وفي المقدمة منها حزب الله وحركة أمل الشيعية، لها مصالحها في لبنان، فهي أحد منافذها الرئيسية على البحر المتوسط، وهي لا تريد فقدان او خسارة لبنان كقاعدة، وجعل اسرائيل اللاعب الرئيسي في المنطقة الذي يهدد أمنها ومصالحها.

ولذلك مسألة فشل مصطفى أديب في تشكيل الحكومة اللبنانية أبعد من مسألة تولي منصب المالية واحد من الطائفة الشيعية، او حق الطوائف او الأحزاب في تسمية وزرائها، فهناك قرار امريكي واضح بهذا الشأن، بأن خروج لبنان من أزمته، وضخ الأموال اليه، ممكن فقط من خلال تجريد حزب الله من سلاحه، وتشكيل حكومة لبنانية لا يمثل فيها.... وفي حالة عدم القبول بذلك فلا مناص من دفع الأمور نحو الفتن الطائفية والفوضى والحرب الأهلية، وفي إطار التحريض على الحزب، والقرار برفض تشكيل حكومة لبنانية برئاسة مصطفى أديب. في خطابه أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة شن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز حملة شعواء على ايران، داعياً إلى تشديد العقوبات عليها، وبانها مصدر عدم الاستقرار وتهديد الأمن والسلم العالميين، وكذلك لم ينس التحريض على حزب الله والدعوة الى تجريد سلاحه، وهذا ضوء اخضر لوكلائه وعملائه في لبنان، من أجل إفشال تشكيل حكومة لبنانية برئاسة مصطفى اديب، وكذلك نتنياهو ادلى بدلوه في خطابه أمام الجمعية العامة، حيث بث الأكاذيب التي فندها حسن نصرالله مباشرة، حول وجود مصانع صواريخ دقيقة في الضاحية الجنوبية، بالقرب من شركة للغاز.

الرئيس الأمريكي ترامب، يريد ان يراكم إنجازات على صعيد سياسته الخارجية، تمكنه من الفوز في الإنتخابات لولاية ثانية، جيث بات على قناعة تامه بانه لن يتمكن من الفوز في هذه الإنتخابات، وبدأ بالحديث عن عدم التخلي عن الرئاسة في حالة الخسارة، وهو على قناعة تامة بان مسألة تقديم الخدمة لنفسه ولشريكه نتنياهو في ازماتهما الداخلية، في النجاح في نقل العلاقات التطبيعية ما بين دول النظام الرسمي العربي المتعفن والمنهار وبين دولة الإحتلال، لن تجلب له الفوز، ولذلك صعد من حربه على ايران، من خلال إعادة العقوبات الدولية عليها من جانب واحد، وفرض المزيد من العقوبات على شخصيات ايرانية واخرى مرتبطة بها مثل الرئيس الفنزويلي مادورو، بعد الفشل الذي مني به في مجلس الأمن برفضه لإستمرار حظر بيع الأسلحة لطهران الذي سينتهي في تشرين اول القادم، وكذلك الفشل في إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران، وعدم قبول الإدعاءات الأمريكية بتفعيل ما يسمى بآلية الزناد ضد طهران.

ما يعيشه ترامب من اوضاع داخلية صعبة على خلفية عنصريته تجاه الملونيين والمهاجرين وفشله في التصدي لإنتشار جائحة "كورونا" وما سببته من خسائر كبيرة في الأرواح وللإقتصاد الأمريكي، حيث عشرات الالاف الشركات الأمريكية أفلست ونسب البطالة ارتفعت بشكل كبير وكذلك العاطلين عن العمل تزايد وتراجع النمو الاقتصادي بشكل ملموس وحقيقي.

ولذلك ما قبل الإنتخابات الأمريكية، حيث لم يجر حسم امور المنطقة وإعادة تشكلها، ومع اقتراب موعد الإنتخابات الأمريكية الذي لم يتبق عليه سوى خمسة أسابيع، قد يقدم هذا المتهور على تفجير المنطقة بشن حرب عدوانية على ايران، أو عدوان اسرائيلي- امريكي على حزب الله، ولا نعرف حتى اللحظة اذا بالإمكان نزع فتيل الأزمة في بيروت، او أنها تنتظر عامل التفجير، وخصوصاً بأننا شهدنا تنشيطاً لخلايا داعشية في لبنان، حيث كان آخرها اشتباك الجيش مع عدد منها، وقتل واصابة العديد منهم في مخيم البداوي.

ترامب ونتنياهو باحثان عن انتصارات تؤمن لهما طوق نجاة، فهل تفجير أوضاع المنطقة من بوابة الساحة اللبنانية، سيوفر لهما ذلك، ام انهما سيغادران المسرح السياسي نتنياهو الى السجن، وزميله وشريكه ترامب نحو الهاوية والنهاية.