كلف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، اليوم الأربعاء، الدكتور بشر هاني الخصاونة، بتشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة عمر الرزاز، التي قبل العاهل الأردني استقالتها يوم السبت الماضي.
وقال العاهل الأردني في كتاب التكليف، "عزيزنا دولة الأخ الدكتور بشر هاني الخصاونة، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أبعث إليك بتحية المودة والتقدير والاعتزاز وبعد،بناء على استقالة حكومة دولة الأخ الدكتور عمر الرزاز، فإنني أعهد إليك برئاسة وتشكيل حكومة جديدة، على أن تضم قيادات كفؤة ومتميزة، قادرة على حمل المسؤولية الموكولة إليها بموجب الدستور".
وأضاف: "دولة الأخ، يأتي تشكيل هذه الحكومة في ظرف استثنائي لم يشهد له العالم مثيلا لعقود خلت، يتمثل في جائحة كورونا وتداعياتها، التي مست العالم بأسره، حيث لا تزال مختلف الدول تجتهد في التعامل معها، والتخفيف من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية"، مطالبًا إياه ببذل أقصى جهد لضمان صحة المواطن وتحسين النظام الصحي.
وأكد الملك عبد الله، على أن الموقف من القضية الفلسطينية واضح وثابت، فهي في صدارة الأولويات، وسيستمر في بذل كل الجهود لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وفقا لحل الدولتين.
وتابع: "سنواصل القيام بشرف مسؤوليتنا التاريخية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، وسنستمر في التصدي لكل المحاولات الساعية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة"، مؤكدًا على ضرورة تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للفلسطينيين.
فيما يلي نص كتاب التكليف كامل:
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ الدكتور بشر هاني الخصاونة، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أبعث إليك بتحية المودة والتقدير والاعتزاز وبعد،بناء على استقالة حكومة دولة الأخ الدكتور عمر الرزاز، فإنني أعهد إليك برئاسة وتشكيل حكومة جديدة، على أن تضم قيادات كفؤة ومتميزة، قادرة على حمل المسؤولية الموكولة إليها بموجب الدستور.
لقد عرفتك رجلا وطنيا، نزيها وكفؤا، وصاحب رؤية وإنجاز في جميع مواقع المسؤولية التي تبوأتها في مختلف مؤسسات الدولة، وما نتج عنها من خبرات كبيرة خلال خدمتك الممتدة في الدولة منذ عقود، وستكون، بإذن الله وتوفيقه، على قدر الأمانة والمسؤولية الوطنية الكبيرة الملقاة على عاتقك.
دولة الأخ، يأتي تشكيل هذه الحكومة في ظرف استثنائي لم يشهد له العالم مثيلا لعقود خلت، يتمثل في جائحة كورونا وتداعياتها، التي مست العالم بأسره، حيث لا تزال مختلف الدول تجتهد في التعامل معها، والتخفيف من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
وبالنسبة لي، فلطالما كانت وستظل صحة المواطن وسلامته أولوية قصوى، الأمر الذي يتطلب من الحكومة الاستمرار في اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المدروسة في التعامل مع جائحة كورونا بشكل يوازن بين الاعتبارات الصحية، وتشغيل القطاعات الاقتصادية، والحفاظ على أرزاق المواطنين.
كما يتطلب هذا الظرف الاستثنائي بذل أقصى الجهود لتحسين النظام الصحي ورفع جاهزيته وقدرته، لذا أوجهكم إلى المباشرة فورا في رفع الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، وأسرة العناية المركزة على مستوى المملكة خلال الأسابيع القليلة القادمة، والمضي قدما في تخصيص وإنشاء مراكز لإجراء الفحوصات والتوسع في توفير المختبرات في جميع المحافظات، وفقا لأعلى معايير الجودة، والمباشرة الفورية في إنشاء المركز الوطني للأوبئة والأمراض السارية، لتعزيز قدرتنا على التعامل مع هذه الجائحة أو أي تحد مستقبلي مماثل، لا قدر الله.
كما أوجه الحكومة إلى تسخير قدرات القطاع الصحي، ضمن سياق مركزي متناسق يمكننا من الاستجابة السريعة لهذه الجائحة ومتغيراتها وتطوراتها.
ويجب الاستمرار في توسيع قاعدة المشمولين في برنامج التأمين الصحي للأفراد غير المؤمنين، والعمل على تطوير منظومة المراكز الصحية الشاملة، والتأكد من عدالة توزيعها في المحافظات وقدرتها على تقديم أفضل سبل الرعاية الممكنة للمواطنين.
دولة الأخ، لقد اعتدنا على مدى مائة عام مضت من عمر دولتنا العزيزة أن نخرج أقوى بعد كل أزمة تواجهنا، وأن نحول التحديات إلى فرص، وما أزمة كورونا إلا إحدى هذه المحطات التي سنتخطاها - بإذن الله - أكثر صلابة ومنعة، لذلك يجب أن تكرس الجهود في المرحلة المقبلة لتحقيق التعافي الاقتصادي من خلال برامج واضحة بأطر زمنية محددة تتضمن خطوات قابلة للقياس والتقييم والمتابعة، ويكون لها أثر ملموس في الحد من التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة وتحفيز النمو وزيادة التنافسية للقطاعات الإنتاجية.
واليوم، ونحن على أعتاب المئوية الثانية للدولة، فلا بديل عن الاستمرار في تعزيز نهج الاعتماد على الذات، من خلال تمكين مواردنا البشرية الواعدة وتزويدها بعلوم ومهارات مهنية وتقنية ترفع من ميزتهم التنافسية، والاستثمار الأمثل في الموارد المتاحة والاستفادة من الفرص المتوفرة في كل القطاعات، وكذلك الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية بهدف تحقيق النمو الشامل والمستدام، وبما يدعم بيئة الأعمال وتنافسية الأردن إقليمياً وعالمياً.
رغم تداعيات أزمة كورونا، إلا أنها أظهرت مكامن قوة وفرصا واعدة في قطاعات عدة، خصوصا الصناعات الغذائية والدوائية والمعدات الطبية، التي يجب استثمارها وفق نهج مؤسسي قابل للتنفيذ، لتحديد الفرص المتاحة، وبما يوفر فرص العمل ويمكن الأردن من لعب دور مهم كمركز إقليمي في المنطقة.
دولة الأخ، لقد فرضت علينا جائحة كورونا، مثلما فرضت على غيرنا من دول العالم، إغلاق المدارس لفترات، لكن أبواب العلم في هذا الوطن لم تغلق، وهنا يجب على الحكومة مواصلة العمل على تطوير منظومة التعلم عن بعد وتقييم التجربة وإنضاجها، وفق أفضل الممارسات التي تضمن حق الطلبة في التعليم، إلى جانب الاستمرار في تطوير منظومة التعليم برمتها.
أما الحماية الاجتماعية، فقد استطاع الأردن في الفترة الماضية توسيع نطاقها للوصول إلى الفئات المستهدفة، ومن المهم أن تواصل الحكومة تطوير منظومة الأمان الاجتماعي لضمان حياة كريمة لكل الأردنيين، وربطها بمنظومة التعليم والصحة والعمل والسعي للوصول بآثارها الإيجابية لكل فئات المجتمع.
ولا بد من الاستفادة من التطوير الذي حصل خلال فترة جائحة كورونا والاستمرار بتنفيذ برامج الدعم التكميلي من خلال صندوق المعونة الوطنية، والتأكد من انتهاج أفضل الطرق، استنادا إلى قاعدة البيانات الوطنية.
دولة الأخ، وبالنسبة لقطاع الزراعة، فعلى الحكومة مواصلة النهوض بالقطاع، وتنظيمه وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة لتطوير وتنويع إنتاجية القطاع وفتح أسواق تصديرية جديدة، وتعزيز الأمن الغذائي في المملكة.
ولأن السياحة من أهم القطاعات في رفد اقتصادنا الوطني وأكثرها تأثرا بالجائحة، فلا بد من تضافر الجهود وإيجاد الحلول المبتكرة لتخفيف الضرر، والتركيز على السياحة الداخلية وتحسين المنتج السياحي وتنويعه، بما يحافظ على المنشآت السياحية ويضمن استمرار فرص العمل في القطاع، واستغلال هذه الفترة التي تشهد انخفاضا في أعداد السياح في العالم كله، لوضع خطط استباقية متوسطة وطويلة المدى، والإعداد الجيد لاستقبال السياح بعد تحسن الأوضاع الوبائية في العالم.
أما بخصوص الطاقة، فيجب على الحكومة الاستمرار بهيكلة القطاع بما ينعكس على زيادة كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات كافة، وخفض كلفها على الاقتصاد الوطني، وتطوير منظومة القطاع لضمان أمن التزود بالطاقة وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية.
كما يجب على الحكومة الإسراع في تحسين وتفعيل منظومة النقل العام المستدام وزيادة كفاءة وسائل النقل العام، من خلال توظيف التكنولوجيا واستخدام الطاقة المتجددة والحلول الذكية وبناء قدرات العاملين بهذا القطاع، لما لذلك من أثر كبير في زيادة إقبال المرأة والشباب على العمل.
أما الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي هي من دعائم الاقتصاد الوطني، فعلى الحكومة تصميم برامج لتمكين هذه الشركات لما لها من أثر كبير على النمو الاقتصادي والتشغيل، وهذا يتطلب توفير البيئة التي تسهل على الرياديين تأسيس الشركات الناشئة والاستمرار بعملها لخدمة الوطن والمنطقة.
دولة الأخ، إن نهج الشراكة بين مختلف قطاعات الدولة عامل أساسي في نجاح الخطط والبرامج، ولا بد أن تستمر الحكومة في جهد وطني تشاركي عماده تفعيل التعاون والشراكة مع القطاع الخاص، لرسم خارطة طريق واضحة بأطر زمنية محددة.
كما يجب تذليل العقبات أمام الاستثمار الوطني والأجنبي، والمضي قدما في جذب الاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية الكبرى، وإنجاز مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق التنمية في مختلف مناطق المملكة.
كما لا بد من البدء بتطوير الجهاز الإداري للدولة، وتنفيذ دراسة مبنية على أسس علمية خلال الشهور الثلاثة القادمة، وتقديم مطالعات حول إمكانية دمج بعض الوزارات والهيئات، لرفع كفاءة القطاع العام وتحسين مستوى الخدمات وضبط النفقات.
كل ما سبق يتطلب إعدادا مناسبا وواقعيا لموازنة الدولة، بحيث تعكس الإيرادات والنفقات المتوقعة، وتركز على تحفيز الإنتاجية واستمرارية تحسين الخدمات، وتحقق الكفاءة في إدارة موارد الدولة وضبط الإنفاق، بالإضافة إلى تحسين الإيرادات عبر مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي دون مغالاة على المواطن والقطاع الخاص، وهذا يتطلب الاستمرار في تطوير المنظومتين الضريبية والجمركية وأدواتهما، بشكل يضمن حقوق الخزينة العامة ويمكنها من تقديم الخدمات المثلى التي يستحقها المواطن، والتركيز على تعزيز الاستقرار المالي والنقدي وتحصين الاقتصاد الوطني من الأزمات وحالات الطوارئ.
دولة الأخ،إن جوهر العدالة والمساواة بين المواطنين يتمثل في ترسيخ مبدأ سيادة القانون، في إطار من الشفافية والمساءلة، وعلى الحكومة إعمال هذا المبدأ في كل معاملاتها وإجراءاتها، فالأردن دولة القانون والمؤسسات، وهذا المبدأ يعني خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون، الذي لا يمكن أن يمارس بانتقائية.
ومن حق الناس أن يطمئنوا على أن المال العام مُصان، وأن المؤسسات العامة تدار بكفاءة عالية، وأن تكون إجراءات الحكومة خاضعة للرقابة والتقييم من خلال مؤسسات رقابية قوية وفاعلة، كما أن المضي قدما في تطبيق الحكومة الإلكترونية أولوية تسهل الإجراءات على المواطنين وتفضي للإسهام في جهود محاربة الفساد الذي لا تهاون في محاربته والتصدي له.
دولة الأخ، فيما يتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة، فإنني أوجه الحكومة وجميع مؤسسات الدولة لدعم عمل الهيئة المستقلة للانتخاب، وتزويدها بكل السبل الكفيلة بضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تليق بسمعة الأردن ومسيرته الديمقراطية، واتخاذ جميع التدابير والإجراءات الوقائية اللازمة، لحماية صحة المواطنين في الفترة القادمة وخلال عملية الاقتراع.
دولة الأخ، إن منتسبي قواتنا المسلحة الأردنية - الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية، هم موضع الفخر والاعتزاز، ولهم منا كل الشكر والتقدير لما يتحلون به من مهنية واقتدار وإيثار وخلق أردني أصيل، ولا بد من مواصلة الرعاية والاهتمام بهم تدريبا وإعدادا وتسليحا وتوفير سبل العيش الكريم لهم، لتمكنيهم من الاستمرار بحمل أمانة ومسؤولية حماية وطننا العزيز.
أما رفاق السلاح من المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، فهم الرديف القوي والقريب للقوات المسلحة وأجهزتنا الأمنية، ومحور أساسي في منظومة الأمن الوطني، لذلك على الحكومة العمل على تحسين الواقع المعيشي لهم.
دولة الأخ، إن موقفنا من القضية الفلسطينية واضح وثابت، فهي في صدارة أولوياتنا، وسنستمر في بذل كل الجهود لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وفقا لحل الدولتين.
وسنواصل القيام بشرف مسؤوليتنا التاريخية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، وسنستمر في التصدي لكل المحاولات الساعية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة، ونؤكد ضرورة تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين.
وأوجه الحكومة بضرورة إعطاء الأولوية للعمل على تعزيز التنسيق والعمل العربي المشترك، وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بتشاركية عالية، بما يحقق المصالح المشتركة، ويخدم القضايا العربية ويعود بالأثر الإيجابي على الأردن.
دولة الأخ، أنتم اليوم أمام مسؤولية كبيرة وفي ظرف استثنائي يفرض على الحكومة وجميع مؤسسات الدولة العمل بروح الفريق الواحد، قولا وفعلا، لتحقيق الإنجاز الذي يستحقه وطننا الغالي وشعبنا العزيز، فاحرصوا على بذل كل الجهود من أجل خدمة الوطن والمواطن.
وفي انتظار تنسيبكم أسماء فريقكم الوزاري، ندعو لكم بالتوفيق وسداد الرأي في اختيار من تثقون بأمانتهم وكفاءتهم وقدرتهم على حمل المسؤولية.
والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم عبد الله الثاني ابن الحسين، عمان في 20 صفر 1442 هجرية الموافق 7 تشرين الأول 2020 ميلادية".