نتنياهو يدير معركة "كورونا" عن بُعد خوفاً من تحمُّل المسؤولية

حجم الخط

بقلم: ألوف بن


يحب نتنياهو أن يشبّه وباء «كورونا» بالحرب، ويعد سكان إسرائيل بالنصر. ولكن إذا أخذنا تشبيهه فإن رئيس الحكومة يدير المعركة من الملجأ المحصن. أو حسب طبعة القرن الواحد والعشرين، من البلازما. وشخص هاو للتاريخ مثله يعرف بالتأكيد كل القصص عن العسكريين الكبار الذين وصلوا إلى الجبهة وبثوا روح القتال في الجنود. بالتأكيد هو يذكر أيضا صورة الضمادة على رأس اريك شارون المصاب، التي أصبحت رمزاً لعبور القناة في حرب «يوم الغفران».
لن يذكروا نتنياهو في هذه القائمة. فقائمة جولاته وزياراته خارج المكتب وخارج المنزل في بلفور منذ تفشي الوباء والاغلاق الأول في آذار، قليلة جدا. ثلاث مرات مع فرق أسبوع ونصف الأسبوع زار المستشفيات، سوروكا في 28 تموز وشيبا في 2 آب وشعاري تصيدق في 6 آب. ومنذ ذلك الحين لم يشاهدوه في أي منشأة طبية. زار ذات مرة قيادة الجبهة الداخلية (بعد ذلك، زار محل شاورما في الرملة)، وزار المدارس مرتين. في 8 أيلول كان في بلدية بيت شيمش في زيارة رسمية من قبل مكتبه. وبعد يومين قام بزيارة سياسية في رمات هشارون واشترى خضراوات. ومنذ ذلك الحين لم يروه في الميدان. وحتى رجال الشرطة، الذين يطبقون سياسته بتوزيع المخالفات والضربات وخراطيم المياه، لم يحترمهم في أي لقاء أو في أي جولة.
وكبديل عن اللقاءات الشخصية مع المقاتلين والمقاتلات في الجبهة – في اقسام «كورونا» واسطبلات الشرطة ومركز التحقيق الوبائي والمختبرات وأقسام الرعاية – يبث نتنياهو كل يوم افلاما اعلامية من مكتبه أو من بلفور، يعرض فيها شخصية «المعلم بيبي» وهو يرتدي الجاكيت بدون ربطة عنق، مسلحاً بلوح وأوراق وقلم، وهو يحاول تعليم الجمهور كيفية ارتداء الكمامات والحفاظ على قواعد الابتعاد الاجتماعي، وبشكل عام قبول الإغلاق بسرور. كل شيء لطيف وممتع – هو يريد احترام التعليمات من قبل الجميع، بدءاً ببائع الفلافل وحتى «وزير أو وزيرة في الحكومة». كان هذا رده البائس على خرق التعليمات من قبل الوزيرة غيلا غملئيل التي كذبت على محققي وزارة الصحة.
يخاف نتنياهو كما يبدو من الاصابة بـ»كورونا»، ويخاف بدرجة لا تقل عن ذلك من إظهار القيادة، التي ستكلفه تحمل المسؤولية عن إدارة الأزمة الفاشلة. من الواضح لو أن وزير الحكومة تجول في البلاد فإن الفيروس لن يخاف منه والعدوى لن تتوقف. ولكن نتنياهو يدرك جيدا اهمية اظهار الاهتمام والمشاركة في حث الخاضعين له. قبل عقد عندما اراد أن يدفع قدما ويسرع بناء الجدار الحدودي في النقب زار مرة تلو الاخرى مواقع العمل الى أن استكمل المشروع بنجاح. بالضبط، الآن، في ازمة وطنية خطيرة أخطر من أي أزمة تعرضت لها الدولة فإن نتنياهو لا يخرج من البيت، ويكتفي بتقديم المواعظ عن بعد.
وبدلاً من تشجيع ودعم الموظفين العامين الذين يكافحون الوباء ويواجهون الاغلاق يكرس نتنياهو وقته لحربه ضد المستشار القانوني للحكومة والمؤامرات لإلغاء أو تأجيل محاكمته. وهو يكرس ساعات طويلة لإلقاء الوحل على افيحاي مندلبليت.
لا يدرك الجمهور بالطبع ما يحدث وراء السور في بلفور أو في قيساريا، ولا يعرف تفاصيل تقويم رئيس الحكومة. ولكن عندما يختفي القائد الأعلى من الجبهة فإن الناس يشعرون بغيابه. فهم يشعرون بأن نتنياهو لا يبث فيهم الأمل والأمان، بل اليأس والخوف، ويذهبون وراء نفتالي بينيت، الذي يقول إنه يعرف كيفية الانتصار على الوباء وكيف يستل مخططات مليئة بالتفاصيل. بينيت في المعارضة، متحرر من المسؤولية، ويمكنه أن يقول ما يخطر بباله. أيضا لا يوجد لديه علاج عجيب للفيروس، لكنه يتجول بلا توقف في إرجاء البلاد، وعلى الأقل يعطي الجمهور شيئا ما ليتمسك به، مثل القادة في حرب «يوم الغفران» الذين قالوا للمقاتلين عبر أجهزة الاتصال «اصمدوا خمس دقائق أخرى».

عن «هآرتس»