جاءت وفاة الدكتور الجراح حرب رضوان بالكورونا عن عمر يناهز خمسين عاما ، دون ان يكون لديه اية أمراض أخرى، كصاعقة على من عرفوه ومن لم يعرفوه، وخلال أقل من أاسبوعين على إصابته، تمكنت الكورون منه بدلا من ان يتمكن منها، خاصة وانه يدير مستشفى تخضع كل امكانياتها لتصرفه ومسؤوليته .
جاءت هذه الوفاة لتضرب في مفاهيم الناس ومسلّماتهم ان الكورونا ليست الا فايروس بسيط لا يقتل الا كبار السن اصحاب الامراض المزمنة والذين يمكن ان يموتوا في ابسط الامراض، فها هي تضرب طبيبا صغير العمر في فترة محدودة دون ان يكون لديه اية امراض اخرى .
هناك جوانب اخرى ضربتها صاعقة وفاة الدكتور رضوان، من ان وزارة الصحة لم تتمكن من وضعه على أجهزة التنفس وفق نقيب اطباء بيت لحم محمود ابراهيم لجريدة "القدس" "حيث الامكانيات ضئيلة للغاية".. ضئيلة الى درجة ان لا تتمتع مستشفى خاصة بسرير واحد على الاقل يوضع فيه مريض كورونا في حالة الخطر رغم ان الكورونا تصول وتجول في البلد – والعالم - منذ تسعة اشهر، و مخضعة لحالة الطواريء شهريا منذ شباط الماضي، فما المعنى الذي تحمله كلمة طواريء اذا لم تستطع المستشفى تخصيص سرير تنفس واحد يلجأ اليه مدير هذا المستشفى، الا اذا كان سرير التنفس هذا سريرا ذريا بالعلاج النووي الذي لا تقوى على اقتنائه الا الدول العظمى .
صاعقة الوضع الصحي في بلدنا ضربت قبل حوالي شهرين ، حين تناقلت وسائل الاعلام شجارا بين مديرين في الوزارة مقربين من مسؤولين كبيرين في السلطة الوطنية، وتكررت الحكاية قبل ايام لتعيين مديرين في اريحا وطولكرم مما اضطر النقابة الى اصدار بيان استنكاري "مثل هذه التصرفات والرضوخ للضغوطات يؤكد على أن من يقود الوزارة هم أناس من خارج الوزارة ، وأن المقابلات لا تعدو كونها صورية ".
صاعقة الوضع الصحي ، تجلت على ابشع صورها في عشرات منح الطب الى فنزويلا ، عندما تم ارسال عشرات العمال الذين تم تجميعهم من الاردن ، وعندما تم رفضهم في فنزويلا لسبب بسيط انه ليس بحوزتهم شهادات التوجيهي ، خرجوا يتظاهرون ضد شافيز .
لكن البداية كانت في المؤتمر الذي عقده اول وزير صحة قبل حوالي ربع قرن الدكتور رياض الزعنون ، سألته يومها عن مطبخ مستشفى بيت جالا الذي يقدم نوعين من الحساء؛ حمراء وبيضاء ، لكن بمغرفة واحدة: هل ميزانية وزارتكم لا تكفي؟ فأجاب : ميزانيتنا المعلنة 22 مليون دولار، لكننا لا نتقاضى منها سوى 12 مليونا.
ظل السكوت على الخطأ والخلل منذ المغرفة الواحدة للحسائين ، هو سيد الموقف ، حتى اصبح "الخطأ الطبي" لازمة في كل وقت ، وتقرير الطب العدلي يصدر من مكتب الطب الامني ، والاطباء "حقيرون" لمجرد ان يطالبوا برفع مرتباتهم ، والجراح رضوان رحمه الله ، يداوى بالتي كانت هي الداء .