عندما قامت ريغف بتهديد باركو،عرفنا الى أي درجة اصبح الحوار السياسي متعفن

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

النص الاكثر قراءة أمس في موقع “هآرتس” كان تقرير الوزيرة ميري ريغف للمراسل ايال باركوفيتش. النص الثاني الاكثر قراءة كان الانتقاد الذي وجهته اريانا ملماد لتبادل هذه الاقوال. ريغف هددت باركوفيتش بأنه لن يكون مدرب منتخب اسرائيل لأنه وصف الليكود بـ “منظمة اجرامية”، والعبادة الاسبوعية لـ “العاصفة العامة” انطلقت بضجة كبيرة. لا يوجد مكان لم يتحدثوا فيه عن هذا الخطاب.

​برنامج “اوفيرا وباركو” ايضا سجل ذروة غير مسبوقة في المشاهدة، وعن نجاح كهذا لا أحد يناقش. هذا النجاح هو جريمة ثقافية. هو يفسد الخطاب ويجعله خطاب ضحل. عندما يتم الاحتجاج على مستوى السياسيين في اسرائيل يجب علينا أن نتذكر ايضا مستوى برامج النقاش التي تضخم ذوي الصراخ، القساة والفارغين والجاهلين والشعبويين من بينهم، لم يعد يوجد مكان بينهم للسياسي الجدي، برامج هابطة مثل برنامج “اوفيرا وباركو” يوجد لها مكان بالطبع، لكن عندما تصبح هي البرامج الرئيسية للنقاش السياسي فان شيء ما يتعفن من الاساس. لا توجد نهاية اسبوع بدون عواصف، ولا يوجد يوم بدون فضائح، مفبركة وجوفاء في معظمها، عواصف هراء واعمال شغب لحظية تعكس المستوى البائس الذي هبط اليه الخطاب. في دولة الاقزام هناك ضجة هائجة. الفرسان يركبون على البراغيث ويملأون الفراغ بالصفير وصوت اغنية (“في بلاد الاقزام”).

​في الوقت الذي فيه من ينظمون المظاهرات في ارجاء البلاد يتعطرون بمظاهر الرضى الذاتي بسبب الصحوة المدنية المذهلة التي أوجدوها والامل الكبير الذي غرسوه – سواء كان ذلك صحيح أم لا – ما يزال الخطاب العام يرتكز على مياه ضحلة نتنة. من قال لمن وماذا. نهاية العالم، قائمة قصيرة: رينا متسليح قالت إن من يؤيدون نتنياهو سيؤيدونه حتى لو اغتصب بناتهم؛ دانا فايس سمت نتنياهو “فتى الصراصير”؛ ميكي زوهر أعلن بأنه لن يظهر مرة اخرى في “اوفيرا وباركو”؛ تساحي هنغبي قال الجوع هو ندم”؛ امير هسكل قال بأنه نقل جوا والدي الشرطية من اصل اثيوبي؛ سارة نتنياهو ذهبت الى صالون التجميل.

​كل حدث مثل هذا الحدث والكثير من الاحداث الاخرى، تثير نقاشات صاخبة، تقريبا جميعها هراءات. المتحدثون غير مهمين واقوالهم أقل اهمية. تضخيمها يخدم فقط شيئا واحدا وهو نسبة المشاهدة. ولكن الاهتمام بهذه الفضائح الصغيرة ايضا يمكن من الهرب من الانشغال بالشيء الاساسي. الانشغال بالصغائر دائما كان هو ملاذ النقاش العام في اسرائيل، عندما يهرب من المشاكل الكبيرة مثل من يهرب من النار.

​النقاش المدني كما يبدو استيقظ الآن من سباته الطويل، لكن فعليا هو يواصل النوم، فقط بطرق اخرى. بدلا من اللامبالاة والرضى عن النفس يتم الانقضاض بصورة قوية على موضوع واحد ووحيد، موضوع ليس هو الاكثر مصيرية – نتنياهو، نعم أم لا – وفي اعقاب ذلك حوار مستعر على صغائر الامور، حوار مضخم، غبي ولا اساس له. هذا خطاب مفسد لأنه يتركز حول هراءات.

​معظم معرض الهراءات هذا يجري في الشبكات الاجتماعية، هناك كل شيء ممكن وكل شيء مسموح به، لا يوجد تناسب ولا توجد هرمية، لا توجد وقائع ولا توجد حقيقة، كل إبن زانية هو ملك، وكل ملك هو ملك المستنقع. ولكن هذا الخطاب لا يبقى في فضاء الانترنت. توابعه يرسلها الى كل اتجاه، يفسد كل شيء. هكذا يتبين أن الشيء العبثي (الفاحش) الذي تقوله وزيرة ذات صوت عال، وليست وزيرة كبيرة بشكل خاص، لمقدم برامج لا يتحدث بطلاقة بشكل خاص، يصبح حديث اليوم. من هناك، المسافة قصيرة ايضا الى المكان الاول في قائمة المواضيع المقروءة في “هآرتس”.

​الهدف واضح: تسلية الجمهور. اعطونا المزيد من هذا. جعل الخطاب ترامبي تماما. آلاف المقابلات تشهد على تتويج برنامج “اوفيرا وباركو” كبرنامج يتم فيه تقرير مصائر ويتم فيه تحديد سلم الاولويات القومية. العاب الهوية وشتائم وفظاظة وصراخ هي اللعبة الوحيدة في المدينة. تحاول برامج واقع اخرى محاكاة نجاح اسياغباركوفيتش. هذا النجاح يسمى “كارثة”.