عند الضرورة، فان حزب الله يكون شريكا

حجم الخط

هآرتس– بقلم تسفي برئيل

من المشكوك فيه أن أحدا قد تفاجأ لسماع تصريح سعد الحريري يوم السبت، رئيس حكومة لبنان السابق، الذي هو “بالتأكيد مرشح لرئاسة الحكومة”. هذا بالرغم من أن الحريري سبق وكان مرتين رئيسا للحكومة واستقال في كانون الثاني، اوضح حتى الان وعلى رؤوس الاشهاد وفي كل المناسبات بانه ليس في نيته العودة لتسلم هذه الوظيفة.

ليس واضحا ما الذي دعاه لتغيير موقفه. ربما تكون المحادثات المكثفة التي اجراها معه الرئيس الفرنسي عمانويلماكرون، وربما تدخل السعودية مرة ثانية من اجل انقاذ لبنان من نفسه. على حسابه في التويتر اوضح الحريري ان شروطه للعودة الى هذا المنصب هي تبني الخطة الفرنسية، وتشكيل حكومة مهنية، والتي لا تتدخل في تشكيلها الطوائف الدينية، وتطبيق الاصلاحات المطلوبة من أجل ان يستطيع لبنان الحصول على المساعدة الدولية التي وعد بها. لمشاركة حزب الله في الحكومة لم يتطرق، ولكن وردت تقارير تقول بانه ينوي اجراء محادثات مع كل التيارات والحركات من اجل الحصول على موافقتهم. أي سيجري محادثات ايضا مع حزب الله، والذي يطالب بان يملي من سيكون وزيرا للمالية القادم.

مسألة تمثيل حزب الله في الحكومة اللبنانية، اذا وقف على رأسها الحريري أو اي شخص آخر، تحولت الى مسألة دولية. الولايات المتحدة تطالب بشدة باقصاء حزب الله عن كل موقع تأثير سياسي، في حين أن فرنسا فقط تتطلع لتشكيل حكومة، اي حكومة، بشرط أن تبدأ في تطبيق الاصلاحات التي تمكن من ان يضخ الى لبنان المساعدات التي ينتظرها.

ثمة قدر لا بأس به من النفاق في الموقف الامريكي، حيث أن اسرائيل ولبنان في نهاية الامر، وبوساطة ضاغطة من الولايات المتحدة، وافقتا في بداية هذا الشهر على البدء بمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بينهما. هذه ليست مفاوضات بين شركات خاصة، بل بين اسرائيل وبين حكومة لبنانية حزب الله شريك فيها. اذا كانت اسرائيل مستعدة لاجراء مفاوضات مع حكومة كهذه والتوقيع معها على اتفاق مدني، والتي سيكون مطلوبا المصادقة عليه ايضا من قبل ممثلي حزب الله، لماذا تكون الولايات المتحدة اكثر كاثوليكية من البابا؟ في نهاية الامر الولايات المتحدة نفسها تواصل تقديم المساعدة للجيش اللبناني، رغم كونه خاضعا لحكومة حزب الله شريك فيها. وبالاساس، لماذا لا يشرك الحريري حزب الله في الحكومة التي سيشكلها؟ هذا، بالمناسية ايضا التساؤل بشأن حزب الله، والذي ازاء المصلحة اللبنانية الواضحة لا يعارض مفاوضات مع العدو الصهيوني، وكأن مفاوضات كهذه ليست سياسية.

من الامور المهمة هو ان رئيس البرلمان نبيه بري، عراب محادثات الحدود هذه منذ أكثر من عقد، عرض عباءة ليغطي بها “عار المفاوضات”. في مؤتمر صحفي بداية الشهر ذكّر انه ما بين اسرائيل ولبنان سبق وان وقع في  1949 اتفاق هدنة بمشاركة “كولونيل امريكي”، وانه بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان وقع اتفاق ترسيم الخط الازرق، وان “اطار المفاوضات (الحالي) يستند على تفاهمات نيسان، وقرار 1701، وكل بروتوكول سيسجل (بشأن الحدود البرية والبحرية) سيعتبر كتوقيع للثلاثة اطراف – لبنان واسرائيل والامم المتحدة”. أي لا يوجد هنا سابقة أو خيانة لمبدأ عدم التطبيع.

يجدر الاشارة الى أن “تفاهمات نيسان” هي الاتفاق المكتوب وغير الرسمي، والذي وقع بين اسرائيل وحزب الله بعد عملية “عناقيد الغضب” في 1996، والذي يتضمن موافقة على وقف كامل لاطلاق النار. قرار 1701 أنها حرب لبنان الثانية، وهو يشمل من بين امور اخرى بند يتعلق بتجريد حزب الله من سلاحه.  قراران  كان حزب الله شريكا كاملا فيهما وخرق فيما بعد. ولكن هذا كما يبدو اسلوب بري لتذكير حزب الله واسرائيل، بانهما في الماضي سبق وارتكبا خطيئة  اجراء مفاوضات.

من أجل شرعنةالمفاوضات يجب التغلب على لغم متفجر آخر وتغطيته بشبكة تمويه. في اللقاء الاول، المتوقع اجراءه في يوم الاربعاء في قاعدة لليونيفيل في الناقورة، من المتوقع أن يشارك من الجانب اللبناني بالاساس ممثلو الجيش ومن بينهم الجنرال الطيار بسام ياسين، نائب رئيس الاركان لشؤون العمليات، والجنرال البحري مازن بسبوس، ونجيب مسيحي، وهو خبير لشؤون المفاوضات الحدودية، وكذلك رئيس سلطة النفط وسام شباط. هذه هي التشكيلة التي اقترحها الجيش اللبناني على اساس مبدأ أن النقاشات ستكون تقنية عسكرية، وليست سياسية، ولكن ذلك سبق وأثار خلافا، حيث أن بعد أن اتضح، انه من اسرائيل سيشارك ايضا رؤوبين عزار، المستشار السياسي لرئيس الحكومة والون بار رئيس الجهاز السياسي في وزارة الخارجية، ظهر شك في لبنان، وبالاساس في اوساط حزب الله، ان اسرائيل والولايات المتحدة تنصبان شركا سياسيا للبنان. شركا هدفه تحويل النقاشات غير الرسمية الى مفاوضات سياسية، والتي لا سمح الله ستنتهي بالتطبيع بين الدولتين.

حزب الله سارع للاعلان ان “اطار المفاوضات هو حول موضوع محدد يتعلق بحدودنا البحرية، واعادة اراضينا وترسيم فضاء سيادتنا القومية. وليس له علاقة بصورة مطلقة لا بموضوع المصالحة مع العدو الصهيوني الذي يغتصب فلسطين ولا بموضوع التطبيع الذي اتبعته دول عربية لا تؤمن بمبدأ المقاومة”. هذا التصريح  – التحذير جعل الرئيس يعلن، بانه لم يقرر بعد نهائيا بشأن تشكيلة البعثة، وهو وحده سيقرر ذلك. هل سيضم شخصيات كبيرة من وزارة الخارجية اللبنانية، او سيطلب من الامريكان مطالبة اسرائيل بتغيير تشكيلة بعثتها بحيث انه لن يكون هناك اي اشارة شكلية تدل على أن المفاوضات هي سياسية وليست فنية؟ الاجابة على ذلك ستأتي في الايام المعدودة المتبقية.​