أكدت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، على أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، اعتقلت 341 مواطنا خلال شهر أيلول/ سبتمبر 2020، بينهم (32) طفلاً، وثلاث سيدات.
وقالت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، ونادي الأسير، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة – سلوان)؛ في ورقة حقائق، أصدرتها اليوم الأربعاء، إن سلطات الاحتلال اعتقلت (117) مواطناً من القدس، و(25) مواطناً من رام الله والبيرة، و(80) مواطناً من الخليل، و(28) مواطناً من جنين، ومن بيت لحم (30) مواطناً، و(9) مواطنين من نابلس، و(13) مواطنا من طولكرم، و(10) مواطنين من قلقيلية، و(6) مواطنين من أريحا، و(4) مواطنين من طوباس، و(4) مواطنين من سلفيت، إضافة إلى (15) مواطناً من غزة.
وأوضحت أن عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى شهر أيلول/ سبتمبر 2020، (4400) أسير، منهم (39) أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال (155) طفلاً، والمعتقلين الإداريين (350)، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة (98) أمر اعتقال إداري، من بينها (41) أمراً جديداً، و(57) تمديدا.
الأسيران الأخرس وشعيبات في مواجهة الاعتقال الإداري:
لم يتوقف الأسرى الإداريون عن مواجهة سياسة الاعتقال الإداري عبر الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يُشكل أبرز أدوات الأسرى لمواجهة سياسات الاحتلال في منظومة السجن، وكان من ضمن الأسرى الذين شرعوا بالإضراب عن الطعام الأسيرين ماهر الأخرس، وعبد الرحمن شعيبات.
ووفقاً لمتابعة مؤسسات الأسرى لمحطات إضرابهما، فإن إدارة سجون الاحتلال استخدمت أدواتها التنكيلية الممنهجة في محاولة لكسر خطوة الإضراب، كما فعلت في كافة الإضرابات الفردية والجماعية.
الأسير ماهر الأخرس (49 عاماً) من جنين، يواصل حتى إعداد هذا التقرير إضرابه عن الطعام لليوم (80) على التوالي، ويحتجزه الاحتلال في مستشفى "كابلان" الإسرائيلي، وسط ظروف صحية غاية في الخطورة.
اعتقل الاحتلال الأسير الأخرس بتاريخ 27 تموز/ يوليو 2020، ومنذ لحظة اعتقاله أعلن إضرابه عن الطعام، رفضاً لاعتقاله، وبعد نحو أسبوع قررت مخابرات الاحتلال تحويله إلى الاعتقال الإداري وأصدرت بحقه أمراً مدته أربعة شهور، وخلال فترة إضرابه نقلت إدارة سجون الاحتلال الأسير عدة مرات كانت أولى محطات اعتقاله في معتقل "حوارة" ثم جرى نقله إلى زنازين سجن "عوفر" ثم نُقل بعد تدهور وضعه الصحي إلى سجن "عيادة الرملة"، وأخيراً ومنذ بداية شهر أيلول نُقل إلى مستشفى "كابلان" الإسرائيلي وما يزال محتجزا فيها حتى اليوم.
واكدت مؤسسات الأسرى أن محاكم الاحتلال وبكافة درجاتها، ساهمت بشكل أساس في تفاقم معاناة الأسير الأخرس، عبر قراراتها المتواطئة مع مخابرات الاحتلال "الشاباك"، والتي ترجمت فعلياً ما يريده جهاز "الشاباك"، وجزء من هذه القرارات، ما تُسميه المحكمة العليا للاحتلال بتجميد الاعتقال الإداري، الذي يُشكل إحدى الخدع والأدوات الأساسية التي ساهمت في ترسيخ سياسة الاعتقال الإداري على مدار السنوات القليلة الماضية.
أما الأسير عبد الرحمن شعيبات (30 عاماً) من بيت ساحور، فقد خاض إضراباً عن الطعام لمدة (34) يوماً، رفضاً لاعتقاله الإداري، وكانت سلطات الاحتلال اعتقلته في شهر حزيران/ يونيو 2020، وتم تحويله إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور، وخلال فترة إضرابه نقلته إدارة السجون عدة مرات إلى زنازين العزل الانفرادي في سجون النقب، وإيشل، وصولاً إلى سجن "عيادة الرملة".
ووفقاً لمتابعة المؤسسات، فإن الأسير شعيبات تعرض لظروف قاسية في زنازين العزل الإنفرادي، تمثلت هذه المعاناة بإجباره على النوم على سرير حديديّ بدون فرشة بعد أن كانوا يأخذونها منه من الساعة 7 صباحاً وحتى الساعة 7 ليلاً يومياً، في زنزانة صغيرة تحتوي كاميرات مراقبة تعمل على مدار24 ساعة، والجوّ فيها حارٌ جداً.
واستمرت إدارة سجون الاحتلال باحتجازه 14 يوماً في عزل سجن "النقب"، خلالها تفاقم وضعه الصحي وبدأ يعاني من أوجاع في بطنه، ويتقيأ ويتبوّل دماً في بعض الأحيان، ورغم ذلك جددت سلطات الاحتلال أمر اعتقاله الإداري لمدة أربعة شهور، لاحقاً جرى نقله إلى زنازين سجن "إيشل" وفيها ازداد وضع الأسير سوءاً، وبدأ يشتكي من أوجاع شديدة في بطنه ومعدته والمفاصل والعظام، كما عانى من ارتفاع في درجة الحرارة، وصعوبة في الحركة، وكانت الإدارة ترفض تزويده بالماء البارد كونه مضرب عن الطعام، إضافة الى أنّها منعته من زيارة محاميه، رغم مطالبته بذلك، ونقلته الإدارة بعد مماطلة إلى عيادة سجن الرملة.
وفي سجن "عيادة الرملة"صعّد الأسير شعيبات من إضرابه عن الطعام بتوقفه عن شرب الماء، احتجاجاً على منع الإدارة لقاء محاميه، ثمّ علق إضرابه عن الماء بعد أن وعدته الإدارة بمقابلة محاميه، وبلّغ محامي مؤسسة الضمير الذي تابع زيارته، أنّه شعر خلال الإضراب لمرتّين بثقل في الصدر وأوشك على الاختناق، مرافقاً لوجع شديد في الرأس وتشوش في الرؤية وعدم القدرة على النوم.
وبعد 34 يوماً على الإضراب علق الأسير شعيبات خطوته، بعد اتفاق مع سلطات الاحتلال يقضي بتحديد سقف زمني لاعتقاله الإداري.
يُذكر أنّ هذا الاعتقال الإداري ليس الأول بحقه، إذ أنّه أسير سابق قضى ما مجموعه أربع سنوات ما بين اعتقالات إداريّة وأحكام، كما أنّه تعرّض للتحقيق الشديد والقاسي والمتواصل لما يزيد عن (60) يوماً في مركزيّ تحقيق "بيتاح تكفا" و"الجلمة" خلال اعتقاله عام 2008.
الأسرى المرضى:
تفيد تقارير المتابعة والتوثيق، أن (13) أسيراً من المرضى في سجن "عيادة الرملة" يعانون أوضاعاً صحية خطيرة وصعبة يواجهون المرض وسياسات السجان القمعية العنيفة معاً، بينهم أسرى مصابون بالسرطان كحالة الأسير كمال أبو وعر المصاب بسرطان في حنجرته، ومجموعة أخرى هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يعانون من شلل نصفي ويتنقلون بواسطة كراسٍ متحركة كحالة الأسير منصور موقدة، والأسير ناهض الأقرع، ومجموعة أخرى هم جرحى مصابون جرّاء تعرضهم لإطلاق النار خلال عمليات اعتقالهم،منهم الأسرى هيثم بلال وجهاد بعيرات ومحمود مبارك.
وأوضحت مؤسسات الأسرى أن ما تُسمى بسجن "عيادة الرملة" عبارة عن أربع غرف متشابهة الحجم، مساحة كل منها أربعة أمتار مربعة، وفي كل واحدة ثلاثة أو أربعة أسرى مرضى أو جرحى، يفصل بينها ممر ضيق، يقوم على خدمة هؤلاء المرضى ثلاثة أسرى أصحاء تطوعوا لخدمتهم والوقوف عند احتياجاتهم اليومية كصنع الطعام والمساعدة في الاستحمام وتنظيف الغرف والأسرة "الأبراش" وإعطائهم المسكنات وتبديل الملابس.
وتوضح تقارير المحامين الذين يزورون المرضى في سجن "عيادة الرملة"، أن الأسرى لا يُعطَون أي علاج حقيقي، وينتهج السجانون الذين يطلقون على أنفسهم مصطلح أطباء إعطاء تلك الحالات المرضية الخطيرة والمعقدة صحيا، أقراص المسكنات والمنومات فقط، حتى أن بعضهم يتناول يومياً كمية كبيرة من الأدوية خلال الــ 24 ساعة، كحالة الأسير معتصم رداد.
وتؤكد مؤسسات الأسرى أنه ومنذ العام 1967 لا يوجد أي مشفى خاص لعلاج الأسرى المرضى والمصابين، وتقوم إدارة سجون الاحتلال بنقل الحالات الصعبة والخطيرة إليها، وهي امتداد آخر للسجون والمعتقلات والتي تضاعف وجع ومعاناة الأسرى المرضى الذين يرفضون الانتقال إليها في كثير من الأحيان كونها تعرف بينهم بمصطلح "المسلخ".
عمليات اعتقال ممنهجة في القدس:
واصلت سلطات الاحتلال تنفيذ الاعتقالات من بلدات وأحياء مدينة القدس، تركزت في بلدة العيسوية، تليها البلدة القديمة والأقصى، ورصد مركز معلومات وادي حلوة (117) حالة اعتقال من المدينة، بينها (19) فتى وثلاث سيدات. وخلال شهر أيلول/ سبتمبر 2020 أصدرت سلطات الاحتلال جملة من القرارات منها ثلاثة قرارات عسكرية ضد محافظ القدس عدنان غيث.
الأول: منع المحافظ غيث من التواصل مع (51) شخصية فلسطينية وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء وقيادات ونشطاء ميدانيين لمدة ستة أشهر، والثاني فرض فيه الإقامة الجبرية على المحافظ في بلدة سلوان ومنعه الخروج منها، وسلمته المخابرات خارطة توضح له الطريق التي يمكن سلكها في حال اضطر للخروج من البلدة، والثالث يجدد قرار منع المحافظ من القيام بأي فعاليات برعاية السلطة الفلسطينية في القدس، ويشمل القرار: القيام بجمع أو توزيع الأموال باستثناء نشاطات تبرع للمحتاجين فقط، عمل اجتماعات تنظيمية، القيام بندوات أو اجتماعات.
وفي سياق ملاحقة المقدسيين ثبتت محكمة الاحتلال، الحكم الإداري بحق المقدسي والأسير المبعد عن مدينة القدس أحمد عطون لمدة أربعة أشهر إداري، واُعتقل عطون بتاريخ 26/8/2020 حيث فرض عليه الاحتلال الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر، علماً أنه أمضى أكثر عن (15) عاماً في سجون الاحتلال، على فترات متفاوتة.
وتواصل سلطات الاحتلال عمليات الملاحقة حتى بعد تحرر الأسرى، فقد سلّمت مخابرات الاحتلال مطلع أيلول/ سبتمبر 2020 الأسير السابق صلاح الحموري، قراراً يقضي "بنية وزير الداخلية في حكومة الاحتلال سحب الإقامة في القدس "الهوية" منه.
وتعرض الحموري للاعتقال المرة الأولى عام 2001، لمدة (5) أشهر، وفي عام 2004 اُعتقل إداريا لمدة (4) أشهر، ثم اُعتقل لمدة (7) سنوات عام 2005، ثم أعيد اعتقاله عام 2017 إداريا لمدة (13) شهراً، كما منع من دخول الضفة الغربية لمدة عامين، وفي عام 2016 أبعد الاحتلال زوجة الحموري وهي حامل بالشهر السابع إلى فرنسا بعد احتجازها ثلاثة أيام في المطار خلال عودتها إلى منزلها في القدس، يُشار إلى أن الحموري من مواليد القدس لأم فرنسية وأب فلسطيني.
كما سلّم الاحتلال الأسير السابق محمد العجلوني قراراً يقضي بإبعاد زوجته عن القدس، بعد رفض طلب لم الشمل الذي تقدم به قبل عدة سنوات بحجة "خطورته على أمن الدولة"، وقدمت عائلة العجلوني اعتراضاً على القرار، يُشار إلى أن محمد قضى في سجون الاحتلال (15) شهراً.
واعتقلت قوات الاحتلال شادي مطور أمين سر حركة فتح في مدينة القدس خلال شهر أيلول مرتين، المرة الأولى هو وزوجته، وأفرج عنهما بعد فرض الإقامة الجبرية على زوجة مطور في مكان إقامتها في بلدة بيت حنينا، لحين البت بالقضية حول "سحب إقامتها" من مدينة القدس، وسحبت سلطات الاحتلال الإقامة من السيدة مطور بحجة "خطورة زوجها على أمن الدولة"، كما اُعتقل المرة الثانية أواخر شهر أيلول بتهمة "خرق القرار القاضي بمنعه من التواصل مع شخصيات وقيادات فلسطينية".
وأصدرت سلطات الاحتلال قرارين ضد الأسير السابق يعقوب أبو عصب وهما: قرار عسكري صادر عن وزير الجيش الاحتلال السابق "نفتالي بنيت" يقضي بمصادرة 21 ألف شيقل، بحجة تلقيه الأموال من "جهات معادية"، وسلمت مخابرات الاحتلال عائلة أبو عصب القرار عقب اقتحام وتفتيش منزل الأسير منتصف أيلول/ سبتمبر، ولم تكتف بذلك بل سلمته قراراً يقضي بمنعه من السفر، يُشار إلى أن الأسير السابق أبو عصب قضى في سجون الاحتلال ما يقارب (15) عاماً، على فترات متفاوتة.
الأعور وزلوم.. معاناة متواصلة:
الفتيان المقدسيان محمد زلوم وسائد الأعور لم يتجاوزا مرحلة الطفولة، الأشهر الخمسة الماضية قضياها بين الحبس الفعلي وتحقيق الزنازين، ثم الإبعاد والحبس المنزلي المقيد بإسواره الكترونية، ثم عادا إلى الحبس الفعلي بانتظار حكمهما.
وفي شهادة للفتيين زلوم والأعور لمركز معلومات وادي حلوة قبل دخولهما المعتقل أوضحا أنهما اُعتقلا بتاريخ 5-4-2020، بعد اقتحام منزليهما في سلوان وجرى نقلهما للتحقيق في زنازين عسقلان لمدة 22 يوماً، تعرضا خلالها للشبح والتحقيق لساعات طويلة، وخلال ذلك اعتدي عليهما بالضرب، ووجهت لهما الشـتائم.
الفتى سائد الأعور سبب له الشبح المتواصل على كرسي التحقيق انحناءً في الظهر ودِسك في الفقرتين الرابعة والخامسة، أما محمد زلوم فقد أصيب بخدوش وجروح في ظهره لا تزال آثارها بادية عليه رغم مرور عدة أشهر على الإفراج.
كما اشترطت المحكمة أيضاً تركيب أسورة الكترونية في أقدامهما، تقوم بإعطاء إشارة لشرطة الاحتلال في حال الخروج من الحدود المرسومة لهما في المنزل، وأوضح زلوم والأعور أنه تم تحديد حركتهما حتى داخل المنزل ومنعا من تجاوز حدود معينة".
يُشار إلى أن الأسيرين الأعور وزلوم قررا تسليم نفسهما للاحتلال في السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2020، لعدم مقدرتهما على الاستمرار في الحبس المنزلي، وما زالا قيد الاعتقال في سجن "الدامون".