قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(يا أيّها الذّين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا الله لعلّكم تفلحون)
جالت في خاطري هذه الآية الكريمة عندما كنت أتابع قنوات فضائية وهي تنقل اخبارا عن الأسرى الفلسطينيين في غياهب سجون الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي العربية وفي مقدمتها الأراضي الفلسطينية ورمزها الديني والتاريخي والحضاري القدس الشريف.
لقد شدّ انتباهي وحرّك مشاعري تلك الصورة المؤثرة للأسير البطل ماهر الأخرس وهو يتحدى جلاديه الصهاينة مصاصو دماء الفلسطينيين الابرياء بإعلانه إضرابا غير محدود عن الطعام، كسلاح فعّال في يده يضرب به معنويات بني صهيون ويفضح سياساتهم العنصرية الخبيثة. وبالفعل صمد الأسير البطل ماهر الأخرس في اضرابه عن الطعام لمدة 83 يوما كاملة باءت كل محاولات الادارة الصهيونية اقناعه بالتوقّف عن الاضراب بالفشل، حيث رفض كل محاولات الترهيب والترغيب التي عرضها عليه الصهاينة العنصريون، ورغم الداء والأعداء فمعركة الامعاء الخاوية التي يخوضها البطل الشجاع ماهر الأخرس ضد جلاديه، بدأت تأتي بنتائج مهمة جدا اربكت الادارة الصهيونية وأخلطت أوراقها بل وأقلبت الطاولة عليها، ومن بين هذه النتائج دخول الكثير من الأسرى الفلسطينيين القابعين في زنزانات سجون الصهاينة في حراك مبارك تضامنا مع الأسير المناضل الكبير ماهر الأخرس، وهي ضربة موجعة لإدارة بني صهيون لتعلم هذه الادارة العنصرية أن كل الأسرى الفلسطينيين هم ماهر الأخرس ويعتبرون حياتهم من حياة هذا الاسير البطل.
ويأتي تحرّك الأسرى الفلسطينيين بعدما تأكدوا بما لا يدع مجالا للشكّ أن البطل ماهر ليس في حاجة إلى بيانات تنديد وخطابات عاطفية، بل هو في حاجة إلى تحرك عملي فعلي ذي جدوى لإنقاذ حياته، لأن بطل الأحرار أصبح بعد 83 يوما من إضرابه عن الطعام قاب قوسين أو أدنى من الهلاك، والحقيقة أنه على الأحرار في العالم وعشاق الحرية والانسانية أن يتحركوا في هبّة جماعية لإنقاذ هذا الزعيم الذي يخوض معركة الكرامة.
نعم الزعيم يخوض معركة الكرامة وإن استشهد أو كتب الله له الحياة فهو أكرم أحرار الأحرار. نقول هذا الكلام لأنه بصراحة ليس سهلا أن تعلن حرب الأمعاء الخاوية في سجون نظام عنصري، يريد أن يبني مجده على جماجم الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين، بشهادة التاريخ والبشرية، لكن قوة البطش في العالم تتنكّر لهذا الحق، ولا تتوانى في تأييد ومؤازرة المحتلين.
إن ما يدفعنا إلى الدفاع عن ماهر والوقوف بجانبه ومؤازرته هو ما قاله في إحدى تصريحاته: "إن انتصاري هو انتصار للأسرى الفلسطينيين وللشعب الفلسطيني كله".
هذا هو إيمان وقناعة ومبدأ هذا الرجل الفلسطيني الذي ولدته أمه حرا، فإذا به يجد نفسه مقيدا بأغلال كيان دخيل غاصب للبلاد والعباد، فأعلن معركة الكرامة، شعاره عش حرا ومت وأنت كريم.
ونحن كمؤمنين ومتضامنين مع الأسرى الفلسطينيين سواء كتبت لهم الحياة أو استشهدوا فهم في الحالتين أحياء مصداقا لقوله تعالى:
(ولا تحسبّن الذّين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربّهم يرزقون).
صدق الله العظيم