برعاية مكافحة "كورونا" تخوض حكومة نتنياهو حملة مغرضة ترمي للتخريب على عمل الحكومة. والدليل: لا تعرف أي وزارة حكومية ميزانيتها في كانون الثاني 2021. فرفض بنيامين نتنياهو إقرار ميزانية لسنتين دليل على تمرير خطة (أولاً الفوضى وبعد ذلك انتخابات في الطريق الى تصفية التناوب والمحاكمة). يفترض أن يفهم آخر الأغبياء أنه لا يمكن لأي وزارة حكومية أن تنظم خطة عمل وسلم اولويات إذا كان الوزير لا يعرف مقدار المال الذي سيحصل عليه. كما أنه لا يوجد اي مورد بضاعة او خدمات يكون غبيا بما يكفي كي يعمل بالمجان لوزارة حكومية أو يؤمن بأنهم في لحظة ما سيدفعون له.
وبالتوازي، لا يوجد وزير غبي يصدق وعود وزير المالية ورئيس الوزراء. وعليه فإن الوزراء "مذنبون" في وضع وزاراتهم. ونتنياهو لا يهمه على الاطلاق من الوزير ومن اي حزب. بما في ذلك من حزبه. والمذهل: "الليكوديون" من الوزراء والوزيرات لا يهمهم على الاطلاق اداء وزاراتهم. فعلى اي حال تتعلق مكانتهم حصريا بالزعيم الذي هو الآخر لا يهتم. وفي هذه الاثناء يوجد له ما يكفي من الوقت لتوزيع ميزانية (على اساس الساعة) ما يسميه الاقتصاديون "العلب" للقطاعات المقربة او باللغة الدارجة - رشوة انتخابات ظاهرة.
على فرض ليس غير منطقي لأن الضرر للاقتصاد والصحة سيستمر في الشتاء ايضا وسيعظم الفوضى، يعد نتنياهو ومخصيوه مناورة، وهي تقوم على اساس التوقع اليائس بالتغيير: اذا كنا كلنا تخوزقنا بسبب الوضع الرهيب وفقدنا الامل، تعالوا نخلط الاوراق ونبدأ اللعبة من جديد؛ فقد ينشأ أمل. زعامة جديدة؟ مركز "الليكود" ودرعي يعارضان. دستور ملزم؟ لسنا السويد ولسنا شقراً.
صحيح أنه سبق لنا أن كنا في هذا الفيلم وأكلنا افلاما اخرى، ولكن في الايام المجنونة من اليأس والاحباط فإن اليمين واليسار على حد سواء كفيلان بأن يتمسكا بأي قشة وكأنها دولاب نجدة.
ان تدير أداء الوزارات الحكومية هو جزء من مناورة التسويف بالوقت في محاولة لإقامة حكومة يمينية تماما، ويوجد لهذا احتمال لا بأس به. ان يدخل "الليكود" و"يمينا" في مشادة على المقاعد، ولكن مع انتهاء الجلبة يتعاونان على اقامة ائتلاف مع الاصوليين و"شاس". يطرح نفتالي بينيت وشركاؤه عرضا عابثا (وكأنه) تمركز، اما عمليا فسيكافحان على تخليد مشروع الاستيطان والتدين. يرى بتسلئيل سموتريتش وشركاؤه الهيكل على خرائب الاقصى وهم سيسيران على الخط يميناً، يساراً، الى فوق، والى تحت فقط كي يكونوا على الدولاب. من ناحيته، فإن آريه درعي، يعقوب ليتسمان، بينيت وسموتريتش استنفدهم نتنياهو ولكنهم لا يفحصون اسنان حمار المسيح. وهم سيسندونه في جولة الانتخابات التالية وبالقدر ذاته سيسندون كل ليكودي آخر، من إسرائيل كاتس وحتى جدعون ساعر وميري ريغف ايضا، وما الضير في أوسنات مارك؟
***
حساب آخر لنتنياهو، الذي يكافح في سبيل تقديم موعد الانتخابات، هو انتصار جو بايدن في الانتخابات في الولايات المتحدة. أكتب وأقول بثقة تامة بإن بايدن سيفوز؛ ليس لأني حللت عميقا الاستطلاعات ونفس الناخب الأميركي. فلماذا نبذل الجهد اذا كان نايت سيلفر (منذ ان كان محلل "ان.بي.ايه" وانا اعتمد عليه) يقوم بالعمل بدلا مني؟ واذا كنت افهم السطر الاخير، حتى دون أن يقال مع علامة تعجب، فليس لدونالد ترامب ذرة احتمال للانتصار في الانتخابات. من يفهم في هذا الامر افضل مني هو نتنياهو، الذي تؤثر مكانته في الولايات المتحدة على بيع شخصيته كسياسي أعلى في إسرائيل. يدور الحديث، اليوم، عن 20 يوما حتى الانتخابات وبعدها يوجد لترامب شهران ونصف الشهر حتى دخول بايدن في كانون الثاني. من ناحية نتنياهو هذا زمن حرج، لتنسيق الافادات مع رجال ترامب حيال عمل الفريق الانتقالي لبايدن وكذا محاولة رأب الصدوع مع الديمقراطيين. ليس لهذا احتمال، ولكن لا حدود لليأس.
هنا توجد امكانيتان: الاولى التوجه الى الانتخابات في آذار والوصول الى بايدن في اقرب وقت ممكن مع حكومة يمين تماما ودون "أزرق ــــ أبيض"، ناورت به مع جارد كوشنير الى وضع لم يلتزم فيه بكلمته عن الضم؛ والثانية، اذا كنا سنلعب بالتخمينات، فقد يفكر نتنياهو (واذهب لتعرف ما الذي يحصل بين عقله الثاقب ونفسه المذعورة) للوصول الى البيت الابيض بالذات مع "أزرق ــــ أبيض" وبيني غانتس الى جانبه، على أمل أن يحصل من بايدن على الرخصة للاستمرار.
المشكلة هي أن احدا في الادارة الديمقراطية لا يصدقه. بعد أكثر من عشر سنوات خدمة في صالح الافنجيليين وترامب ضد الديمقراطيين (بما فيها طبخ وتوريد معلومات استخبارية كاذبة ضد وكالات الاستخبارات الأميركية) – الرجل محروق. ولكن اذهب لتعرف. يتخذ بايدن صورة من له، في عمره، سخاء المنتصرين. وقد يستضيف نتنياهو مثل ذاك البابا، قبل نحو الف سنة، الذي استقبل في قلعته قيصرا حاول الاعتراض عليه وعاد اليه زحفا طلبا للمغفرة. والزحف، يعرفه نتنياهو بلا ريب.
ان سؤالنا السياسي الواعي هو اذا كان نتنياهو المنبوذ سياسيا في الولايات المتحدة هو جيد للمصلحة الإسرائيلية الوطنية فإن الجواب هو نعم. نتنياهو مقطوع الاطراف يتلقف الفتات من تحت طاولة الديمقراطيين وهو ينفذ سياسة الخارجية والامن لبايدن وباراك اوباما جيد لإسرائيل. هذه ستكون ادارة ديمقراطية تقدمية ستعيد الى الطاولة المواضيع الجوهرية الحقيقية التي وقفت في طريق دولة إسرائيل لتكون مجتمعا سليما او على الاقل عاقلا. لا اتوقع ضغطا عنيفا. هذا بايدن، وهذه هي مطالبه الاساسية: دولتان للشعبين، استئناف الاتفاق النووي مع ايران، الارتباط المتجدد بأوروبا، وهكذا بـ(ركلة) صغيرة تصفية نفوذ "ايباك" في مجلس النواب. ما الضير؟
***
عودة الى تظاهرات الاحتجاج، التي سيحكم عليها وفقا لنجاحها في تحريك مقاعد من اليمين الى اليسار. وكما يتمثل هذا في الاستطلاعات فإنه ليس الاتجاه (التبلور الداخلي رائع، ولكنه لم يثبت انه يجلب مقاعد). الامل هو الاصوات الطائشة. بشكل عام 8 – 10%، والتي هي 8 – 10 مقاعد. في الايام العادية درج على توزيعها وفقا لانماط التصويت العامة. وهذا ينجح بشكل عام. اما في هذه الايام فيوجد احتمال للتغيير، والسبيل الى فهمه يمر بتوزيع الاصوات الطائشة.
فحص كميل فوكس (لم ينشر، ولكني اشتريت المعلومة من أحد تحدث معه). سأل الناس هل قرروا التصويت، ولمن قرروا التصويت، واساسا تساءل كميل كيف يعرفون انفسهم على سلم من اليمين الى اليسار. وكانت النتيجة الواضحة وسط – يسار. تخيل 5 مقاعد وسط – يسار معناه نقلة جوهرية الى اليسار؛ ما يستوجب حملة ناجعة تكشف الوجه الحقيقي لبينيت. كل ما تبقى، مهما كان مغيظا، منوط بـ"كورونا".
عن "معاريف"
مناورة نتنياهو المستحدثة..إزاحة حماس "تفاوضيا"
02 يناير 2025