زمن الاصلاح – المشورة السيئة بشأن الاتفاق النووي

حجم الخط

إسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين

لم أفاجأ بقراءة المقابلة في “يديعوت احرونوت” مع رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية العميد درور شالوم، الذي ينهي مهام منصبه. فقبل سنة بالضبط التقى شالوم مع يوآف ليمور في “اسرائيل الاسبوع” وقال امورا مشابهة. ما أذهلني في حينه، وهذه المرة ايضا، كان الهدوء غير المفهوم الذي استقبلت فيه اقوال صاحب هذا المنصب الحساس. يتنكر شالوم، بشكل ثابت، لمواقف حكومات نتنياهو. يخيل لي انه لا يوجد ضابط يظهر في احيان قريبة في الكابينت السياسي الامني وفي لجنة الخارجية والامن في الكنيست اكثر من رئيس دائرة البحوث. هذا هو الرجل الذي يرى المادة الحساسة، الذي يعمل على تحليلها، ويرفع استنتاجاته لاصحاب القرار. احد لا يحق له أن يتجاهل اقواله. قبل سنة حذر من وقف التنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية، وباتت هذه هذا العام حقيقة ناجزة. قبل سنة قضى بان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران يدفع باسرائيل لان تعود لتستثمر المقدرات في هذه المسألة.  وقبيل اعتزاله يشدد انتقاده في هذا السياق.

​عندما يقول العميد شالوم ان تعزيز السلطة الفلسطينية هو مصلحة أمنية اسرائيلية، فانه يشدد على أن هذا ليس قولا سياسيا. صحيح أني لا اعتقد أن حل السلطة كفيل بان يخلق حاجة عاجلة لاستئناف الاتصالات السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، ولكن من يفضلون ادارة النزاع وليس حله، وعلى رأسهم نتنياهو، ينبغي أن يستمعوا جيدا لاقوال الضابط المقدر. فعدم الاكتراث الظاهر في ضوء القطيعة بيننا وبين السلطة الفلسطينية، والاستخدام لتبجحات مثل “السلام مقابل السلام” (وكأنه يمكن ومرغوب فيه استخدام هذا “الابتكار” لحل النزاع مع الفلسطينيين ايضا)، تعزز بشكل كبير فرص تشديد التوتر في الضفة الغربية. ولكن اقوال العميد شالوم في الموضوع الايراني أبعد اثرا بكثير وتتناقض بشكل مطلق مع محاولات نتنياهو عرض انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقها واتفاق الدول الخمسة الكبرى الاخرى كانجاز سياسي كبير.

​يدعي شالوم بانه “لم يثبت بعد بان الخروج من الاتفاق النووي خدم اسرائيل (الايرانيون) لم يتجاوزوا حافة العشرين في المئة تخصيب ولكنهم تقدموا في البحث والتطوير، وهكذا قصروا مدة القفز الى القنبلة”.  وهو يتكبد عناء الاشارة الى انه “في الاتفاق النووي، على نواقصه – كان ايضا مجالا للتأثير على مواضيع اخرى وكان من الصواب العمل على اصلاحه”.  

​ان الادعاء الذي يتشارك فيه غير قليل  من كبار رجالات جهاز الامن، هو ان نتنياهو دفع ترامب للانسحاب من الاتفاق، في قول عديم الاساس بان الحديث يدور عن اتفاق كارثي مزعوم  دون أن تكون ايران خرقته بشكل يبرر الخطوة الامريكية. ان التقدير المغلوط لترامب (ولنتنياهو) كان انه اذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق وعادت، وحدها الى نظام العقوبات، فسيأتي الايرانيون راكعين مستجدين اعادة فتح المفاوضات.

​ولكن ايران لم تأتي راكعة. وهي تنجح في  البقاء رغم القرار الامريكي. بينما الولايات المتحدة فقدت الرافعة التي كانت لها حتى انسحابها.  امريكا ترامب لم تعد اي بديل مرتب، ولم تنضم اليها اي دولة اخرى من الدول الخمسة التي وقعت على الاتفاق. وهكذا اصبح الوضع في السنوات الاخيرة، منذ انسحاب الولايات المتحدة اكثر خطورة على العالم بالعموم وعلى اسرائيل بالخصوص، بدلا من أن يتحسن.

​معقول الافتراض ان جو بادين، اذا ما انتخب رئيسا للولايات المتحدة، سيجري تغييرا جوهريا في موقف الامريكيين من الاتفاق مع ايران، وسيضع شروطا تؤدي بهم الى تعديلات معينة، في  ظل عودة الولايات المتحدة اليه. ولكن مع ترامب كرئيس من شأن اسرائيل أن تدفع ثمن مشورة نتنياهو السيئة، وفي هذا الوضع سيكون من الافضل لرئيس الوزراء أن يعيد تجنيد قدراته الاقناعية. هذه المرة – كي يحمل ترامب على العودة الى الاتفاق واصلاح ما هو حيوي فيه حقا. ​