الاحتجاجات في إسرائيل: للنجاح شروط

حجم الخط

بقلم: اسحق ليفانون


جملة التظاهرات تجري كما هو معروف هذه الأيام في أرجاء البلاد، ولكن حتى المتظاهرين لم ينجحوا في ان يعرضوا صورة زعيم جارف، يشكل بديلا عن الزعيم الذي ضده يحتجون. في اليسار يوجد تكرار لشخصيات كانت لهم وظائف اساسية في الماضي، بينهم رئيس وزراء سابق ورئيس اركان سابق، ولكن مع حماستهم، ليسوا الشخصية التي يراها الجمهور كزعيم متصدر. من اجل الخروج من الوضع الخطير الذي نوجد فيه الآن، يجب إيجاد شخصية كاريزماتية، زعيم ذي قوة جذب ونظيف اليدين، ليقودنا. ارفض قبول الادعاء انه لا يوجد في أوساطنا زعيم يمكنه أن يحدث التغيير.
على مدى السنين والاحتجاجات العديدة التي وقعت في أرجاء العالم تقررت مقاييس يتميز بها الاحتجاج الناجع. مقياسان متصدران هما حجم التظاهرة الذي يجعلها قوية، ورسالة الاحتجاج: كلما كانت الرسالة اقصر، هكذا تكون أكثر قابلية للاستيعاب. التظاهرات الموزعة في الجسور، في المفترقات، في الشرفات، في السيارات وغيرها هامة، ولكنها لن تؤدي الى التغيير المنشود. وكما يذكر، ومع الفرق بالطبع، قبل سنة من سقوط الرئيس المصري الاسبق مبارك وقعت تظاهرات كل يوم وفي اماكن مختلفة في ارجاء مصر. كلها كانت محصورة في عدد المتواجدين فيها. وفقط عندما اعلن عن تظاهرة المليون في ميدان التحرير في القاهرة نشأ الضغط الجماهيري اللازم لرحيل مبارك.
اذا ما ربطنا عدد المتظاهرين في ارجاء البلاد سنرى انه يمكن تجنيد العدد اللازم للوصول الى تظاهرة قوية، مثل تلك التي نعرفها من بلفور. تظاهرة واحدة كبرى، متواصلة، وفي مكان واحد تفتح الامكانية لتحقيق الهدف.
وبالنسبة للرسالة، كانت الرسالة في مصر قابلة للاستيعاب لانها كانت قصيرة: «ارحل» اي انصرف. شباب لبنان المتظاهرون هم الآخرون استخدموا اسلوبا قصيرا: «كل يعني كل»، والتي ادت الى استقالة حكومة الحريري. عندنا ايضا مرغوب فيه توحيد الرسالة في شعار يستوعبه الجمهور ويكرره، مثلما حصل مؤخرا مع الشعار الفيروسي «اذهب». اي، قوة التظاهرة والرسالة هما سر النجاح.
وبضعة اقانيم من احتجاجين كانا في محيطنا: المصري واللبناني. في مصر، كثرة جماعات المتظاهرين هي التي منعت نشوء شخصية متصدرة، بحيث أننا عدنا الى نظام يشبه نظام مبارك. اقنيم آخر هو الوطنية. التظاهرة مع رسالة وطنية تستوجب استخداما لرموز وطنية. في القاهرة وفي بيروت على حد سواء كان الرمز الوحيد الذي استخدمه المتظاهرون هو العلم الوطني. ليس اي علم آخر. العلم يعزز عدالة التظاهرة. لا اعرف كم من الناس على وعي بتاريخ العلم الأسود. فكما هو معروف، داعش هو الآخر يستخدمه. وكذا الفوضويون في بطرسبورغ في الثمانينيات من القرن الـ 19 استخدموه. وكذا الفاشيون في ايطاليا، والنبي محمد كذلك في حربه ضد اليهود في معركة خيبر استخدموه. وعليه، فيجب التوقف عن استخدام العلم الأسود، وبدلاً منه رفع علم الدولة فقط في كل مكان وفي كل تظاهرة أينما كانت.

عن «معاريف»