المرأة والحضور المثبت

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بقلم: صلاح هنية

سنربط موسم الزيتون بالمرأة جريا على عادة معهودة بحيث نظهر المرأة في كافة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمقروء أنها تجتهد في العمل ودق الزيتون والتفكير بحفظ الزيت وتساهم بالتسويق وهي من تتفنن بإعداد المسخن وهي من تبدع في إعداد طعام الحقل، ونعتبر هذا الأمر تكريما وتعزيزا لمكانتها هكذا نظن، وإن انتهى الموسم نعود الى سيرتنا الأولى «غلبتونا بموضوع المرأة كأنها مظلومة».
انا شخصيا لست غارقا لأذني بقضايا المرأة ولست مغرما بتضخيم هذا الملف وإغراقه بقضايا تضره أكثر مما تفيده خصوصا عند الغوص بتفاصيل ليست أولوية من عيار «حق المرأة في عدم تغير خانة سكنها بعد زواجها لمكان سكن زوجها»، «حقها بعدم تغير اسم عائلتها الى اسم عائلة زوجها»، وكأن الأمرين يتمان رغما عنها، وهذه تفاصيل ليست ضرورية، اليوم.
على الأقل، المرأة، اليوم، حاضرة في المشهد العام بقوة. صحيح ان هناك من يريد أن يناقش حدود هذا الحضور عبر الدخول من نافذة اعتراض هنا وهناك، وهناك من يريد إغلاق هذه النافذة واعتبار أن قضايا المرأة حكر عليه فقط هو يقرر فيها ويضغط كيفما شاء ولا يريد آخر أن يضغط بتوجه آخر، عمليا يجب أن يتحقق التوازن في المجتمع بالحفاظ على حق كل طرف بإبداء الرأي دون المس بشرف أي طرف تماما كما يحدث في الاختلاف بالموقف السياسي فنذهب صوب التخوين وفي قضايا المرأة تذهب ذهنيتنا صوب الشرف وهذا ليس نقاشا.
جميع المناسبات وإحياء ذكرى تكون المرأة حاضرة بقوة ضمنها عند الحديث عن الانتخابات وعن إدارة الأزمات والكوارث من عيار «كوفيد ـــ 19» ويوم المرأة الريفية، وتبرز لوحات وتصاميم قابلة للاستخدام من أي شخص شاء عن ضرورة وجود المرأة في صميم كل هذه القضايا، وطبعا الرغبة بجعلها حاضرة في مقعد قيادة إدارة الأزمة والكوارث، والمقصود هنا لدى أصحاب هذا التوجه ألا يكون وجود المرأة ديكورا بل وجودا فعليا ضمن منظومة متكاملة تكفل هذا الحق.
المشكلة أن الوضع الراهن يظهر وكأن المجتمع منقسم بالكامل بخصوص المرأة وكأنها مرفوضة أن تكون موجودة في الحياة. وقد يكون ذلك ناتجا عن خطأ في التعبير وخطأ محتوى اليافطات التي تظهر في اعتصام هنا وهناك وكأن المرأة نبتة شيطانية، وينشط أصحاب الرأي الآخر لنقاش الأمر من زاوية أخرى، وتظل المرأة عالقة تجتهد لتثبت حضورها في العمل والتطوع والجمعيات والنقابات والأسرة وعضوية البلدية وعندما تكون واعظة، وترسم خارطة حضورها بالشكل الذي يناسب تميزها واثبات ذاتها وتسند النساء أحيانا بعضهن بعضا.
كثيرة هي النقاشات المستمرة، اليوم، في مختلف مجالات الحياة اليومية عن حضور المرأة في المواقع المتقدمة، ولا زال النقاش مستمرا على أساس ان عائقا خفيا يحول دون ذلك، وأحيانا تقول الإدارة العليا في المؤسسة هذه أو تلك وتتحدى: من هي المرأة لدينا، المؤهلة لاحتلال هذا الموقع، وطبعا يظهر الإجماع بلغة الجسد انه لا يوجد!!!، والمرأة الصحافية لن تستطيع ان تشغل موقعا في صالة التحرير لأن ظروف العمل الليلي لا تسمح، ونفرح بأي إعلامية تتميز ونقول، إننا جاهزون لقبول التحدي.
المرأة حاضرة وتجتهد بإثبات حضورها ولا شأن لها بهذا الجدل الدائر، هي تتقن رسم خارطة طريقها ولا تريد وصاية من أحد ليبرر حضورها أو يرفض حضورها. والموضوع ليس مجرد رأي ورأي آخر، هي قضية محسومة منذ فترة، هي حاضرة وتحتاج الى منظومة محفزة لحضورها وصعودها درجات السلم بالتنافس وليس بالكوتة وفقط الكوتة. بل قد تكون الكوتة محفزا في البداية لكن القدرة والمهنية أهم.