«حل الدولتين» وهمٌ خطير جداً: حان الوقت لضم «المناطق»

images (1)
حجم الخط


تعالوا نلعب لعبة "يخيل لي". وهذه المرة لا يدور الحديث عن "لنقل اني أميرة وانت فارس" أو "لنقل انك تنظف لي البيت وأنا على الشاطئ في الايبيزا". هذه المرة في اللعبة تحدٍ: تعالوا نقول ان اسرائيل تضم "يهودا" و"السامرة". 
اسمع الصراخ حتى هنا: "أجننتِ! ما هي حاجتنا لمليون ونصف عربي؟!"، "أتريدين هؤلاء الفلسطينيين في الكنيست؟!" وصرخات نجدة اخرى. لا تقلقوا، فنحن نلعب فقط. والان، بعد أن هدئنا قليلا تعالوا نواصل اللعب. ماذا سيحصل في اليوم التالي للضم؟ 
من أجل أن نتخيل هذا، يجب أن نصف أولا الوضع القائم: لدولة اسرائيل، على حكوماتها ورؤساء وزرائها المختلفين، يوجد حل سياسي واحد على الطاولة: دولتان للشعبين. الفروقات بين غلئون وبيبي شكلية. الحل هو حل يساري صرف، وهو يتحدث عن تقسيم البلاد، وكأنه لا يوجد بديل آخر. والخطاب هو خطاب تقسيم، وهو يأتي لاعتبارات الامن، ظاهرا، او كراهية العرب، ممن يسعى اصحاب الحجج ل يضعوا حدودا بيننا وبينهم. 
كما يذكر، قبل عشر سنوات طردت اسرائيل اليهود من قطاع غزة، ووضعت حدودا مع بوابة كبيرة ويافطة في الاتجاهين تأمر بان لا دخول. فلماذا لا يزالون يحاولون وينجحون في قتلنا؟ فقد اعطيناهم كل القطاع حتى آخر ذرة تراب؟ الحدود التي يريدها مؤيدو حل الدولتين لا تحل شيئا. فهي وهم خطير جدا جدا. من حظنا ان لا حاجة لاثبات هذا، بل مجرد قطرة تفكير.
إذاً، ما الذي أقترحه؟ انا لا اقترح، بل العب فقط. أفترض امكانية اخرى على طاولة الاخذ والعطاء (الذي هو عطاء فقط مثلما بالتأكيد لاحظتم): وهذا الاقتراح يقول: سيادة. للسيادة الاسرائيلية على مناطق "يهودا" و"السامرة" توجد بضعة اشكال في اوساط مؤيديها المختلفين: كاولئك الذين يعتقدون بانه ينبغي اعطاء عرب "يهودا" و"السامرة" مواطنة كاملة، واولئك الذين يدعون بانه يجب اصدار حق الاقامة فقط لهم، مثلما لسكان شرقي القدس، وهكذا تنعدم المشكلة الديمغرافية. مهما يكن من أمر فان هذا حوار رائع. أحب مثل هذه الجدالات. هذا البحث جيد لنا، لانه يصرف الانتباه، أخيرا عن موضوع البحث – من البحث عن طرد اليهود الى البحث عن شكل فرض السيادة على "بلاد اسرائيل". 
لماذا هذا مهم؟ لاسباب كثيرة، جدا، وسأحصي بعضها وليس بالذات حسب تسلسل أهميتها:
1. الوضع المعطى ليس طبيعيا. في اسرائيل توجد منظومتا قانون متوازيتان، على مسافة بضع دقائق سفر الواحدة عن الاخرى. 400 الف من مواطني اسرائيل ينتخبون ممثليهم الى الكنيست، ولكن الكنيست لا تدير حياتهم، بل قائد المنطقة. كل شيء يحتاج إذنه، الامر الذي يجعل حياتهم متعلقة بنزوات وجدول أعمال رجل واحد لم ينتخب بشكل ديمقراطي. وهذا يشبه جدا جمهورية الموز، فقط بلا امتيازات.
2. مؤيدو الخطة يدعون بان السيادة الاسرائيلية في "المناطق" ستخفض "الارهاب". لست واثقة من أن هذا صحيح، ولكن ربما، اذا تمكن العربي من جنين من أن يرى البحر في هرتسيليا بين الحين والاخر، فهذا سيهدئه. واذا منحنا كل العرب في "المناطق" تصاريح دخول الى اسرائيل باستثناء قوائم المخابرات (الذين هم أو ابناء عائلاتهم عملوا بـ "الارهاب") – فسيتعرفون على اليهود وجها لوجه وليس عبر التحريض. هذه الحقيقة بحد ذاتها تصبح عامل اعتدال. اذا عرف الطفل الذي يرشق الحجارة بان عائلته لن تتمكن من الدخول او العمل في اسرائيل، فيمكن الافتراض بانه سيفكر مرتين.
3. انخفاض اسعار السكن. التجميد في اقرار مخططات بناء المدن وفي مراكز المقاولين في المناطق في السنوات الستة الاخيرة صفي مخزون الشقق في المنطقة وأثر مباشرة على ارتفاع اسعار السكن في الجانب الاخر من الخط الاخضر. اذا أخذنا القدس كحالة للدراسة، يمكننا أن نرى أنه من ناحية، استنفدت احتياطات البناء في المدينة الى هذا الحد أو ذاك، ومن جهة اخرى، يوجد تجميد مع معاليه ادوميم، في بيتار وفي غوش عصيون. لا يوجد للسكان العلمانيين (معاليه ادوميم) أو المتدينين الوطنيين (غوش عصيون) والاصوليين (بيتار) مكان يذهبون اليه، ولهذا فان الاسعار في كل المنطقة ترتفع. 
في معاليه ادوميم، المدينة العلمانية التي في الاجماع، سوق في السنوات الخمسة الاخيرة 100 وحدة سكن من وزارة الاسكان فقط. 100. حتى لو كان سوق 10.000 لكانت هذه اختطفت كلها. السيادة الاسرائيلية على "المناطق" ستلغي القوة التي لوزير الدفاع لوقف البناء فيها، وهي ستدار مثل البناء في الجديرة وفي يوكنعام. اسعار السكن في كل البلاد ستنخفض الى مستوى معقول. 
4. التطبيع: سبق أن تحدثنا عن عدم تطبيع اليهود الذين يعيشون "تحت الاحتلال"، ولكننا لم نذكر بان هذا هو الامر الذي تخافه السلطة الفلسطينية أكثر من أي شيء آخر. التطبيع هو السيف الذي سيصفيها. 
صحيح ان شعار "دولتين للشعبين" سهل على الاستيعاب، ولكن ظاهرا فقط. اما عمليا – فاذا ما اخذ به فسيكون ممكنا البدء بالتحزيم، و/او شراء قطعة قبر مع مشهد جذاب. السيادة هي حل معقد اكثر، فيه ثقوب، ولكن هذه ليست ثقوبا لا يمكن التصدي لها مثلما في الامكانيات الموازية.
أسمع التلعثم الذي يقلقكم على مدى المقال: ماذا عن الديمقراطية؟ لا يحتمل أن تضمي ايضا وتتجاهلي سكانها؟ نحن في القرن الـ 21، والحل يجب أن يتناسب مع هذا القرن. وبالفعل، رغم أني لا اؤيد منح حق المواطنة للفلسطينيين الذين يعيشون هنا، بل حق الاقامة فقط، فان السماء لن تسقط ولن تخرب دولتنا اليهودية حتى اذا اعطينا للجميع هويات زرقاء وحق الترشيح والانتخاب. لماذا؟ لانه بحسب الديمغرافي يورام أتينغر، فان اليهود سيحافظون على اغلبية 66 في المئة حتى بعد مثل هذا الضم. فضلا عن ذلك، فان الولادة في الوسط العربي – الفلسطيني في هبوط، واليهودية – حتى اليهودية العلمانية – في ارتفاع. يمكننا أن نتصدى لهذا ايضا، وهذه هي الامكانية الاكثر تطرفا، والتي تنازلنا فيها عن امكانية الحكم الذاتي ونسينا "الاردن هو فلسطين". بمعنى انه حتى في الامكانية الاسوأ فنحن لا نزال دولة يهودية ديمقراطية، وكل "يهودا" و"السامرة" في ايدينا. 
وماذا عن الحجة الحبيبة لكل الانهزاميين في أن "العالم لن يوافق"؟ إذن لا يوافق. عندي الكثير من الانتقاد على سلوك الصين في التيبت، ولكن يخيل لي ان الصين تصمد. فضلا عن ذلك، هل تذكرون أن السماء سقطت عندما ضممنا الجولان وشرقي القدس؟

عن "معاريف"