هجوم الجنرالات على صفقة الـ«إف 35».. عمى استراتيجي

حجم الخط

بقلم: كارولين غليك



تشكل الهجمات على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في موضوع صفقة طائرات «اف 35» ذروة جديدة من الازدواجية الأخلاقية والعمى الاستراتيجي من جانب «كبار رجالات جهاز الأمن».
مقابل سلام بارد مع مصر تنازلت إسرائيل عن العمق الاستراتيجي لسيناء، بل وافقت على الطلب المصري برفع الأميركيين لمستوى جيشها الاستراتيجي. وعليه، بفضل إسرائيل، في أعقاب السلام فإن طائرات قتالية ومروحيات قتالية، ودبابات وصواريخ بحر – بر، من أكثرها تطورا في المخزون الأميركي، منحت لمن كان حتى ذلك الحين اكبر أعداء إسرائيل. الألوية في هيئة الأركان وفي التقاعد، ممن قاتلوا فقط قبل بضع سنوات من ذلك في الجبهة المصرية صفقوا وأنشدوا أناشيد السلام.
في العام 1949 وقعت إسرائيل على اتفاق سلام بارد مع الأردن، ووافق جهاز الأمن بحماسة بأنه مقابل ذلك ستزود أميركا سلاح الجو في المملكة الهاشمية بسرب من طائرات «اف 16». وذلك رغم أنه في تلك الأيام كانت قيادة «حماس» في الأردن فلماذا يتهم الالوية المتقاعدون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالخيانة لأن طلب الإمارات شراء طائرات من طراز «اف 35» أقر بعد أن وقعت الإمارات على اتفاق السلام مع إسرائيل؟ فالأميركيون ملتزمون وفقا للقانون الأميركي بالحفاظ على التفوق النوعي الذي لقواتنا على قوات جيراننا. ومنذ عقد الاتفاق مع الإمارات، تعهد الأميركيون المرة تلو الأخرى بأن يفعلوا ذلك. والسلام مع الإمارات هو سلام حار تشتد حرارته فقط اكثر فأكثر كل يوم. وبالفعل، يوجد سببان لذلك. الأول هو الأنا. فقد قال وزير الدفاع، بيني غانتس، الاثنين الماضي، انه لا توجد مشكلة مع بيع «اف 35» للإمارات، وذلك لأن الأميركيين سيحسنون وضع إسرائيل بطرق مختلفة. ومع ذلك، مثل رفاقه الجنرالات، هاجم غانتس نتنياهو لأن الأخير بزعمه لم يشرك جهاز الأمن في المحادثات المسبقة التي كانت له مع الأميركيين في المسألة. وفضلا عن الأنا توجد أيضا المسألة الاستراتيجية. عاموس جلعاد، رئيس الهيئة السياسية الأمنية لدى ايهود باراك في وزارة الدفاع، ومتان فيلنائي، الوزير السابق في العمل تحت رئاسة باراك ورئيس قادة من اجل الأمن، المنظمة اليسارية المؤيدة للانسحاب من غور الاردن، يقولون، انه من الافضل لإسرائيل أن تتنازل عن اتفاق السلام كي تمنع صفقة البيع. الاشخاص ذاتهم الذين ايدوا نقل السلاح لـ»م.ت.ف» وتدريب ميليشياتها «الارهابية» على ايدي الـ»سي.اي.ايه» والجيوش الأوروبية يختلفون مع النهج الاستراتيجي لنتنياهو في أن السلام يقوم على أساس القوة وليس على تنازلات لـ»م.ت.ف».
تجدر الاشارة الى أن هذه المواقف تشبه جدا مواقفهم تجاه الغواصات. لقد مرت سنوات جيل، والقيادة الأمنية تعارض بشدة رفع مستوى سلاح البحرية الى مستوى السلاح الاستراتيجي، انطلاقا من مفهوم سطحي واحادي البعد لميدان المعركة. المشكلة مع الغواصات ليست الفساد. ولا ان مصر حصلت على غواصة ايضا. المشكلة هي ان المسؤولين السابقين لا يفكرون بأنه يوجد معنى لتطوير سلاح البحرية. لأنه هكذا يفكر الجميع. لاعتبارات الأنا وعدم القدرة على احترام الفكر الاستراتيجي الذي ليس لديهم، فإن كبار مسؤولي جهاز الأمن في الحاضر وفي الماضي غير قادرين على ان يتصدوا لنشوب السلام مع المنطقة. ينبغي الأمل ألا يكونوا شركاء في المستقبل في تكييف مفهوم الأمن الإسرائيلي مع العالم المتغير الذي يرفضون الاعتراف به.

عن «إسرائيل اليوم»