من يقف خلف منفذ عملية نيس .. وهل سيقتل اثناء التحقيق؟

حجم الخط

بسام ابو شريف يكتب

ما فجره ماكرون على صعيد فرنسا وعلى صعيد العالم أمر يفوق كثيرا رد فعل على عملية ارهابية ( كان الأمن الفرنسي يتوقع مثلها ) ، فلماذا يعطي ماكرون الأهمية لهذه العملية الارهابية البشعة ، والمدانة بكل المقاييس ( الا مقاييس الارهابيين والعنصريين ) والسؤال الآخر هو لماذا اختار ماكرون هذا التوقيت المتلازم مع عملية ارهابية شنها بعد اصابته بجراح ( برصاص اربعة ضباط فرنسيين ) ؟؟؟ رجل يحمل جواز سفر من الصليب الأحمر الايطالي ، وعبر الى فرنسا قبل وقت قصير ، وكان من المفترض أن يقتل برصاص غزير أطلقه عليه الضباط الفرنسيون ، لكنه لسوء حظ المخططين لم يقتل ، وبقي حيا مما يبرز سؤالا هاما : هل سيقوم المخططون باعدام المنفذ قبل أن يخضع لتحقيق يكشف أسرارا هامة تتصل بالأهداف والمخطط ؟؟!! ، وجدير بالذكر والتركيز هنا على حقيقة ثابتة ، ومدعمة بتصريح رسمي من المدعي العام الفرنسي المكلف بملاحقة الارهاب والارهابيين :

فقد أعلن في اليوم الأول والثاني للعملية أنه لم يطلب منه التحقيق في الحادث !!! ، وكأنما الجناة القابعون في الخلف كانوا يتوقعون موت الفاعل قبل أن يبدأ التحقيق ، لكن تكليف المدعي العام في اليوم الثالث ( والمصاب في حالة لا تسمح بالتحقيق معه ) ، قد فتح الباب لهؤلاء الجناة لتصفية الفاعل المجهول قبل أن يبوح بما لديه ” لنرى ماذا سيحصل !!! ” .

ونعود الى ماكرون ، من الطبيعي الا يكون رد فعل ماكرون ردا متوترا عفويا على ما جرى فقد تعامل ماكرون بهدوء وعلمانية في حوادث أكثر بشاعة من هذه العملية ، فقد كان خطابه الذي رد فيه على هذه العملية مدروسا من حيث ما يريد أن يفجره ماكرون على صعيد فرنسا الداخلي ، وغير مدروس على صعيد حسابات ردود الفعل خارج فرنسا ، وخاصة في العالم الاسلامي ، ويؤكد ذلك اصرار ماكرون ليس على عدم التراجع فقط ، وليس على الامتناع عن الاعتذار فقط ، بل بالتمادي في طرح خطابه الذي رسم له ، والمخطط الذي سار فيه ، وقد وصل به التوغل داخليا في هذا المخطط الى حد فرز الفرنسيين دينيا بين الكاثوليك ، وغير الكاثوليك .

وزير خارجية فرنسا قد يكون المسؤول الذي يعرف تبعات هذا الخطاب فقد ، سلخ ماكرون كليا الجلد العلماني الديمقراطي عن جسده وظهره كأي متعصب عنصري النزعة الدينية وباعتقادي أن هذا دور مخطط له ، وليس حقيقة ملموسة .

سياسيا خطاب ماكرون يعني انضمامه لعصابة ترامب، التي لا تبالي بعدد الضحايا من أبناء البلد ، أو من الغرباء سواء الذين يعيشون كمواطنين في البلد ، أو يعيشون في بلادهم ، أي أن ترامب وماكرون ، الذي انضم لعصابته لا يكترث بعدد الفرنسيين، أو غير الفرنسيين الذين سيقتلون ، ولا يكترث لمدى الخراب والدمار والخسارة ، التي ستلحق باقتصاد بلدهم طالما أن الأمر يتعلق بمصلحة ترامب أو ماكرون الذاتية ، وبقائهما في السلطة.

أن يراهن المخططون لماكرون على سحب السجاد من تحت أقدام اليمين الفرنسي في الانتخابات القادمة ، هو كمراهنة باراك على سحب أصوات اليمين الاسرائيلي من نتنياهو فخسر اليمين ، وخسر اليسار وسقط ، وهكذا سيحصل مع ماكرون ، ومثير للضحك كيف أن “المافيوزو “، ترامب استغل ذلك في حملته الانتخابية ، فقد أنذر الاميركيين بأنهم اذا صوتوا لبايدن منافسه ، فان ما حصل في فرنسا سيحصل في الولايات المتحدة ، وألصق ببايدن صفات معروف كم أن بايدن هو معاد لها ، ومنها اليسارية والاشتراكية ، ومنها أنه سيمكن المهاجرين من السيطرة ، وأخيرا تشجيعه للارهاب الذي حصل في فيلادلفيا ” حسب قول ترامب ” ، متجاهلا أن مظاهرات فيلادلفيا جاءت ردة فعل على جريمة جديدة ارتكبها العنصريون من أفراد وضباط الشرطة ، ولم يشر ترامب الى عمليات التعذيب والاغتصاب والقتل ، التي يرتكبها العنصريون من أفراد الشرطة الاميركية ضد الملونين بشكل خاص ، ناهيك عن الاذلال والاهانة اليومية التي يلحقها هؤلاء بكل من لا تفوح منه رائحة التفوق الأبيض .

ماكرون انزلق ويزداد انزلاقا ، لكن علينا نحن الا ننزلق ، فنحن علمانيون ومؤمنون … علمانيون بمعنى مجتمع يخضع لقوانين عادلة ومناهضة للظلم والعنصرية والفاشية ، ومؤمنون بما أنزل الله على رسوله الكريم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم ) ، لذلك نحن لاننجرف الى كمائن الأعداء ، ولا نقع في الشرك بل نتمسك بحبل الله ، ونتبع تعليماته ومبادئه ونخشاه ولا نقيم وزنا الا لما أمر به .

نحن لانكره الفرنسيين ، وهم لهم دينهم وكتابهم ولا نعاديهم ، فعدونا هو من اعتدى علينا وسلب أرضنا ، وارتكب البطش والفحشاء والمجازر ضد شعبنا ، وهذه هي اسرائيل والعنصريين الحاكمين والمحكومين ، وهي السلطة في اميركا ، والسلطات في كل مكان ان كانت مؤيدة للغزاة الاسرائيليين ….. يجب أن يعرف الفرنسيون أن احتلال فرنسا للجزائر كان من جرائم الحكام آنذاك ، ولقد قاتلناهم وهزمناهم ، وان من احتل سوريا ولبنان وغيرها هم الحكام الغزاة ، الذين كانوا يعملون لصالح الأغنياء الذين أرادوا نهب بلادنا ، ونحن ندعو عمال فرنسا وفلاحيها وفقرائها ومثقفيها للوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني ، والى جانب الشعب العربي السوري ، والشعب العراقي ، والشعب اليمني ، والشعوب العربية والاسلامية وأن يرفضوا سياسات التبعية لواشنطن وتل ابيب ، وأن يتخذوا موقفا واضحا ضد حكام عرب خضعوا للحكام في الغرب وحكام اسرائيل ، وألا يسمحوا بتسليح هؤلاء الحكام لقتل أطفالنا ونسائنا ، وليس أقل ارهابا من هؤلاء الحكام احد .

*كاتب وسياسي فلسطيني .