إسرائيل وأميركا "توأمان" سياسيان !

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 


لطالما حلمت إسرائيل بأميركا، والآن يتحقق ذلك أيضا: دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو متشابهان بشكل ملحوظ. نتنياهو أكثر ثقافة وإثارة للإعجاب من ترامب بالطبع.
ولكن التشابه في أساليب عملهما واعتقادهما مدهش. ولا يقل عن ذلك إدهاشا التشابه بين من يقفون مقابلهما: جو بايدن وبني غانتس.
كلاهما من القرية ذاتها، قرية الوسط والوسطية. وكلاهما مليء بالنوايا الحسنة، ورمادي لدرجة مؤلمة، مع سيرة ذاتية مثيرة جدا للإعجاب ومع قدرات أقل إثارة للإعجاب. كان يجب أن يكونا الأمل للتغيير، لكنهما لن يكونا.
لقد أثار ترامب ونتنياهو حركات معارضة صاخبة وحازمة ومتمسكة بالهدف. منظمات المجتمع المدني في إسرائيل وفي أميركا عادت إلى الحياة.
ولكن لشديد الدهشة لم تنجح في خلق بديل، شخصي أو فكري. كان يمكن أن نتوقع أنه بعد اربع سنوات من حكم ترامب و12 سنة من حكم نتنياهو، مع كل المعارضة والاشمئزاز الذي أثاره الاثنان، سيقوم قادة ويحاولون دفع البندول إلى القطب المعاكس؛ من اليمين الشعبوي إلى اليسار.
لم يحدث هذا، وتوقف البندول في منتصف الطريق، في المنتصف الشرير والملعون. ولم تتجرأ الولايات المتحدة وإسرائيل على قطع كل الطريق حتى الوصول إلى القطب المعاكس لقطب لترامب ونتنياهو.
للوهلة الأولى كان يبدو أن هذا سيحدث في اميركا. في الحزب الديمقراطي سمعت اصوات لم تسمع في أي يوم من الأيام مثل راديكالية، يسارية، اشتراكية ديمقراطية مؤيدة لحقوق الانسان والعدالة والمساواة.
عدد من المرشحين الواعدين، الذين تبنوا هذه المواقف، تنافسوا، وكان يبدو أن ثورة ترامب ستثير رد الفعل الفكري المعاكس والمناسب.
وأنه سينبت امام ترامب نقيضه المطلق. تجندت وسائل الاعلام الاميركية في معظمها لمحاربة الترامبية، لـ «نيويورك تايمز» والـ «سي.ان.ان» لم تكن هناك ايام اجمل من تلك الايام.
في الاجواء كان هناك وعد بالتغيير، وأن الولايات المتحدة ستحاول احداث الاصلاح الحيوي جدا لها من أجل الشفاء من مرض ترامب.
بعد ذلك تم انتخاب جو بايدن كمرشح، الوسطي جدا والأقل قيمة من بين كل المرشحين. وايتر شيد اوفبيل (ظل شاحب اكثر بياضا). اكثر بياضا من الشحوب. من كل اميركا الكبرى، الغنية والقوية، ومن كل الجامعات ومعاهد الابحاث، حركات الاحتجاج والاعلام، من كل الخمسين ولاية، هذا ما هو موجود من اجل أن يضرب ترامب. قالت الولايات المتحدة مرة اخرى «لا» لليسار. ايضا سنوات ترامب الصادمة لم تكفها من اجل استجماع الشجاعة وأن تجرب للمرة الاولى في تاريخها طريقا اخرى، طريق الاشتراكية الديمقراطية، وسياسة خارجية تظهر وجها اخلاقيا اكثر ومساعدة للضعفاء في بلادها وفي العالم، وأن تجرب اميركا طريقا تقول إنه ليس فقط الاموال هي التي تتكلم فيها.
صحيح أن من سبق ترامب، براك اوباما، الذي ساعد اختياره الاعجازي في تصعيد ترامب كرد فعل، وعد بكل ذلك.
ولكن تبين لمزيد الاسف أن هذا كان وعدا فارغا. وقد حاول توجيه اميركا في اتجاه آخر، لكن أفعاله غرقت في البحر الهائج للسياسة الاميركية التي وضعت له العصي في دواليبه دون توقف.
حتى رئيس حكومة إسرائيل الصغيرة نجح في اهانته واخضاعه. الآن يساعد اوباما نائبه السابق كي يتم انتخابه، لكن بالتأكيد ايضا هو يعرف أنه ليس هو الأمل الكبير الذي تحتاجه بلاده.
مفاجأة: تسلسل الاحداث يشبه التسلسل في الدولة التوأم، إسرائيل. هنا حتى لم يتم للحظة بث أمل بالتغيير، رغم أنه هنا، خلافا للولايات المتحدة، كان هناك في يوم ما اشتراكية ديمقراطية، حتى أنها سجلت انجازات لا بأس بها. المرشح الذي تنافس ضد نتنياهو في الانتخابات السابقة كان شخصية وسط رمادية، المرشح الذي يهدد الآن حكمه هو يميني متطرف اكثر منه. من اليسار لا نسمع أي كلمة. في اوساط الجمهور اليهودي تقريبا هو غير قائم. الـ 12 سنة من حكم اليمين المتعفن والفاسد أدت بإسرائيليين الى الاستنتاج بأنهم يريدون المزيد من الشيء ذاته. ربما فقط ليس بيبي، لكن ايضا فقط ليس اليسار. الإسرائيليون لم ينخدعوا للحظة بأمل زائف. خلافا للولايات المتحدة لم يتركوا فرصة لشخص آخر. بيرني ساندرز الإسرائيلي كان ربما سيجد مكانه في «القائمة المشتركة» أو في «ميرتس». وقد بقينا مع بني بايدن أو جو غانتس، كوعود وحيدة لغد آخر.

عن «هآرتس»