عن "منظمة التحرير" ودولة فلسطين..والتمثيل الوطني!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 لا يخلوا ذكر منظمة التحرير دون أن ترتبط بتعبير بات ثابتا الى حد التقديس السياسي، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد، واي مساس بتعبير الوحيد يفتح أبواب جهنم "فعلا" وليس كلاما فصائليا، على من يحاول المساس بها.

ولم يكن ذلك قصرا على الساحة الفلسطينية، بل كان في كل موقع يمكن أن ينال منها، في المؤسسات العربية خاصة بيانات القمم العربية، رغم انها بالمؤسسات الدولية لا تذكر كثيرا، والمفارقة تلك لم تفتح معارك، وقد يبدو ذلك غريبا، لكن الواقع أن التمايز بين العربية والأجنبية، ان الأولى دوما هناك من كان يتبرص بالتمثيل الوطني، خاصة دول مركزية عملت على "صناعة البديل" او الشراكة في التمثيل.

وبعد إطلاق حركة الإخوان المسلمين فصيلهم الخاص في فلسطين، حركة حماس، وفي ظروف ملتبسة جدا، نهاية عام 1987، وتقديمها أنها بديل أو مواز للتمثيل، أصبحت مسألة التمثيل الوطني أكثر حساسية، بعد أن حاولت أطراف عربية، ولا زالت بالتأكيد، استغلال حماس للنيل من مركزية الشرعية الفلسطينية.

ولكن، التمثيل الفلسطيني لم يعد يقتصر على منظمة التحرير بصفتها التعبيرية "الكيان الافتراضي"، بل برز جديد، منذ سبتمبر 2012، عندما استبدلت فلسطين الدولة كعضو مراقب في الأمم المتحدة منظمة التحرير، وبالتالي لم يعد لها حضور في البيانات الأممية للشرعية الفلسطينية.

الاستبدال، ليس لغويا أو سياسيا فحسب، بل هو جزء من تطور البعد القانوني للتمثيل الرسمي الفلسطيني، فالدولة باتت قانونيا جزء من الشرعية الدولية، ولم يعد لمنظمة التحرير وجود تعبيري، ويمكن اعتبار هذا تطور تاريخي للكفاحية الفلسطينية وفعلها الثوري، ان فرضت الاعتراف بكيان قائم، له مؤسسات قائمة على أرض فلسطين، بمسمى دولة فلسطين.

لا يتم التعامل كثيرا مع المسألة الجديدة في النقاش الداخلي الفلسطيني، لسبب أن الرسمية الفلسطينية لا تزال تتمسك بالسلطة كيانا متواجدا، وليس بالحق الشرعي دولة فلسطين، ولتكن تحت الاحتلال، ولن تكون أول دولة يمكن اعتبارها دولة محتلة، فتاريخ الأمم حافل بذلك منذ بدايات الاستعمار القديم والحديث.

الإشارة راهنا، الى منظمة التحرير ودولة فلسطين، أصبح ضرورة سياسية في ظل النقاش الوطني حول "المصالحة" والمستقبل القادم، حيث يتضح غياب كلي لتلك المسألة رغم أهميتها القصوى، وعلاقتها بالتعريف القانوني – السياسي لكل منهما في "مفهوم التمثيل".

دولة فلسطين الكيان، بصفتها ستصبح موضوعيا دولة لكل فلسطيني، أي دولة لكل مواطنيها داخل الدولة أو خارجها، وتصبح بصفتها تلك، الممثل الرسمي القانوني للشعب الفلسطيني، وهنا تبرز الإشكالية الإفتراضية مع التعبير السائد حتى تاريخه، ان منظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيد، وستفقد موضوعيا ذلك التمثيل القديم، ما يفرض ممرا إجباريا للتفكير ما هي صفة منظمة التحرير وتمثيلها ومهامها بعد دولة فلسطين.

قضية يجب أن تحتل أولوية في النقاش الوطني، العلاقة والمهام والدور لمنظمة التحرير مع قيام دولة فلسطين، ولعل تعديل مسمى وزارة الخارجية الفلسطينية بإضافة وشؤون المغتربين، بعد ان كانت من مهام منظمة التحرير، إشارة غير مباشرة، لكن المطلوب الارتقاء بالتعامل في نقاش تلك القضية الحساسة، لكنها مركزية جدا.

ونقاش المهام والعلاقة يفرض نقاش القانون والميثاق والدستور لكل منهما، المشترك والخاص، لا وقت لتأجيل نقاش قضية حساسة لكنها هامة، فتلك قضية لا بد منها وكل تأخير ضار.

ولعل تحديد العلاقة بين الدولة والمنظمة، يساعد كثيرا في إزاحة بعض عقبات الجدل الفصائلي في مسار رحلات "المصالحة"...فهل نشهد تغييرا في التفكير أم يستمر الأمر على طريقة سيري فعين الرب ترعاك!

ملاحظة: العملية الإرهابية في النمسا، الشكل والمضمون يجب أن تدان من كل فلسطيني قبل العربي...فتلك مصلة وطنية بامتياز مع ما يمكن أن تستغله الحركة الصهيونية لفعل فاشي صريح...الجبن خيبة!

تنويه خاص: "يهود إسرائيل" يصلون كي يفوز ترامب..وغالبية "يهود أمريكا" يدفعون المال كي يسقط ترامب...ملاحظة لمن يسوق دوما ان "أمريكا" مزرعة للصهاينة تبريرا لعجز وفشل الفعل والتأثير!