عن الدين والإرهاب والفتح الباريسي

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

أسهل شيء على الانسان ان يعفي نفسه من مسؤولية جرائم عامة يرتكبها آخرون بمسميات لها صفة العمومية والشمولية باسم الدين مرة والهوية والجنسية مرات ، فإذا كان هذا المجرم شيشاني على سبيل المثال قيل عنه انه مسلم ، واذا كان تونسيا قيل عنه عربي مسلم ، لأنه في الحالتين صرخ بعبارة "الله أكبر" ، واحيانا يكفي انه يلبس دشداشة ويمتشق سيفا كما في حادثة كندا لكي يوسم بالإرهاب الإسلامي ، الذي فجأة وجدنا انفسنا معه وجها لوجه في غمرة السنوات الاخيرة التي قد تمتد في أطول الاحوال الى السنوات الخمسين الاخيرة ، وقد فتك هذا الإرهاب بحوالي 80% من العرب والمسلمين وفق ما صرح به ماكرون مؤخرا .

واذا كان الأزهر قد أصدر توصية للأمم المتحدة بضرورة تجريم إساءة الاديان ، بما فيها الوضعية، ورموزها، فإن بابا الفاتيكان ، أصدر توصية مكملة قبل بضع سنوات بضرورة منع استخدام اسم الله في عمليات القتل ، مقدمة لعزل هؤلاء العتاة المجرمين عن الانتماء للدين اي دين .

عندما ارتكب الحاخام الضابط في الجيش الاسرائيلي باروخ غولدشتاين ، مجزرته في الحرم الإبراهيمي وقتل نحو 40 مصليا ركعا سجدا في صلاة الصبح ، قال اسحق رابين الذي كان وزيرا للأمن في حينه انه شعر بالعار مرتين ، مرة لأنه ضابط في الجيش ومرة اخرى لأنه يهودي. لكنهم اقاموا له نصبا تذكاريا يتبركون بزيارته ، وها هم اليوم يعلنون الدفيئة كلها دولة يهودية ولغتها الوحيدة هي العبرية، ويمنحهم سيد العالم، ترامب، القدس كلها عاصمة ابدية لهم.

فهل قلنا مرة انه ارهاب يهودي؟

قبل حوالي خمس وسبعين سنة، شن سيد العالم انذاك ادولف هتلر حربا كونية، ووضع شعاره رمزا مسيحيا هو الصليب المعقوف ، فهل قلنا انه إرهاب مسيحي؟

انظروا لمفارقة حزب الله ، وهو حزب ديني إسلامي، يطلق عليهم تكفيريين وإرهابيين ، بل انه تجند لمحاربتهم في لبنان وغير لبنان، ودفع الكثير من مقاتليه ارواحهم ثمنا لقرع ووقف هذا الإرهاب ، فماذا فعلت امريكا وفرنسا وبريطانيا وبقية الطغم، هل كافأوه ام انهم استمروا واستمرأوا في معاداته واعتماده منظمة إرهابية تجدر محاربتها ومعاقبتها ومحاصرتها؟

وعندما اعدمت العالمة المصرية هيباتا، التي عدّت اول عالمة رياضيات في التاريخ على يد الكنيسة بتهمة السحر والالحاد ، جرّت من شعرها بعد ان جردت من ملابسها وربطت بالحبال حتى انسلخ جلدها ثم احرقت شبه حية، قبل نحو 1600 سنة، لم يكن الإسلام قد جاء، واعتمد مقتلها على هذه الشاكلة ايذانا بنهاية عصر التنوير الفكري.

أكيد ان الكنيسة انذاك باركت هذا القتل ووعدت المشاركين فيه بالجنة، كما ان من سفك دم المفكر الأردني ناهض حتر قبل بضع سنوات، قد بسمل وحوقل. ولو كانت الصين دولة إسلامية لوصف ترامب الكورونا بالفيروس الإسلامي بدلا من الفيروس الصيني ، كنا حينها سنضطر لفتح باريس و معها واشنطن وفق ما نادت به بعض أحزاب الدين السياسي!