يُفضل أن يبقى نتنياهو في منصبه إلى أن تنضج الظروف

حجم الخط

بقلم: يوسي ملمان

 

 


يجب ألا يستمر بنيامين نتنياهو في تولي منصبه رئيساً للحكومة، ومع ذلك فعليه البقاء في منصبه. قائمة الموجودات في صندوق عيوبه ضخمة، فهو متهم بمخالفات جنائية، محرّض، مستفز، ويقسم المجتمع إرباً إرباً، ويسعى لتقويض سلطات القانون، ويلوث الخدمة العامة بتعيينات لمقربين وبمن يقولون «نعم». ولا يؤدي عمله جيداً، وتنقصه مؤهلات الإدارة، كما نرى يومياً في أزمة «كورونا». يدير إسرائيل، وتقف على رأس أهدافه اعتبارات سياسية، وتحرّكه مصالح شخصية وعائلية. هذه فقط قائمة جزئية من أفعاله في الـ 11 سنة الأخيرة.
من يرثون نهاية الديموقراطية ويحذرون من حرب أهلية، ومن ضمنهم كاتب هذه السطور، هم على حق في تكهنهم، ولكنهم مخطئون في التحليل وفي اقتراحاتهم للعلاج. هم يوظفون جهوداً استحواذية للتوصل إلى إقالة نتنياهو عن طريق مناورات سياسية، تصويتات بعدم الثقة في الكنيست، أو عن طريق مظاهرات واحتجاجات. وكلما فشلوا ازدادوا يأساً.
نتنياهو ومؤيدوه، الذين شكلوا الائتلاف المنفعي - «الليكود» والحزبَين الحريديين واليمين الاستيطاني- يواصلون التمتع بدعم كبير، ما بين 40-50 في المئة من مجمل الجمهور. هذا الدعم، الثابت طوال الـ 3 جولات انتخابية في السنتين الأخيرتين، يدلل على أن نصف الشعب يعتقد أن وضع الدولة ليس سيئاً مطلقاً.
هنالك من يدعون أن مؤيدي الائتلاف النفعي هذا يعملون ضد مصالحهم الذاتية، ولا يفهمون ما هو الجيد لهم. هذه مقاربة على صيغة مقولة اسحق بن أهارون بعد الانقلاب في العام 1977 الذي رفع إلى سدة الحكم مناحم بيغن و»الليكو» بأنه «يجب تغيير الشعب». وهي مقولة ليست فقط متعجرفة وأبوية، فهي أيضاً ليست صحيحة.
معظم الأشخاص يقومون بموازنة وتفكير لدى مجيئهم إلى صندوق الاقتراع، وينتخبون من يعتقدون أنه يعكس بصورة صادقة وجهة نظرهم ومنظومة قيمهم ويخدمهم ويخدم مصالحهم بصورة أفضل. فقط بهذه الطريقة يمكن أن نفهم ونشرح لماذا يصعب جداً التخلص من نتنياهو.
وحتى إذا حدثت المعجزة، وكل الأحزاب -»القائمة المشتركة»، «ميرتس» وأشلاء «العمل»، «أزرق أبيض»، و»يوجد مستقبل»، «إسرائيل بيتنا» و»يمينا»، شكلوا معارضة تضم الجميع، بحيث يكون كل هدفها إسقاط نتنياهو، فسيكون ذلك كمن يلعبون بالكراسي الموسيقية، وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل، بيني جانتس، صرح مؤخراً: ليأت من سيأتي، وحتى لو كان بينت، فقط يجب ان يغادر نتنياهو مقر إقامته في بلفور. هذا موقف طفولي.
نفتالي بينت يميني أكثر تطرفاً، أكثر عدائية لجهاز القضاء من نتنياهو، وهو من الأتباع الأكثر حماساً منه لاقتصاد السوق الحرة والرأسمالية المتوحشة. حتى أفيغدور ليبرمن، وموشي (بوجي) يعلون، وإسرائيل كاتس، وجدعون ساعر هم يمينيون، على الأقل مثل نتنياهو، ولكن أقل منه مرونة. إن احتمالاتهم بتشكيل حكومة هي احتمالات ضئيلة، هكذا أيضاً يائير لابيد مع كل إنجازاته وعيوبه، وبالأساس حقيقة أنه ليس مصنوعاً من مادة رئيس حكومة.
ليس هنالك شك أنه من ناحية المؤهلات، التجربة، القدرة والكفاءة، فإن نتنياهو يفوق كل واحد منهم بكل المعايير، باستثناء طبيعته وشخصيته. وهذه، باختصار كل المشكلة التي بسببها تتدهور إسرائيل.
لا يجب أن تكون بلشفياً لكي تفهم أن هنالك شيئا من الحقيقة في مقولة «كلما أصبح الأمر أكثر سوءاً سيكون الأمر أفضل» المنسوبة لفلاديمير لينين، على الرغم من أن من صاغها، هو الكاتب والمفكر الروسي ابن القرن التاسع عشر، نيكولاي تشيرنيشيفسكي، والذي تأسست حركة النيرودنيك على كتاباته.
بتطبيقها على وضع إسرائيل فإن معنى هذه المقولة أنه فقط إذا توصل مؤيدو «الليكود» في معاقلهم التقليدية -في مدن الضواحي في الجنوب والشمال- إلى استنتاج أن نتنياهو هو شر بالنسبة لهم، أي انه يضر بوضعهم الاقتصادي، وبتعليم أولادهم، وبرفاههم وصحتهم، فإنهم سيحدثون التغيير المطلوب الذي سيزيحه عن منصبه.
العديدون يقارنون فشل «يوم الغفران»، العام 1973، عندما كانت جولدا مائير رئيسة للحكومة، بأزمة «كورونا». إذا كانت المقارنة في محلها- عدد الموتى يقترب من عدد من سقطوا في «يوم الغفران»، حوالي 2700- فإنه يجدر ان نتذكر أنه بالرغم من صدمة الحرب حينئذٍ حظيت جولدا مائير وحزبها «المعراخ» بتجديد الثقة في الانتخابات التي جرت في كانون الأول 1973.
فقط بعد مرور 4 شهور وبعد نشر استنتاجات لجنة أجرانات استقالت مائير ووزير الدفاع موشي ديان بضغط من الرأي العام وموجة الاحتجاج. والآن، ومثلما هو الحال في لعبة الكراسي الموسيقية، بدلاً منهم تم انتخاب اسحق رابين وشمعون بيريس، وظل «المعراخ» في السلطة. مرت 3 سنوات أخرى، إلى أن تم استيعاب كامل مشاعر الغضب، وصعدت إلى وجه الأرض، وأحدثت الانقلاب الذي رفع «الليكود» إلى السلطة في العام 1977.
فقط إذا توصل معظم الجمهور، وبخاصة جزء من مصوتي «الليكود» إلى الاستنتاج بأنه لن يكون هنالك أسوأ من ذلك، فإنهم سيقررون استبدال نتنياهو بزعيم آخر، سواء من «الليكود» أو من حزب آخر، من أجل ذلك مطلوب تغيير فكري عميق، وعي واستيعاب. وإلى أن يحدث هذا، إلى أن تحدث هذه الحراثة العميقة، يفضل أن يواصل نتنياهو النضج في حسائه الذاتي وأن يكون بطةً ضعيفة عرجاء لئلا أن ينهار ويقول مثلما قال مناحيم بيغن مع آلاف الفوارق: « لم أعد أستطيع المواصلة».

 عن «هآرتس»