مقترح خالد مشعل لـ "دولة غزة الوطنية"!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 بعد أن تعطلت "لغة الكلام" العملي بين حركتي فتح وحماس، واستبدلها بعض منهما ببيانات "بليدة" اللغة والمضمون، انطلقت قيادات حمساوية لتشيع "أجواء خاصة" حول القادم السياسي ما بعد سقوط ترامب وفوز بايدن رئيسا لأمريكا، وتحدث بشكل "مفاجئ" متتالي كل من رئيس الحركة الحالي إسماعيل هنية، والسابق خالد مشعل.

هنية أشار الى "دوائر أربعة" لمواجهة المستقبل، ومنها "دائرة المصالحة" وحرصا لا متناهي على ضرورة انهاء الانقسام، ولكنه لم يقدم خطوة عملية واحدة يمكنها أن تشير حقيقة الى ذلك الحرص، غير البعد اللغوي، والذي تتداخل عباراته بين "دائرة" وأخرى، لكنه بلا هدف محدد في الشأن الداخلي.

لكن رئيس الحركة السابق خالد مشعل تقدم بما يمكن اعتباره برنامج ترويجي لشخصه وتياره، يستند على 3 دوائر، لخصها في " العمل بالميدان وفق برنامج نضالي مشترك، والشراكة في بناء المرجعيات والمؤسسات الوطنية والقرار السياسي، والمسارعة لخطوات على الأرض تعزز الثقة وتعيد الاعتبار للحريات بالضفة وغزة".

لكن خالد مشعل قدم ما يمكن اعتبارها "المفاجأة السياسية" الأهم التي تستحق الاهتمام والتدقيق، بل والنقاش الأكثر جدية، لما تحمله "الفكرة" من مسألة تفتح باب الجدل الفكري الوطني، حول أبعادها، عندما أعلن أنه مع حل السلطة الفلسطينية وإنهاء دورها، مع تقديمه "البديل" لها بـ "ضرورة وجود توافق فلسطيني على كيفية إدارة غزة، إدارة وطنية مركزية واحدة، في حال اختيار حلّ السلطة".

ربط حل السلطة بإدارة غزة، بوعي أو بدونه، ليس سوى تعزيز موضوعي لخطة ترامب الأمريكية، بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، رغم "الغلاف الوحدوي" الذي أشار له عبر "التوافق الجمعي" لإدارة غزة الوطنية المركزية، اقتراح لا يمكنه أن يمر مرورا عابرا دون طرق باب الشك السياسي الشامل، فيما هي أبعاد ذلك المقترح "الشاذ وطنيا".

ربما سرقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الضوء من اقتراح مشعل لـ "كيان غزة المستقل"، ولكن الاقتراح بذاته لا يجب أن يصبح "خبرا"، بل يفرض أن تتوقف أمامه الحركة الوطنية الفلسطينية، وخاصة فتح، والتي قد يكون ذلك شكل "مفاجأة" لها، خاصة وأنها المرة الأولى التي يتم تقديم ذلك بشكل واضح، وبلا أي التباس سياسي.

الحديث عن "إدارة مركزية وطنية" لقطاع غزة، بعد حل السلطة، يمثل إعلانا صريحا أن الكيانية الفلسطينية تتلخص في ذلك المقترح، وكان له أن يكون مقترحا "عمليا، لو تم وضع ذلك جزءا من إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال وفق قرار الأمم المتحدة، كاستبدال سياسي للسلطة القائمة، وليس حلا بلا بديل سوى "كيان غزة الوطني".

استبعاد إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال من مقترحات مشعل، لا يمكن التعامل معها بأنها "سقطة سياسية"، خاصة بعد تركيزه على حل السلطة مع بديل "الكيان الغزي"، ما يمثل تساوقا عمليا بل ورسالة سياسية لمن يهمه الأمر غير الفلسطيني، ان حماس لديها الاستعداد للتفكير "العملي" فيما سيكون.

لو أن الأمر ضمن رؤية وطنية حقيقية، لربط مشعل بين "إدارة غزة" والدولة تحت الاحتلال، وأن تكون جزءا منها تتمتع بوضع خاص ضمن المركزية الوطنية وليس إدارة مركزية خاصة بها، وكأنها "سلطة مستقلة".

سريعا على حماس إما توضيح مقترح مشعل الأخطر سياسيا من صفقة ترامب، كونه يجسد مقترح الفصل الوطني الصريح، أو تتبرأ منه كليا وتعتبره لا يمثلها وهو رأي خاص بصاحبه، دون ذلك على فتح وكل القوى الفلسطينية والشعبية محاربة ذلك، ووقف كل تواصل مع حماس دون ان تتخلي كليا عن مقترح يفتح الباب ليس لتهويد الوطنية الفلسطينية، بل لتدمير المشروع الوطني بكامله، ما يفرض التصدي له بلا انتظار.

ملاحظة: نصيحة الى الرئيس عباس وقيادة فتح، ان تحاصر أصحاب الألسنة المنفلتة فيما يتعلق بالقادم مع الرئيس الأمريكي الجديد...الفوضى الكلامية ضرر سياسي كبير...!

تنويه خاص: الاعتداء على الشركات أو المؤسسات العامة بإسلوب "الزعرنة" ليس ردا مناسبا على ظلم تلك الشركات وقهرها للمواطن...وكي لا يعمل البعض الأمني المعلوم بتحويل الحق ليصبح باطلا حاذروا تلك "السقطات"!