بقلم: يوسي ملمان
يوم الخميس الماضي كان لدى الجمهور الاسرائيلي شعور بأن موجة العنف الفلسطينية قد هدأت. احتفل رئيس الحكومة نتنياهو على شرف «كذب» أبو مازن الذي قال إن اسرائيل قتلت بدم بارد الفتى الفلسطيني ابن الـ 13 سنة، حيث تبين أنه على قيد الحياة، وهو يعالج في مستشفى هداسا عين كارم.
صحيح أنه لم تسجل عمليات «إرهابية» في حدود الخط الأخضر، وبدأت اسرائيل بما يشبه العد التنازلي، حيث عدت الساعات التي تمر دون عملية «ارهابية». لكن الشعور كان مخادعا والهدوء النسبي كان مضللا. مرة اخرى عاد العنف في نهاية الاسبوع الى نقاطه الاعتيادية، في شرقي القدس والضفة الغربية.
طعنت في الخليل مجندة من حرس الحدود وأصيبت اصابة طفيفة، لكنها استطاعت قتل «المخربة». في الخليل وفي شرقي القدس كانت محاولتان لاصابة شرطة وانتهت بموت «المخربين». في نابلس اضرمت النار بقبر يوسف وفي غزة مرة اخرى مظاهرات، اخلالات، ومحاولات اختراق للحدود. وقد رد الجيش الاسرائيلي باطلاق النار، وتحدثت وسائل الاعلام في القطاع عن قتيلين وعشرات الجرحى. جميع مواقع العنف تم فيها رشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة وتم احراق حافلة وكان هناك اخلال بالنظام. باختصار، روتين. روتين العنف و»الارهاب».
الجمهور الاسرائيلي والجمهور الفلسطيني يتعودان سريعا ويُسلمان بما تجد الاجهزة الامنية صعوبة في تسميته، هل هو انتفاضة ثالثة لها مميزات جديدة، وتفضل تسميته بـ»وضع جديد».
سواء كان جديدا أو قديما، خلافا للمرات السابقة، ليس للقادة من الطرفين خطة خروج أو الرغبة أو القدرة على انهاء هذا الوضع. القيادتان أسيرتان في روايتيهما وعالقتان في أيدي جهات سياسية لن تسمح لهما باقتحام الطريق المسدود.
خلافا للماضي، فان المجتمع الدولي والعالم العربي غير مبالين. الصحيفة الفرنسية «لافيغارو» نشرت، أول من أمس، نبأ يقول إن فرنسا ستبادر الى خطوة سياسية تهدف الى ارسال مراقبين دوليين الى الحرم عن طريق الامم المتحدة. يثبت هذا الامر أن باريس هي الوحيدة من بين اصدقاء اسرائيل التي لا تزال مهتمة، وهي تحاول وقف العنف بالطرق السياسية. لقد حاولت في الماضي فعل ذلك من خلال مسودة قرار يعلن من خلاله مجلس الامن عن اقامة الدولة الفلسطينية. وقد تم سحب هذه المسودة لأن الولايات المتحدة لم تؤيدها، وايضا بسبب معارضة اسرائيل الشديدة. ليس واضحا الى أي حد المبادرة الفرنسية جدية وحقيقية، أم أنها فكرة لم تتبلور بعد. لكن في كل الاحوال فرص تحقيقها ضئيلة. فاسرائيل تعارض أي مبادرة لارسال مراقبين دوليين أو قوة دولية الى «المناطق»، حيث يعني هذا تدويل الصراع مع الفلسطينيين كما يريد أبو مازن. وخلال الأسبوع ستكون هناك محاولة اخرى لوزير الخارجية الاميركي، جون كيري، لعمل خطوة دبلوماسية، وهو أيضا سيفشل.
العنف هنا على نار هادئة نسبيا مقارنة مع ما يحدث في سورية والعراق واليمن وسيناء، حيث يقتل هناك في كل اسبوع عشرات ومئات الاشخاص. لذلك فان الاهتمام الدولي ينصب على اماكن عنف وارهاب اخرى. لقد ملوا من الجهود تجاه عملية السلام العالقة. يتحدث نتنياهو عن التحريض و»الارهاب» الفلسطيني ويتجاهل أن كل العالم يعتبر الاحتلال الاسرائيلي هو المصدر الرئيسي للعنف. الاحتلال لن ينتهي وحكومة اسرائيل مستمرة في صيانة الاحتلال وادارة الصراع. باختصار، لقد قُدّر لنا أن نعيش المزيد من الايام والاسابيع والسنوات في هذه الظروف، إلا اذا حدث تدخل من الخارج.
عن «معاريف»