بايدن وإرث ترامب الشرق أوسطي

حجم الخط

بقلم: إيلي زيسر

 


ذهبت الولايات المتحدة إلى النوم في ليل الانتخابات مع ترامب ونهضت، بتأخير ما، مع بايدن. في الشرق الأوسط استعدوا قبل الأوان لهذه الإمكانية، ويحتمل جداً ان تكون الاستطلاعات بالذات هي التي حركت بعضاً من الدول العربية للمسارعة الى إتمام الصفقة مع إسرائيل. معظم دول المنطقة، وللحقيقة إسرائيل أيضاً لم تخف تفضيلها. ففي أثناء سنوات ولايته أعاد الرئيس ترامب الى الولايات المتحدة مكانتها في المنطقة. فبعد سنوات الدرك الأسفل لإدارة أوباما، وضع بتصميم وبحزم سواء إيران أم روسيا في مكانهما. فتصفيته سليماني، الهجمات الأميركية في سورية بعد أن عاد بشار الأسد فاستخدم السلاح الكيميائي، وبالطبع العقوبات التي خنقت الاقتصاد الإيراني وذاك السوري، هي فقط بعض النماذج.
إن وقوف ترامب الى جانب حلفائه في العالم العربي، وبالطبع الى جانب إسرائيل، ولا سيما حيال التهديد الإيراني، والجهد الذي بذله في حفظ الاستقرار أعطى ثماره وستسجل في صالحه لسنوات. ولكن العيون تتطلع الآن الى خلفه. جو بايدن ليس ترامب، ولكنه أيضاً ليس أوباما، رغم أنه كان نائبه. لبايدن معرفة جيدة بمشاكل المنطقة وكذا التزام عاطفي عميق لإسرائيل.
ولكن موقف الشرق الأوسط من بايدن هو موقف احترمه وشُك فيه. أولاً، لأن الإدارات الأميركية تميل الى النظر الى المنطقة بعيون غربية وتحليل ما يجري فيها وكأن الحديث يدور عن أوروبا. ولهذا السبب «وباسم الديمقراطية» أيدت إدارة أوباما إسقاط حسني مبارك، رحبت بانتصار الإخوان المسلمين في الانتخابات في مصر، وأدارت كتفاً بارداً للسيسي، الذي أطاحهم عن الحكم. وبالضبط مثلما حرص ترامب على مراعاة «القاعدة» الافنجيلية، فان الإدارات الديمقراطية ايضا ملتزمة بـ «القاعدة» الليبرالية بل والتقدمية، التي تظهر غير مرة نهجاً نقدياً تجاه الأنظمة العربية وتجاه إسرائيل أيضاً. أما الحساسية والتعاطف فتحفظهما هذه الدوائر بالذات لنظام آيات الله او حتى لحكم «حماس» في غزة.
رفض ترامب أيضاً السماح للفلسطينيين بتفعيل الفيتو على مخططاته، وكانت النتيجة هدوءاً نسبياً في الساحة الفلسطينية بغياب الدافعية لتشجيع العنف، والى جانب ذلك اختراق في علاقات إسرائيل والعالم العربي يخيل ان بايدن لا يزال ملتزماً بالفكرة التي ترى في القضية الفلسطينية لب مشاكل المنطقة أي العودة الى الانشغال المهووس بالقضية دون احتمال للخروج من الطريق المسدود.
وأخيراً، المسألة الإيرانية. بايدن ملتزم بالنهج المتصالح، الساعي الى إقناع إيران بأن توقف طوعاً المشروع النووي، في ظل تجاهل التهديد الذي تشكله إيران على المنطقة كلها، غير أن التجربة تفيد بأن النهج المتصالح بالذات يزيد جرأة وعدوانية ايران.
ينبغي الأمل في أن يكون بايدن منصتاً لمخاوف المنطقة من سياسته المرتقبة، أن يكون منفتحاً بالتعلم، وبالأساس ألا يتردد أيضاً في السير في مجالات معينة في أعقاب ترامب.

 عن «إسرائيل اليوم»