بايدن ليس نسخة عن أوباما

حجم الخط

بقلم: ميخائيل هرتسوغ

 


يبدي العديدون في إسرائيل خوفهم من أن إدارة بايدن ستكون طبعة مكررة لإدارة أوباما.
بيد أن جو بايدن ليس هو باراك أوباما وسنة 2021 ليست هي سنة 2009.
ينتمي بايدن وكمالا هاريس لمدرسة القيمة للحزب الديموقراطي. تلك التي تشعر بالتزام أساسي لإسرائيل، نابع (خلافاً لأوباما)، أيضاً من دوافع شعورية.
كبار طاقم بايدن هم أغلبهم أعضاء متزنون وذوو تجربة من الاتصالات معهم في الأشهر الأخيرة يمكن أن يتولد الانطباع بأن نظرتهم لتحديات الشرق الأوسط - والتي أصلاً لن تكون على رأس اهتماماتهم - هي نظرة حكيمة، وهم بعيدون جداً عن الآمال المنقطعة عن الواقع لأيام أوباما في نظرته «للربيع العربي»، تقسيم الشرق الأوسط ما بين إيران والسعودية أو رؤية الإسلام السياسي كدواء- مضاد للإسلام الجهادي.
استوعب هؤلاء الأشخاص عبر العقد الأخير وهم مدركون للتغيرات في البيئة الاستراتيجية.
هم مستعدون للدفع قدماً بتعاون أمني مع إسرائيل وشريكاتها العربية، ولكن يمكن الافتراض بأنهم سيتعاملون بصورة انتقادية مع خرق حقوق الإنسان في أنظمة عربية مهمة لإسرائيل (مصر والسعودية).
يبدو أن تركيا أيضاً- وهي وجه الرأس الإقليمي المتزايد - لن تكون راضية منهم (أيضاً بسبب النظرة المتعاطفة لبايدن مع الأكراد).
في هذه الصورة الجزئية، المشبعة باللون الرمادي، هنالك إمكانية كامنة لاحتكاك في مواضيع حاسمة لإسرائيل.
بالنسبة لإيران تقول خطة بايدن بالعودة إلى الشروط الأصلية للاتفاق النووي، وبعد ذلك إجراء مفاوضات لتحسين البنود الإشكالية في الاتفاق الأصلي وعلى رأسها بنود «غروب الشمس» (أي مواعيد الانتهاء القصير نسبياً للقيود التي فرضت على إيران)، وربما أيضاً بشأن سلوكها الإقليمي.
يدعي رجالات بايدن بأن العقوبات غير النووية (تلك المتعلقة على سبيل المثال بالصواريخ، دعم الإرهاب وخرق حقوق الإنسان) تبقى سارية المفعول، وأنه سيكون بالإمكان إضافة عقوبات في إطار جبهة أميركية - أوروبية موحدة والتي يعطيها بايدن خلافاً لترامب، أهمية كبيرة.
سيشكل هذا الأسلوب تحدياً للخطاب الإسرائيلي الأميركي.
وإذا فشلت وواصلت إيران في قضم بنود الاتفاق النووي وتقصير»زمن الانطلاق» نحو تطوير قدرات نووية عسكرية - ماذا ستفعل الولايات المتحدة من أجل وقفها؟
ما الذي سيعتبر اتفاقاً جيداً يصلح عيوب سابقه؟ وما هي احتمالات التوصل إليه مع تخفيف العقوبات؟ يبدو أنه في هذه الأسئلة وجهة نظر إسرائيل والولايات المتحدة ستكون مختلفة.
ليس من المتوقع أن تعطي إدارة بايدن للقضية الإسرائيلية - الفلسطينية الأولوية التي أعطاها لها أوباما.
ليس هنالك في أوساط رجالاته أوهام فيما يتعلق بإمكانية حدوث انطلاقة في المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية في هذا الوقت، وليس في نيتهم إطلاق خطة سلام خاصة بهم.
على الأقل في المرحلة الأولى سيفضلون التركيز على إبقاء شباك مفتوح لاتفاق مستقبلي لحل الدولتين، بما في ذلك رفع الضم من جدول الأعمال، ومعارضة لتوسيع الاستيطان في يهودا والسامرة وحفظ خطة ترامب. حتى دون مبادرة سياسية، فإن احتمالية الاحتكاك واضحة.
ستشجع إدارة بايدن دون شك منحى التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، على الرغم من أنه من غير الواضح إلى أي درجة سيستثمر في الدفع به قدماً.
مع ذلك فإنه من المتوقع أن تفحص إمكانية استغلال ذلك في تطوير خيارات على الصعيد الإسرائيلي - الفلسطيني، بما في ذلك دفع إسرائيلي بـ «العملة الفلسطينية» مقابل توسيع التطبيع.
وبكوني شاركت في اتصالات كهذه - لا أستطيع أن أؤكد بما فيه الكفاية أهمية الحوار مع الإدارة المنتخبة قبل تسلمها لمهامها.
ستحسن حكومة إسرائيل صنعاً إذا تغلبت على نزاعاتها الداخلية وبلورة ما هو مهم لها في المواضيع الأساسية (ما توافق عليه وليس فقط ما تعارضه) وبدأت فوراً بمحادثات هادئة كهذه. من يتعب عشية السبت، يأكل في يوم السبت.

عن «هآرتس»