المشاكل التي خلقها ترامب.. فرصة لبايدن!

حجم الخط

بقلم: يوسي بيلين

 


وفقاً لفهم دونالد ترامب، فان إسرائيل والفلسطينيين في صراع «محصلته صفر»، وعليه فكل ضرر يمكن إلحاقه بالأخيرين يمنح تفوقاً للأوائل. هكذا عمد إلى إغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن، وقلص حتى الحد الادنى ميزانيات المساعدة الأمنية للسلطة الفلسطينية (بما في ذلك ميزانيات النشاطات المشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المجتمع المدني)، وألغى المساهمة الأميركية في تمويل منظمة اغاثة وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، وساهم في القطيعة المطلقة بين واشنطن ورام الله.
ان خطة ترامب هي خطة اليمين الإسرائيلي، بلا مراعاة للمصالح الفلسطينية، والقطيعة بين ادارة ترامب وبين الحكم الفلسطيني هي الذريعة للخطة نفسها، والتي لم يكن اي احتمال ليقبلها الفلسطينيون. كل قراراته الاشكالية جداً تصبح الآن الفرصة الكبرى لادارة بايدن. يمكنه ان يحاول جمع الطرفين وتشجيعهما على إجراء مفاوضات جدية.
لن يصل بايدن الى حوار مع قيادة م.ت.ف بيدين فارغتين. فهو يمكنه أن يعد بإلغاء إجراءات ترامب، كجزء من رزمة توافقات حول الخطوات الفلسطينية التالية. هكذا مثلا، يتعهد الفلسطينيون باستئناف التنسيق مع إسرائيل في كل المجالات، ويكونون مطالبين بمواجهة الحركات التي تكافح التطبيع مع إسرائيل، ويوافقون على الوساطة الأميركية ويتخلون عن فكرة المؤتمر الدولي كشرط للمحادثات، الفكرة التي جاءت بسبب سياسة الإدارة الأميركية في عهد ترامب.
يمكن لبايدن ان يصر على ان يعود الفلسطينيون لتلقي اموالهم من الضرائب، المحجوزة في هذه اللحظة في إسرائيل، وان المبلغ الذي تقتطعه إسرائيل منها يبقى لدى طرف ثالث، ويحسم مصيره في مرحلة لاحقة. وسيسهل تلقي الاموال المحتجزة جدا على الاقتصاد الفلسطيني، ويمنع الحاجة لتضطر الدول المانحة لتمويل العجز الكبير في الميزانية الفلسطينية.
اما الإسرائيليون فسيطالبهم بالمجيء الى طاولة المفاوضات، حين يكون الطرف الأميركي هو الذي يحدد المبادئ لاتفاق السلام بين الطرفين، دون أن يكونوا هم انفسهم مطالبين بأن يتبنوها. وسيتعين على الفلسطينيين أن يفهموا بأنه بالنسبة للولايات المتحدة، فان موضوع تعريف إسرائيل كدولة للشعب اليهودي وكل مواطنيها مهم، بينما سيتعين على إسرائيل أن تفهم بأنه في نظر الأميركيين كل حدود يتفق عليها بين الطرفين ستقوم على اساس «الخط الاخضر»، الذي هو خط الهدنة بين إسرائيل والاردن في 1949.
يفهم بايدن جيداً بان التحدي الأصعب لكل رئيس وزراء في إسرائيل هو اخلاء المستوطنات في الضفة الغربية. وهو يفهم بان حل هذه المشكلة هو المفتاح لاستعداد إسرائيلي لتسوية اقليمية ليست تلك التي وجدتها «خطة ترامب» مع 17 جيباً سيادياً إسرائيلياً. والموافقة على رؤيا كونفدرالية إسرائيلية – فلسطينية، كطريق لتحقيق حل الدولتين، يمكنها ان تسمح بابقاء المستوطنين ممن يرغبون في ذلك شرق الحدود المستقبلية بين الدولتين، كمواطنين إسرائيليين كاملين ومقيمين دائمين فلسطينيين، شريطة أن تتاح مثل هذه التسوية ايضا لمواطني فلسطين ممن يرغبون في أن يعيشوا في إسرائيل، بحجم عددي مشابه.
ان الترتيبات الامنية بين الدولتين ستسمح، للفترة الانتقالية على الاقل، بمشاركة إسرائيل في أمن الحدود الشرقية. وتكون الكونفدرالية نوعا من المظلة للدولتين وتضمن مستوى تنسيق وتعاون في مجالات حياتية عديدة مثل البنى التحتية، الصحة، الزراعة، جودة البيئة، وغيرها.
النزاع ملح علينا بسبب الجانب الديمغرافي. وبايدن يعرف هذا جيداً، ولكن من المعقول الافتراض بان يوصي مستشاره «بعدم ادخال رأس معافى الى سرير مريض». إن «هدية» ترامب تمنحه فرصة ليكون من يقود الطرفين الى اتفاق، وان يكتشف بان هذا السرير ليس سرير موت.

عن «إسرائيل اليوم»