بعد 4 سنوات ترامبية : “المتطرفون” في الشرق الأوسط ينتظرون بايدن

حجم الخط

إسرائيل اليوم – بقلم  دان شيفتن 

 

من السابق لأوانه تقدير تأثير سياسة بايدن على مكانة إسرائيل. إن تعيين وظائف وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ستوضح الصورة ولو قليلاً. درجة النجاح في الحفاظ على الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ستؤثر على حرية عمل الرئيس. يصعب تقدير درجة تصميم الإدارة الجديدة على التركيز على المسائل الملحة للشعب الأمريكي في محاربة الأزمة الصحية والاقتصادية والمنافسة العالمية مع الصين.

لقد أصبح واضحاً الآن بأن هذه الإدارة ستؤيد الاحتياجات الاستراتيجية لإسرائيل بشكل أقل من سابقتها. إن المتحدثين باسم اليسار العميق والمخفف في إسرائيل، الذين يميلون إلى “التقدميين” في الولايات المتحدة، يطرحون تقاطباً بين احتياجات إسرائيل و”أخطاء نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة”. اعترف التيار المركزي في إسرائيل بإسهام سياسته في المنطقة. وقد أيد ترامب أيضاً 62 في المئة من الذين اعتبروا أنفسهم ناخبي وسط في إسرائيل، و16 في المئة فقط أيدوا بايدن. حتى في أوساط بقايا اليسار كان هناك تعادل، 40 في المئة، في التأييد. ترامب أضعف إيران وتسبب بتآكل عميق في قدرة الإحباط لدى الفلسطينيين، وعمل على تحييد أضرار أوروبا، وقوض فعالية نزع الشرعية عن المنظمات الدولية، والأهم من ذلك، عزز التحالف العربي – الإسرائيلي ضد إيران وتركيا. إن خطأه الإقليمي البارز؛ أي تسليمه بسياسة أردوغان، يتقزم أمام كل هذه الإنجازات، جميعها في قلب الاتفاق الإسرائيلي العام وليست شأناً يمينياً.

بايدن ومقربوه أقل سذاجة واستحواذاً من أوباما وكيري في زمنهما، ولكن الديمقراطيين ملتزمون بمجالات مهمة للسياسة التي يضر معناها الفعلي بإسرائيل. يدور الحديث بالأساس عن عودة (ربما بصيغة مخففة) السياسة التصالحية تجاه إيران، والتركيز غير المجدي وغير العقلاني من ناحية استراتيجية، التي تتمثل بإرضاء الفلسطينيين، بتشجيع رفضهم، كما تظهر أيضاً في إدارة الظهر لحلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، بمسهم بحقوق الإنسان وبشرعنة منظمات دولية تشوه قيم الديمقراطية وتركز على ملاحقة إسرائيل. وهذه السياسة متحفظة من الحكم الصارم للسيسي في مصر، وتسعى لمعاقبة ولي العهد السعودي على قتل الخاشقجي في إسطنبول، مع التنكر للبدائل الواقعية لأنظمتهم. ففي مصر يدور الحديث عن سيطرة الجهة الأكثر خطورة في المنطقة (الإخوان المسلمين) التي سبق وحصلت على شرعنة وتشجيع من أوباما.

التيار المركزي للديمقراطيين – بايدن وشومر وبلوسي، على سبيل المثال – يتوقع أن يؤيد هذه التوجهات رغم تعاطفه مع إسرائيل. ولكن في الجناح “التقدمي” هناك الكثيرون الذين تبدو مقاربتهم معادية. انتخب بايدن كمرشح لهزيمة ترامب، لكن ثقل الراديكاليين في معسكره كبير ويتعاظم.

حتى لو كانت أضرار هذه التوجهات ستخفف وتؤجل، فالتوقعات أن الإدارة الجديدة ستشجع التطرف العنيف والسياسي بين أعداء إسرائيل الفعالين. لإيران سبب جيد للافتراض بأن عودة مصالحة أوباما ستنقذها من الأزمة الاقتصادية من خلال تجاهل واقعي لسعيها إلى الهيمنة في المنطقة وتهديدها لإسرائيل وتحسين كبير على قدراتها البالستية. وهي أيضاً تعرف أن التأييد الأمريكي لوسائل الإحباط الشديدة لإسرائيل سيكون أقل تصميماً بكثير، ومن شأنه أن يغير الاتجاه إذا اختارت إيران الرد على نطاق واسع.

من المتوقع أن يتجدد الإرهاب العربي بين السكان المدنيين، لأنه استهدف من البداية أن يبنى على رد إسرائيلي، وسيتسبب بهزة أمريكية. أما حزب الله فسيفترض أن أي رد إسرائيلي على مشروع تحسين دقة صواريخه أمراً أقل توقعاً بسبب الخوف من المس بالمواطنين الذين يعيش في أوساطهم. وقد يزداد استفزازه لإسرائيل على افتراض أن الولايات المتحدة ستكبح، حتى في حرب واسعة، أي رد إسرائيلي يؤدي إلى خراب لبنان. أما حماس فقد تتوقع سياسة أمريكية أكثر ضرراً مما كان في أيام “الجرف الصامد”، وستأخذ في الحسبان أخطار تصعيد أكبر. فيما ستتعزز في الضفة الدافعية لـ “إرهاب شعبي”؛ لأن الأفلام القصيرة المفبركة ستضعضع الإدارة الجديدة.

جميع الراديكاليين سيحاولون أن يفرضوا على الإدارة، بالدم وبتقارير إعلامية مشوهة، وضع الشرق الأوسط على رأس سلم الأولويات، على حساب ما هو مهم: الصحة، والاقتصاد، والصين. قام ترامب بمعاقبتهم على التخريب والعنف، وهم يفترضون أن بايدن سيقوم بتعويضهم فعلياً.

بايدن ومقربوه أقل سذاجة وأقل استحواذاً من أوباما وكيري. ولكن الديمقراطيين ملتزمون بسياسة جوهرها الفعلي التصالح مع إيران وتشجيع الرفض الفلسطيني.