«أزرق - أبيض» تحوّل ألعوبة بيد بيبي المحتال

حجم الخط

بقلم: بن كسبيت


تحايل ينطوي على ثمن
قرار بيني غانتس الاستراتيجي التنكر لوعده الانتخابي بتشكيل حكومة وحدة متكافئة مع نتنياهو مع تناوب في منتصف الفترة، هو الذي جنب إسرائيل انتخابات رابعة، ومكن نتنياهو من أداء القسم، مرة إضافية، رئيساً للوزراء. يشبه الأمر شركة توشك على الإفلاس، وفي اللحظة الأخيرة ينضم إليها شريك استراتيجي ينقذ الوضع، ويتحول الى صاحب سيطرة مشتركة مع المالكين الأصليين. ومنذ هذه اللحظة يصبح لهذه الشركة مالكان اثنان لا واحد. كل ذلك على الورق. ولكن ماذا في الواقع؟
البند الأهم في الاتفاق الائتلافي، بند اللباب لهذا الحدث كله، كان التعهد بتمرير ميزانية العام (2020 – 2021) فور إقامة الحكومة. ولكن ماذا فعل نتنياهو فور إقامة الحكومة؟ خرق هذا البند وتجاهله بكل صلف. لماذا فعل ذلك؟ لأنه يستطيع. لم يتغير أي أمر جوهري، ولم تتغير أي معطيات. «كورونا» كانت في السابق أيضا، وكل شيء كان معروفا وساريا وقائما. كل شيء، بما في ذلك التقدير بأن العقرب لن يتردد في لسع الضفدع الساذج الذي نقله الى الضفة الأخرى من النهر.
وما الذي فعله «أزرق - أبيض» ردّاً على ذلك؟ وضع موعدا إنذاريا شديدا وطالب بتمرير الميزانية الضرورية فورا وتطبيق الاتفاق الائتلافي نصا وروحا. ليس من الممكن ترك من وقّع على التزام قبل هنيهة بأن يخرقه بمثل هذه السهولة، أليس صحيحا؟
ليس صحيحا. رغم أن قادة «أزرق - أبيض» حُذروا على يد مقربي نتنياهو السابقين، والذين كانوا قبل حين، إلا أنهم أصروا على إغماض أعينهم عن رؤية الشعار المكتوب على الجدار. «لا تصدقوا أي كلمة يقولها»، قيل لهم، «سيخرق أي اتفاق، وسيتنكر لأي تفاهم، ولن يراكم من متر واحد بعد أن يؤدي يمين الولاء لرئاسة الوزراء». ولكن «أزرق - أبيض» اعتمد على القانونيين اللذين صاغا له اتفاقا حصينا ومدرعا لا يمكن لأي احد أن يخرقه ويلتف عليه. أي احد، باستثناء بنيامين نتنياهو.
هم لم يصدقوا أن نتنياهو سيأخذ دولة بأكملها رهينة فقط حتى يترك لنفسه احتمالية التنكر للتناوب. هم لم يعتقدوا ان هذا الشخص قادر على السماح بدمار الاقتصاد والإنتاج فقط من أجل ان يغرز سكينا في ظهر بيني غانتس. هم لم يصدقوا ان مثل هذا السيناريو أمر محتمل. لم يصغوا للتحذيرات، تجاهلوا السوابق التاريخية. أخطؤوا. وماذا حدث عندما اتضح لهم أنهم أخطؤوا؟ لا شيء. كيف رد الجمهور؟ لم يرد. فقد تعودنا.
لم يقم الضفدع فقط بنقل العقرب الى الضفة الأخرى من النهر، بل كان أخرس في الطريق إلى هناك. لأن من يسير محتالاً، يتصرف محتالاً ويكذب محتالاً ويخرق الاتفاقيات محتالاً. هو محتال والجميع يعرفون ذلك منذ زمن بعيد. التحايل ينطوي على ثمن، وهذا الثمن ندفعه كلنا.
بدلا من الإصرار على إطلاق الإنذار من اللحظة الأولى، أخذ «أزرق - أبيض» يرمش. مثل كلب صغير مشاغب يتلقى ضربة خفيفة على انفه حتى يهدأ، وقد هدأ «أزرق - أبيض». إنذارهم النهائي انتهى بتذمر: «اتفاقية هاوزر»، أتذكرونها؟ تمديد موعد تمرير ميزانية 2020 حتى 23/12. ان لم يقم نتنياهو حتى ذلك الحين بتمرير الميزانية ثنائية العام فعندئذ «سنعرف ماذا سنفعل»، قالوا في «أزرق - أبيض». لا تغرقوا في الآمال والتوقعات. هم لا يعرفون ماذا يجب ان يفعلوا ولذلك هم لا يفعلون شيئا.

بيديّ بيبي
قبل عدة أسابيع طالعنا غابي اشكنازي قائلا، «إن لم يتم جلب الميزانية حتى نهاية تشرين الأول للمداولات فسنحل الكنيست ونتوجه الى الانتخابات. مر تشرين الأول، ولم تطرح الميزانية، فبدلاً منها تم دفن الموعد الإنذاري، وقام أحدهم بحل اشكنازي بدلا من حل الكنيست. ولكن حينئذ ظهر غانتس نفسه أخيراً، وأكّد على مطلب تقديم الميزانية فورا مع التأكيد على أنه لا تواريخ مقدسة، ولكنه بعد ذلك تحدث عن «الأسابيع القريبة».
في الخامس من تشرين الثاني، بعث رئيس طاقم رئيس الوزراء البديل، والذي يخصصونه لمنصب مدير عام ديوان رئيس الوزراء البديل، بجلالة قدره، رسالة حادة وقوية اللهجة للقائم بأعمال مدير عام رئيس الوزراء، رونين بيرتس، والقائم بأعمال مدير عام وزارة المالية عيران يعقوب، ولاحقاً أطلق عليه «مكتوب القائمين بالأعمال». في هذا المكتوب يطالب بأن تتجند كل الجهات ذات العلاقة على الفور لمهمة تمرير الميزانية المطلوبة لنا جميعا كالأكسجين للتنفس. هو أيضا ضمن كتابه هذا مواعيد محددة: جلسة تداول موسعة بقيادة رئيس الوزراء حتى العاشر من تشرين الثاني. طرح الميزانية وقانون التسويات للتداول في الحكومة حتى التاسع عشر من تشرين الثاني. وضع الميزانية وقانون التسويات على طاولة الكنيست حتى 3 كانون الأول، وهكذا دواليك.
انها بالفعل ضربة قاضية! والآن، نريد أن نراهم كيف سيخرجون أنفسهم من ذلك. وماذا فعل القائمون بالأعمال؟ واصلوا شغل منصبهم قائمين بالأعمال، وتجاهلوا المكتوب بشكل صارخ. لم يصدر رد على هذا الكتاب إطلاقاً، حتى لحظة كتابة هذه السطور. وكأن هذا الكتاب لم يصدر ولم يرسل إطلاقا. يجلس هود بتسار في الوزارة في الطابق الثامن من ديوان رئيس الوزراء، ويتصرف كشخص سيتولى منصب مدير عام رئاسة الوزراء البديل، ولكن في الخلاصة هو حاضر غائب. هو كيان شفاف تماما. الآن، سينزع أصحاب «ازرق - ابيض» قفازاتهم، ويتحدثون مع بيبي باللغة التي يعرفها: بالقوة فقط.
بدلا من ذلك أمر غانتس بإعداد رزمة قوانين تتعلق بسلطة القانون والحكم. أين هذه الرزمة؟ يبدو أنها عالقة في البريد. هو أيضا قرر تشكيل لجنة تحقيق في قضية الغواصات في وزارة الحربية. ولكن قبل نشر هذه المسألة بدقيقة اتضح انه لم يقرر وإنما فقط «يميل للتقرير». هذا هو الشخص الذي يميل كل حياته للتقرير.
هذا الحزب الذي حصد ثلاث مرات متعاقبة ما يزيد على 33 مقعدا في الانتخابات أفلس وأعلن عن حل نفسه طواعية.
يجري غانتس كل هذا الوقت مفاوضات التفافية سرية مع نتنياهو. لا تسقطوا عن مقاعدكم إن انتهى ذلك بتنازل عن التناوب وتجميد الوضع القائم. يخاف غانتس من ظله. هو مشلول ومتجمد. هو مرتهن للتناوب الذي لم يأتِ. ليست لديه استراتيجية، ويخشى من التنفس بصوت مرتفع لئلا يتذكر أنه حي يرزق. ليس لديه تكتيك ايضا، وليست لديه قدرة قيادية. في الدولة التي تحتاج لقائد يعبر عن القوة، يعبر هذا الرجل عن الضعف. في بعض الأحيان يبدو أن «أزرق - أبيض» لم يتشكل لاستبدال نتنياهو، وإنما لتحقيق حلم هود بتسار، بأن يصبح مديرا عاما لديوان رئيس الوزراء. هذا المنصب بالمناسبة شاغر. القائم بالأعمال، رونين بيرتس، فعل فعله وبإمكانه أن يغادر. لماذا في واقع الأمر لا يمكن لهود بتسار ان يحل محله، إذ ان بتسار يعمل لدى نتنياهو أصلا وينفذ أوامر نتان ايشل، أليس كذلك؟ طالما الأمر كذلك فلماذا لا يصبح رسميا؟
ستصبح هذه الحكومة جماعية، كل القرارات تتخذ معا. كل الأيادي كما أجاد بالقول غابي اشكنازي خلال حملته الإقناعية بضرورة الوحدة، ستكون موضوعة على دفة القيادة. ليس فقط يدا نتنياهو. ولكن تبين حينئذ ان هذه الدفة مزيفة، وتعود الى خردة ملقاة في الباحة. دفة القيادة الحقيقية موجودة في مكان آخر. يفعل نتنياهو ما يريد وأين يريد ومتى يريد. وخلال ذلك يواصل إهانتهم مرتين في الساعة.

عن «معاريف»