بقلم: موشيه آرنس
يبدو أن موجة «الارهاب» التي بدأت في القدس وامتدت بسرعة الى باقي أجزاء الدولة، قد فاجأت المؤسسة الامنية حيث لم تكن مستعدة لها. كان يفترض اتخاذ اجراءات طوارئ وبسرعة واليقظة من مواطني اسرائيل لمواجهة الاحداث بالشكل المطلوب. إن عدم الجاهزية للازمة التي ظهرت فجأة يعكس خللا استخباريا.
الجناح الشمالي للحركة الاسلامية برئاسة رائد صلاح وكمال الخطيب يعمل منذ سنوات كثيرة. ومعروف للجميع أن هذه الحركة تقوم بالتحريض. الاحتفالات السنوية التي تنظمها في أم الفحم تحت شعار «الاقصى في خطر»، تمت تغطيتها في وسائل الاعلام. لكن اجهزة الاستخبارات لم تحذر الحكومة من أن الترديد اللانهائي لهذه الاكاذيب التي تقول إن اسرائيل تنوي تدمير المسجد الاقصى، سيؤجج في نهاية المطاف السكان المسلمين المتدينين والأقل تدينا. التحريض ليس موجها لتغيير الوضع الراهن في الحرم بل هو يركز على اتهام الحكومة بأنها تنوي هدم المسجد.
مشاركة السياسيين العرب، شيوعيين ومسلمين، في المظاهرات التي هتفوا فيها «بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، لا يجب أن تفاجئ أحدا. فلا شك أن هناك اسبابا كثيرة اخرى للتأجيج في اوساط العرب في القدس والاحباط عند عرب اسرائيل. لكن لا خلاف على أن الكذب حول خطط اسرائيل لتدمير المسجد الاقصى كان الدافع الاساسي لاندلاع الاحداث.
جوزيف غبلس قال: «اذا كان الكذب كبيرا بما يكفي، واذا تم ترديده أكثر من مرة، فان الناس سيصدقونه في نهاية المطاف».
الاجهزة التي تقع عليها مسؤولية متابعة الجهات المعادية في اوساط السكان العرب، كان عليها التحذير من الخطر مسبقا، واخراج الجناح الشمالي للحركة الاسلامية خارج القانون منذ زمن.
الامر الذي لا يقل أهمية هو أن الكنيست السابق وافق على قانون رفع نسبة الحسم انطلاقا من الادراك أن التغيير سيساهم في استقرار الائتلافات في المستقبل. ولم يكن أساس لهذه الفرضية. كان على اجهزة الاستخبارات تحذير الحكومة من أن هذا القانون سيؤثر سلبا على العلاقة بين اليهود والعرب لأنه سيدفع السياسيين العرب الاكثر اعتدالا الى أحضان السياسيين المتطرفين.
التشريع لا يهم الاجهزة الاستخبارية، لكن حينما يكون تأثيره سلبيا على التعايش بين اليهود والعرب، فان من واجبها لفت نظر الحكومة الى ذلك.
وماذا لدى الاجهزة الاستخبارية لتقوله حول ما يحدث في النقب؟ هل قالوا للحكومة إن الجناح الشمالي للحركة الاسلامية قد ملأ خلال عشرين سنة الفراغ الذي نشأ بسبب اهمال البدو من قبل الحكومة – من خلال التحريض والاصولية والعداء للدولة؟.
لقد ألقيت على ثلاثة وزراء الواحد تلو الآخر مهمة علاج مشاكل البدو. وقد اعتقد الثلاثة أن المشكلة الرئيسية في المنطقة هي الصراعات على ملكية الاراضي في الوقت الذي كانت فيه جذور المشكلة هي الصعوبة في الانتقال من الحياة المتنقلة الى الحياة في مجتمع صناعي. في هذه الفترة الصعبة نجحت الحركة الاسلامية في الشمال في توجيه البدو نحو الدين والتحريض ضد دولة اسرائيل. واذا استمر هذا الامر فان اسرائيل ستضطر الى مواجهة مشكلة حقيقية في النقب.
يمكن القول إن التقدم الذي حدث في السنوات الاخيرة في العلاقة بين اليهود والعرب في اسرائيل قد تراجع الى الوراء. وهذا هو هدف رائد صلاح وجمال زحالقة وأيمن عودة واصدقائه. اخطاء اجهزة الاستخبارات ساهمت في ذلك. ونأمل أنه ما زال يمكن اصلاح هذا الامر.
عن «هآرتس»