ضباط كبار في جهاز الامن يقولون : نتنياهو لا يثق برئيس الاركان

حجم الخط

هآرتس– بقلم ينيف كوفوفيتش

ضباط كبار في جهاز الامن يدّعون بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يبدي عدم ثقة كبير جدا تجاه رئيس الاركان افيف كوخافي. هذا التعامل كما يقولون تم التعبير عنه باستبعاد رئيس الاركان عن مواضيع حاسمة لأمن الدولة. حسب اقوالهم فان رئيس الحكومة تجاوز المرة تلو الاخرى مطالب رئيس الاركان بالقيام بالخطوات المطلوبة وتوفير الموازنات اللازمة لتنفيذ المهام الامنية لاسرائيل. في كل ما يتعلق بمواضيع حساسة فانه تقريباً لايوجد تعاون بين الاثنين.

مثال ملموس لشبكة العلاقات بين الاثنين تم الحصول عليه هذا الاسبوع، عندما لم يبلغ نتنياهو قادة الجيش بسفره للسعودية. كوخافي علم عن السفر فقط من وسائل الاعلام- بعد عودة البعثة الاسرائيلية المقلّصة  الى البلاد. ايضا اسماء اعضاء البعثة اثارت الدهشة في هيئة الاركان العامة. الى جانب رئيس الموساد يوسي كوهن،فقد رافق نتنياهو ايضا في سفره سكرتيره العسكري العميد افي بلوط. بيد ان هذا لم يبلغ ايضاً رئيس الاركان الذي هو تحت امرته. ضباط كبار في جهاز الامن والذين تحدثوا مع هآرتس يقولون ان هذه هي حالة واحدة فقط من بين العديد من الحالات التي تدلل على انعدام الثقة الصارخ لنتنياهو بكوخافي. انعدام الثقة القائم منذ تسلم الاخير لمنصبه تفاقم منذ ان تسلم بيني غانتس رئاسة وزارة الدفاع. “من ناحية نتنياهو فان غانتس وكوخافي يمثلان نفس الشخص”، يقول مصدر في محيط وزير الدفاع. “هما يسيران معاً منذ لواء المظليين، وغانتس عين كوخافي في سلسلة من المناصب التي مهدت طريقه لمنصب رئيس الاركان”.

غانتس من المهم ان نذكر، لم يكن هو الذي عيّن كوخافي رئيساً للاركان. كان هذا هو افيجدور ليبرمان، بما اعتبر في حينه كحل وسط مع نتنياهو. صحيح أن كوخافي اعتبر مرشحاً رئيسياً ولكن رئيس اسرائيل بيتنا فضّل نيتسان الون في حين ان نتنياهو دفع من اجل تعين سكرتيره العسكري السابق ايال زمير. عندما تم الاعلان عن هذا التعيين تأخر رئيس الحكومة عدة ساعات الى ان اصدر بيان دعم لرئيس لاركان الجديد. هناك، تقول تلك المصادر في جهاز الامن، بدأ انعدام الثقة الذي تعاظم عندما اصبح غانتس وزيراً للدفاع. “نتنياهو يعتقد ان اخلاص كوخافي سيكون اولا لغانتس”، يقول مصدر مقرب من رئيس ازرق ابيض، ويضيف ” هو حقاً يعتقد ان كوخافي سيبلغ غانتس حتى بالامور التي يرغب نتنياهو في اخفائها عنه، على سبيل المثال كل امر يرتبط بموضوع التطبيع مع دول الخليج ودول اخرى يتحدثون عنها”.

مصدر كبير، يعرف جيداً  الاشخاص الفاعلين ويشارك في محادثات مغلقة، يعتقد ان رئيس الحكومة يرى في كوخافي تهديداً مستقبلياً على الصعيد السياسي. “هو مظلي مثل غانتس، وضابط محترم، وسيم، طويل، يمتنع عن إطلاق تصريحات مثيرة للخلاف” هكذا يقول. “من ناحية نتنياهو فان هذا يشكل امكانية كامنة لرئيس حكومة في المستقبل. هو لن يعطيه الشعارات الذي ستخدمه في دعايته الانتخابية بعد 4 سنوات. حسب اقوال نفس ذلك المصدر، فانه ليس مهماً بتاتاً هل يوجد لكوخافي او لا يوجد طموحات سياسية. “لقد اخذ عبرة من غانتس والان خلف الزاوية ينتظره ايزنكوت”، هكذا يشرح. ” انه لا ينوي تكرار هذا الخطأ مع كوخافي”.

واجب التبليغ

على خلفية كل ما ذكر انفاً فقد جاء سفر رئيس الحكومة هذا الاسبوع الى السعودية، تجاه الخارج حاولوا في مكتب رئيس الحكومة وكذلك في الجيش عرض موقف يقول انه لا يتوجب ابلاغ رئيس الاركان بسفرات سرية من هذا النوع، حتى وان انضم اليها السكرتير العسكري فان بالامكان مطالبته بعدم ابلاغ قائده عنها. بيد انه في الغرف المغلقة تسمع اصوات مختلفة. ضباط كبار في جهاز الامن، في الماضي والحاضر، والذين تحدثوا مع هآرتس يقولون ان هذ الادعاء لا اساس له من الصحة. عندما يتعلق الامر بذهاب لمقابلة حساسة في دولة لا يوجد لاسرائيل معها علاقات رسمية، يتوجب ابلاغ الجيش، وهكذا ايضاً كان الامر لدى سفر نتنياهو في الماضي وكذلك من سبقوه في هذا المنصب. “قبل عدة ساعات من السفر يتصل السكرتير العسكري برئيس الاركان او برجالاته المقربين ويبلغهم عن السفر”، يقول مصدر امني سابق يعرف جيداً هذه القضية. “ليس هنالك ضرورة لتفصيل مضمون المحادثة ومن هي الشخصيات المشاركة، و لكن فقط الابلاغ عن مجرد الرحلة، الساعة، خط الطيران والزمن المقدر للعودة.

لا يدور الحديث عن بروتوكول وعن امر شكلي: لهذا الابلاغ يوجد اهمية حقيقية، يقول مصدر امني اخر كان في مركز اتخاذ القرارات بالنسبة لهذه المسألة. ” العديد جداً من هذه الرحلات يتم القيام بها بطائرات خاصة لمدنيين”، هكذا يشرح. “هذه رحلة طيران تتم من تحت الرادار وبصمت. غالباً الهبوط لا يتم في مطار دولي لتلك الدولة”. بالضبط، لهذا السبب حسب اقواله، يجب على الجيش ان يعرف: “ماذا كان سيحدث لو ان هذه الرحلة الجوية التي يوجد عليها رئيس الحكومة ورئيس الموساد كان يتوجب عليها القيام بهبوط طارئ في اراضي معادية بسبب خلل؟” تساءل. “ماذا كان سيحدث لو كان يتوجب تنفيذ ترك للطائرة وكان هنالك حاجة لانقاذهم من داخل البحر او من اراضي معادية؟ هذا ببساطة فضيحة الّا يبلغوا رئيس الاركان او وزير الدفاع عن هذه الرحلة الجوية. مصادر في الجيش الإسرائيلي يجب عليها ان تتأكد من ان هذه الرحلة الجوية قد هبطت في المكان المخصص وعادت دون ان تواجه أي تهديد”.

ولكن حسب ادعاء مصادر امنية رفيعة، فان هذه المسألة اوسع من الجانب العملياتي- الامني لها. “عندما يدخل رئيس الحكومة في اجراء طبي بسيط يحتاج الى تخدير فانه يبلغ وزير الدفاع او الشخص الذي يحل محله من اجل  الحفاظ على تواصل في الحكم” يقول احدهم والذي شارك في الماضي في ذهاب بعثات مقلصة وحساسة. “.ماذا يحدث لو ان هذه الطائرة تحطمت- من سيعرف من سيحل محل رئيس الحكومة؟ من سيتولى المسؤوية؟ هذا يعتبر استهتار بامن دولة اسرائيل بأوضح صوره الممكنة. ما هذه القصة التي تقول ان هذا سري؟ رئيس الأركان مطلع على اسرار الدولة الحساسة جداً الا يستطيع ان يحتفظ بسر رحلة جوية الى دولة سافروا اليها عدة مرات في السنوات الاخير”؟.

على هامش هذه الامور، قضية الرحلة الجوية طرحت موضوعاً متفجراً اخر: السكرتير العسكري ومسألة اخلاصه الوظيفي.”كل موضوع السكرتير العسكري هو اشكالي”، يدعي مصدر امني رفيع سابق يعرف جيداً هذه الوظيفة وتعقيدها. “هذه وظيفة يكون فيها لضابط كبير في الجيش الاسرائيلي رئيسان”. اذا امكن لكلا الرئيسين العمل معاً عندها سيكون الامر اقل اشكالية. ولكن عندما يكون رئيس الحكومة لا يثق برئيس الاركان فان هذا يخلق ازمة داخل الجيش حول مكانة رئيس الاركان ازاء ضباطه”.

الابعاد عن النقاشات

الى جانب الغضب في جهاز الامن يصعب القول ان رجاله كانوا مصدومين تماماً من قرار نتنياهو باسبعاد كوخافي عن اللقاء في السعودية. حسب ادعاء مصادر رفيعة، فانه في السنتين الماضيتين منذ تعيينه رئيساً للاركان كان هنالك المزيد من الحالات التي دللت على النظرة الاشكالية الذي يحظى بها من قبل رئيس الحكومة- وعلى ابعاده من نقاشات مهمة جداً. “كوخافي لم يكن جزءاً من كل الاتفاقات والمحادثات حول الاتفاق مع اتحاد الامارات والبحرين” يقول مصدر حكومي كبير مطلع على التفاصيل. “لقد علم عن الاتفاقات تقريباً لدى نشرها في وسائل الاعلام.
واضاف المصدر ان كوخافي لم يعرف مطلقاً ان الاتفاق مع الامارات يتضمن داخله صفقة بيع طائرات اف35 ووسائل متطورة اخرى. “يمكن ان نرى في ذلك فشلاً او تقديراً خاطئاً”، يقول المصدر، “ولكن هذا قبل المصادقة التي اعطتها اسرائيل على الصفقة، رئيس الحكومة يطلب من رئيس هيئة الامن القومي فحص الموضوع مع قائد سلاح الجو- ولم يقم احد منهما بابلاغ كوخافي عن مضمون المحادثة- ولكن هذه قصة اخرى. لقد اصبح هذا وضعاً من الواضح فيه للجميع ان نتنياهو لا يحسب حساباً لرئيس الاركان، هو لا يثق به ولا يحترم موقفه في المسائل التي تعتبر القلب النابض لجهاز الامن”.

بعد ان نشر في وسائل العلام عن اجراء المحادثة ما بين رئيس هيئة الامن القومي مائير بن شبات وقائد سلاح الجو الجنرال عميقام نوركن- دعى كوخافي الاخير لمحادثة توبيخ لان المعلومات اخفيت عنه. “المحاولة لعرض المحادثة ما بين نوركن وشبات وكأنه احد الاصدقاء من الكشافة اتصل وسأل “ما هو رأيك في بيع ال اف35 الى دول في الشرق الاوسط؟ ونوركن فقط قال “انا ضد” هذا بعيد بسنوات ضوئية عن مغزى هذا الحدث والى أي درجة هو خطير” يقول مصدر امني يعرف شبكة العلاقات المتوترة ما بين رئيس الاركان وقائد سلاح الجو. “نوركن كان يجب ان يتصل بكوخافي تلفونياً في نفس اللحظة ويبلغه بذلك. من غير الممكن ان يقول رئيس هيئة الامن القومي لقائد سلاح الجو “هذا الامر سر بيننا” ونوركن يتصرف كما تصرف.

اذا كان بالامكان هنا القول بان هذا كان عدم ثقة بواسطة مندوب، فان هنالك حالات كانت فيها العلاقات الاشكالية ما بين نتنياهو وكوخاقس اكثر وضوحاً. على سبيل المثال التصرف الذي سبق نشر “صفقة القرن” للرئيس الامريكي المغادر دونالد ترامب، والجديث حول امكانية الضم للضفة الغربية الذي ثار في اعقابها. “لم يكن احد في الجيش الاسرائيلي يعلم شيئا عن هذه الامور بما في ذلك رئيس الاركان، يقول مصدر امني كان يشغل وظيفة رئيسية في الطواقم التي شكلت في الجيش بعد نشر الخطة، بهدف الاستعداد لتداعيات ضم الضفة. “حتى اليوم لا يوجد في الجيش الاسرائيلي خرائط لهذه الصفقة وحتى اليوم كوخافي لا يعرف ماذا كان سيحدث فيما يتعلق بالضم”. حسب اقوال هذا المصدر، فان ” كوحافي فهم الوضع، هو ليس غبياً. عندما كنا نجلس في حوارات مع مصادر كبيرة حول الموضوع كان كوخافي يجلس صامتاً، لا يكثر الحديث ويسمح للضباط بأن يعرضوا له موقف الجيش”. السبب حسب اقوال ذلك الشخص هو ان كوخافي “يعرف بأنه اذا تحدث، فإن الموجودين في الغرفة يمكنهم ان يعرفوا انه مستبعد من كل هذا الحدث”.

لننتقل الى ازمة الكورونا، ايضاً هذه كانت ارضا خصبة للتوترات بين مكتب رئيس الحكومة ومقر وزارة الدفاع، يقول مصدر امني كبير. هنا القصة الرئيسية كانت سياسة الشراء. “لجهاز الامن والجيش الاسرائيلي يوجد مبعوثون في كل الدول الهامة” يقول المصدر، الذي كان جزءا رئيسيا في شراء وسائل مواجهة الوباء. “يوجد لهم ايضاً قدرة شراء ونقل لا توجد لأي جهة اخرى في دولة اسرائيل ولا حتى للموساد او للشاباك او لوزارة الخارجية”.

ولكن الجيش وملحقيه في عواصم العالم ظلوا خارجاً. “قرار نتنياهو بعدم استخدام جهاز الجيش ووزارة لدفاع من اجل ان يحضر لاسرائيل التطعيمات، اجهزة لتنفس ومعدات الوقاية واعطاء الفضل والوسائل للموساد، ليوسي كوهن، كان متعمداً”، يضيف ذلك لشخص. “في كل يوم كان هنالك اخبار عن عمليات مجهولة للموساد والذي احضر اقنعة او اقلام وبيانات تأييد لرئيس الحكومة لهذه المنظمة”. هكذا، يقول، من خلال تجاهل للجيش الذي ارسل الاف الجنود الى بيوت المسنين، ومن اجل توزيع الطعام في بني براك وكذلك انشأ فنادق للمتعافين. “اذن، في البداية كان هذا من اجل ان يأخذوا من نفتالي بينت الفضل، ولكن سلوكه مع كوخافي لم يتغير في أي مرحلة وبدون علاقة مع هوية وزير الدفاع. نتنياهو ببساطة لا يثق به”.

واذا كان السفر الى السعودية والمفاوضات مع دول الخليج والكورونا هي مواضيع محددة، هنالك ايضاً مسألة اخرى ترافق العلاقات بين الاثنين منذ شهور طويلة: الخطة متعددة السنوات “تنوفا”، والتي يحاول كوخافي الدفع بها قدماً دون جدوى. “حتى اليوم، يقول موظف حكومي كبير مطلع، “رئيس الحكومة معني باجراء نقاش في الكابينت السياسي- الامني والمصادقة او عدم المصادقة على خطة كوخافي”. حسب اقواله، نتنياهو لم يأتي حتى الى المرحلة التي يطرح فيها الخطة للتصويت هناك. “حتى هذا غير مستعد للمصادقة له عليه، عندها علينا الا نتحدث عن المصادقة على الموازنة لهذه الخطة والتي من الواضح للجميع انه لن يصادق عليها في يوم من الايام كما هي، هذا اذا صودق اصلا”.

بعد ان رفضوا اعطاء رد قبل النشر، فانهم في قسم المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي ارسلوا في هذا المساء رداً يقول: “المقالة ليس لها اساس، الجيش الاسرائيلي ورئيس الاركان يعملون بتعاون كامل مع رئيس الحكومة والمستوى السياسي”. من مكتب رئيس الحكومة وردنا رداً على المقالة: ” الادعاءات ليست صحيحة، رئيس الاركان كوخافي يحظى بالثقة الكاملة لرئيس الحكومة”.