هل يُمهّد لقاء "نيوم" لصفقة سلاح جديدة مع السعودية؟

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 


استهلت الولاية الاستثنائية لدونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة بالإعلان عن صفقة ضخمة لبيع سلاح للسعودية، التي تحقق فقط جزء صغير منها في النهاية. وخط النهاية لها، على خلفية شبه الاعتراف المتأخر للرئيس، هذا الأسبوع، بخسارته في الانتخابات ترافقها صفقة كبيرة أخرى. يبدو هذا أحد الأسباب التي وقفت في خلفية زيارة وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، للسعودية في بداية هذا الأسبوع. واتضح لاحقاً أنه انضم الى هذه الزيارة لعدة ساعات أيضا رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي التقى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
في مقر وزارة الدفاع في «الكرياه» قلقون من إمكانية ان تطلب الإدارة، التي انتهت ولايتها في واشنطن، تمهيد الأرض في الأسابيع القادمة لبيع سلاح متطور للسعودية. رغم زيادة سخونة العلاقات بين إسرائيل والسعودية يبدو هذا تطورا امنيا مقلقا اكثر من قرار ترامب بأن يبيع للإمارات طائرات حربية من نوع «اف 35» والكثير من السلاح الجديد. كانت الصفقة السابقة نتيجة لاتفاقات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل (وهناك من سيقولون إنها السبب الذي حركها). رفع نتنياهو المعارضة الإسرائيلية التقليدية لبيع السلاح للإمارات، التي قيدت الأميركيين خلال سنوات بسبب الالتزام بالحفاظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي. الاتصالات مع الإمارات وبعد ذلك الصفقة المحددة لبيع السلاح بقيت سرية عن الجمهور الإسرائيلي، وأيضا عن شركاء نتنياهو في الحكومة، ورؤساء «ازرق ـــ ابيض».
تكررت القصة، هذا الأسبوع، في رحلة نتنياهو للقاء في مدينة «نيوم» السعودية. وزير الدفاع، بني غانتس، ورئيس الأركان، افيف كوخافي، اكتشفا أن نتنياهو سافر الى السعودية فقط بعد عودته. وهما لا يزالان لا يعرفان ما الذي اتفق عليه هناك؛ لأن رئيس الحكومة امتنع عن إبلاغهما بشأن نتائج اللقاء. يبدو ان الصفقة مع الإمارات فتحت أيضا شهية ابن سلمان لصفقات كبرى والحصول على طائرات «اف 35» بشكل خاص. المشكلة، حسب وجهة النظر الإسرائيلية، هي أن السعودية ليست الإمارات. حدودها الغربية اكثر قربا من إسرائيل وعلى المدى البعيد لا يمكن معرفة الى أي درجة سيبقى حكم العائلة المالكة مستقرا، كذلك أيضا على ضوء النشاطات الواسعة لمنظمات إسلامية سنية في الدولة. ترامب وصهره جارد كوشنر والوزير بومبيو شعروا كأنهم في البيت وهم في الرياض، وسارعوا الى العفو عن صديقهم ولي العهد على ارساله من قاموا بعملية اغتيال الصحافي السعودي معارض النظام، جمال خاشقجي، قبل سنتين، وقطعوا جثته. علاقات ابن سلمان مع الرئيس المنتخب جو بايدن يمكن ان تكون اقل ودا.
المرشح لخلافة بومبيو في إدارة بايدن، طوني بلينكو، قال عشية الانتخابات الرئاسية لموقع «تايمز اوف إسرائيل»، إن «إدارة أوباما قررت بأن طائرات «اف 35» ستكون بحوزة إسرائيل وفقط إسرائيل في المنطقة»، وأن الإدارة الجديدة ستضطر الى أن تفحص بصورة معمقة الصفقة مع الإمارات. هذه الأقوال بالتأكيد تسري أيضا على الصفقة العتيدة مع السعودية.
على جدول الأعمال في اللقاء في «نيوم» كانت تقف كما يبدو أيضا مسائل أخرى. في السلطة الفلسطينية والأردن يخافون من ان إدارة ترامب ستضغط على إسرائيل للموافقة على إعطاء مكانة خاصة للسعودية في الحرم، وهو انجاز تطمح اليه العائلة المالكة منذ سنوات، وهو يقلق جدا المنافسين الآخرين على النفوذ في الحرم. وبالطبع لقاء ثلاثي كهذا – وتسريبه من ناحية إسرائيل – ينقل رسالة واضحة للايرانيين: السعودية وإسرائيل تتساوقان فيما بينهما، وتنويان مواصلة الضغط على طهران من اجل التشويش على تقدم مشروعها النووي، ولن تتراجعا عن الساحة بصورة تجران فيها الذيل فقط لأن ترامب اضطر الى اخلاء البيت الأبيض.
ولكن من الصعب القول، إن حملة «أقصى قدر من الضغط» التي قادها ترامب ضد ايران بالتشجيع النشط من نتنياهو وابن سلمان انتهت بنجاح مدو. في تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الأخير، الذي نشر في بداية هذا الشهر، قيل ان كمية اليورانيوم المخصب التي تملكها ايران، الآن، هي اكبر بعشرة اضعاف، واكبر من الكمية التي التزمت بها في الاتفاق النووي في 2015 (مستوى التخصيب مع ذلك منخفض). قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق قبل سنتين ونصف السنة تقريبا بحثّ من نتنياهو، فعليا حرك خطوات عقابية كبيرة ضد ايران، وأدى الى احتكاك متزايد بين واشنطن وطهران. ولكنه لم يجعل الإيرانيين ينسحبون ويعودون الى المفاوضات حول اتفاق يطالبهم بتنازلات اثقل.
بين دخول بايدن الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني وبين الانتخابات الرئاسية في ايران في حزيران سيتم استئناف المفاوضات النووية (وهذا كان سيحدث حتى لو انتخب ترامب لولاية ثانية). النشر الاستثنائي عن اللقاء – الأقل استثنائية – في السعودية رائع بحد ذاته، لكن حتى، الآن، لا توجد مؤشرات تنذر بتحول حاد الى هذه الجهة أو تلك. وحسب معرفتنا فإن السعودية لم تعلن بعد عن استعدادها للتوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل، ومن المشكوك فيه اذا كانت ستفعل ذلك في نهاية ولاية ترامب. بالنسبة لاحتمالية ان يبادر الرئيس بهجوم عسكري أميركي على ايران، ما زالت قائمة كما نشر هنا في الصحيفة في بداية هذا الشهر، لكن الاحتمالات تبدو اقل كلما أشار ترامب الى استعداده للتسليم بالاكراه بنتائج الانتخابات. ان خطوات أميركية ضد ايران بصورة لا تكشف تماما هوية ممثلها مثل عمليات تخريبية أو عمليات اغتيال أخرى ما زالت محتملة.
في نهاية شهر كانون الثاني سيدير السياسة في واشنطن في ظل حكم بايدن طاقم مدرب ورزين وله تجربة كبيرة. يبدو ان الكثير من كبار شخصيات الإدارة الجديدة، الذين سبق وخدموا في إدارة أوباما، يشتركون في موقفين رئيسيين: التزام بإسرائيل وعدم التعاطف مع نتنياهو، الذي حصل عليه رئيس الحكومة بجدارة في أيام الشجارات مع الرئيس باراك أوباما. سيكون الوضع هنا مثيراً أيضا.

عن «هآرتس»